تقرير| التلوث البيئي في غزة يشعل جرس الإنذار ويزيد من انتشار الأمراض

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

مع استمرار الحرب على غزة لأكثر من 50 يومًا، يجد سكان القطاع أنفسهم يواجهون معركة مأساوية أخرى، تتجلى في تلوث البيئة بشكل عام، وتتفاقم هذه المعاناة على وجه الخصوص نتيجة عدة أسباب، في مقدمتها تلوث مياه الشرب بعد أن قامت إسرائيل بقطع إمدادات المياه النقية عن القطاع، فلم يبقى لهم سوى مياه الآبار الغير صالحة للشرب والبحر المالح الملوث.


كيف يسهم تراكم النفايات في تفاقم أزمة التلوث البيئي؟

يظهر التلوث بشكل خاص في التجمعات السكنية مثل المخيمات ومراكز الإيواء التابعة للأونروا، التي أصبحت ملاذًا للسكان حيال هذه الظروف الصعبة بعد توقف آليات جمع القمامة عن العمل بسبب أزمة الوقود، لتحيط النفايات بتلك المناطق بشكل متزايد، مما يعزز تفاقم المشكلات البيئية والصحية.


تلوث المياه وتداعياتها على صحة أهالي غزة

وفي ذات السياق، تأثر قطاع غزة بشكل حاد وكبير بنقص المياه بسبب تضرر نحو 12 بئرًا نتيجة للقصف الإسرائيلي المستمر على أنحاء المدينة، وفقًا لتقرير لجنة الطوارئ في القطاع.

وحيال هذه الأوضاع، شهدت عدة مناطق في غزة حالة عطش ونقص حاد في المياه، ليعزز هذا الواقع أيضًا من التحديات التي يواجهها السكان المحاصرين، حيث يجدون أنفسهم في حاجة ملحة إلى الإمدادات الضرورية وخاصةً المياه النقية.

والعديد من سكان غزة أصبحوا يجدون أنفسهم اليوم مضطرين لشرب مياه البحر المالحة والملوثة، بسبب نفاد المياه النظيفة والوقود اللازم لتشغيل شبكات المياه، حسبما أفادت "سي إن إن" الأمريكية.

اقرأ أيضا: قذيفة إسرائيلية كل 5 ثوان| الاحتلال يتوحش جنوب غزة.. واليونيسيف: الصمت تواطؤ


أبرز الأمراض المنتشرة بين أبناء القطاع

وبسبب شرب السكان للمياه الملوثة تنتشر الأمراض بين أهالي غزة وينذران كلاهما بتدهور الوضع الصحي في القطاع، وتندرج الأمراض المتفشية في أنحاء القطاع تحت نطاقين رئيسيين، وهما التهاب اللوز واضطرابات الجهاز الهضمي. 

ويعزى سبب انتشار هذه الأمراض الناتجة عن استخدام المياه الغير صالحة للشرب إلى عدة أسباب أهمها قلة النظافة الشخصية، في حين يشمل الجهاز التنفسي الالتهابات الرئوية والإسهال والتهاب السحايا.


شوارع غزة لم تسلم من التلوث بسبب الجثث المتناثرة

وكذلك شوارع قطاع غزة لم تسلم من التلوث بسبب وجود الجثث المتحللة على جوانب الطرقات لصعوبة انتشالها نتيجة لحصار المنطقة القائم من قِبل قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، ما أدى إلى تحللها وتعفنها وتزايد خطر نقل البكتيريا والفيروسات للسكان، ليعزز هذا أيضًا من مدى الكارثة الإنسانية التي يعيشها أهالي القطاع ويضيف الكثير والكثير إلى الفوضى البيئية الراهنة.

فبينما تئن زوايا القطاع من الفقد، تراكمت في الزوايا الأخرى الجثث والأشلاء التي مازالت تحت الأنقاض أو على جوانب الطرقات، التي لم تجد طريقًا إلى الدفن بسبب صعوبة العثور عليها، ما أدى إلى تحللها وتعفنها وتزايد خطر نقل البكتيريا والفيروسات للسكان بجانب تلوث البيئة والتهديد الصحي الخطير الذي يتفاقم أيضًا بسبب انقطاع الخدمات الأساسية عن القطاع مثل الماء والكهرباء والوقود.


