«الوقت لا ينتظر أحدًا» قصة قصيرة للكاتب الدكتور حاتم نعام

الكاتب الدكتور حاتم نعام
الكاتب الدكتور حاتم نعام

سآخذ وقتي، سأفكر في الأمر، سآخذ وقتي، سأفكر في الأمر، هي طريقته للقضاء على فوضى تصرفاته السريعة ونتائجها الحمقاء، تعلمها في طفولته المبكرة من معلم الحصة بعد أن تعرض كثيرًا للحظات العقاب والضرب بالعصا، بعد أن كان متحمسًا بطريقة سريعة للإجابة على أي سؤال يطرحه المعلم، وتكون إجابته حمقاء كالعادة تثير غضب المعلم وسخرية زملائه وضحكاتهم، فيشعر بالقهر عندما يعاقبه المعلم بالضرب بالعصا أو بالوقوف إلى جانب سلة القمامة والصراخ في وجهه قائلا " لا تتسرع في الإجابة، خذ وقتك، فكر أولًا " في محاولة من المعلم  لبناء شخصية قوية متأنية غير متسرعة، تكرر ذلك كثيرًا.

 

بعد نهاية اليوم الدراسي يحاول أن يصل إلى بوابة الخروج من المدرسة وسط تدافع التلاميذ متجهًا إلى البيت، لم ينتبه إلى صحياتهم وصراخاتهم فرحة بانتهاء اليوم الدراسي، لم يسمع سوى صوت بداخله: أيها الغبي ماذا فعلت؟

 

أثرت كلمات المعلم وسخرية زملائه في المدرسة في تفوقه الدراسي فكان يذاكر جيدًا ويتأنى جيدًا قبل كل شيء خشية التسرع والتعرض للسخرية والقهر.

 

في هذا الصباح يشعر بصراخ أمه وهي تزيح الغطاء عن وجهه في محاولة لإيقاظه شاكية باكية على حاله وحالها فلم تعد قادرة على خدمته وتشعر دائمًا بالاضطراب والقلق من عدم اتخاذه قرارًا بالارتباط ببنت الحلال حتى الآن بعد أن بلغ الـ 38 عامًا من العمر.

اعتدل جالسًا وأخذ يحدق أمام تأفف أمه واستنكارها لفشله في الاستقرار في عمل دائم ومماطلته في اتخاذ قرار بالارتباط وضياع الكثير من الفرص في الحياة، قال تعلمت في المدرسة أن تكون قراراتي سليمة غير متسرعة حتى لا أتعرض للسخرية والقهر، لترد أمه الوقت لا ينتظر أحدًا، ومن تعلم في المدرسة فقط هو إنسان غير متعلم. وغادرت الغرفة غاضبة.

كلمات أمه المعبرة الصادقة العظيمة هزت بداخله مشاعر أحسها لأول مرة ووقف أمامها قليلًا، بعدها شد اللحاف على وجهه قائلًا "سآخذ وقتي سأفكر في الأمر".