تلوث الهواء الناجم عن الغارات

حتى الهواء الذي يتنفسونه سكان القطاع قد أصبح نفسه ملوثًا نتيجة للغارات الإسرائيلية والقنابل التي تعصف بأنحاء القطاع مُشرِّعة موادها الكيميائية في الهواء، مما يسهم في تدهور الأوضاع الصحية ويزيد من مخاطر انتشار الأوبئة في غزة.

تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن الاكتظاظ هو العامل المساهم الرئيسي في انتشار الأمراض، بما في ذلك أمراض الجهاز التنفسي الحادة، وهذا الوضع يثير مخاوف صحية وبيئية، وقد يؤثر في الصحة خارج حدود قطاع غزة. 

بينما يشير الأطباء في القطاع، إلى أن انتشار الأمراض التنفسية يعود جزئيًا إلى الضربات العسكرية الإسرائيلية التي تتسبب في إطلاق مواد ضارة مثل البارود والمتفجرات، مما يؤدي إلى نشر غازات تسبب تأثيرًا خطيرًا على الجهاز التنفسي للأطفال والنساء.

وقال طبيب الصحة العامة، ناهض أبو طعيمة، إن المرضى يصلون إلى المستشفيات مصابين بأعراض أمراض تنفسية حادة وخطرة، وذلك بسبب القذائف والصواريخ التي تطلق على السكان وتحوي مواد مثل البارود والمتفجرات، وعندما تنفجر وتحترق تنبعث منها غازات مليئة بالكربون الذي يؤثر في الجهاز التنفسي.

وأكد أبو طعيمة، على أن دمار المباني نتيجة للقصف يسفر عن انبعاث الغبار والأتربة من مواد البناء، مما يعرّض السكان لاستنشاق الجسيمات الدقيقة ويؤدي إلى تأثيرات سلبية على الجهاز التنفسي.

وأشار الطبيب ناهض، إلى أن الأطفال يتأثرون بشكل أكبر نظرًا لأن جهازهم التنفسي لم يكتمل بعد وهو في طور النمو، مما يجعلهم أكثر عرضة لتشوهات في الجهاز التنفسي وأضرارًا مزمنة ناتجة عن استنشاق الدخان والجزيئات والفطريات، وكذلك التعرض للمواد الحارقة أثناء القصف يتسبب في تدمير الأغشية المخاطية في الجهاز التنفسي، مما يؤدي إلى مرض الالتهاب الرئوي الاستنشاقي، فالضرر الحراري على الجهاز التنفسي هو المشكلة الكبيرة في غزة.

وينوه أبو طعيمة، على أن الفوسفور الأبيض الذي أطلقته إسرائيل في سماء غزة تسبب في حروق في القصبات الهوائية وأورام في البلعوم، وتتجلى أمراض التنفس في ظل انعدام الرعاية الصحية للنازحين بسبب انهيار المنظومة الصحية وازدياد انتشار الفيروسات التنفسية في فصل الشتاء.


بعد تدمير مرافق الصرف الصحي.. الغزيين أكثر عرضة للتلوث البيئي

كما ألحق القصف الإسرائيلي الغاشم أضرارا جسيمة بعدة منشآت كانت توفر خدمات المياه والصرف الصحي لأكثر من مليون شخص حسبما أفاد المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، وبسبب هذا الوضع، تراكمت مياه الصرف الصحي والنفايات الصلبة في الشوارع، وهو ما يشكل خطرا صحيا شديدا وواضحًا نتيجة لهذا التلوث الذي يتفاقم مع مرور الأيام في قطاع غزة.

وفي ذات السياق، فإن فقدان الوقود يفضي إلى إغلاق محطات الصرف الصحي ومحطات تحلية المياه، مما يشكل تهديدًا لصحة أكثر من 100 ألف شخص في غزة حرموا من الوصول إلى المياه النظيفة وكانوا عرضة للخطر بشكل كبير ومازال العدد في تزايد باستمرار فرض إسرائيل في الحصار على غزة.

وتتزايد المخاوف من انتشار الأمراض، خاصةً مع بداية موسم الأمطار، حيث من الممكن أن تضعف السيول أو الفيضانات التي ترافق فصل الشتاء، شبكات الصرف الصحي وتزيد من انتشار الأمراض بشكل مُتسارع.