تغزل "النول" بفمها وأنفها

منيرة.. فتاة قعيدة تحوّل تحدي الإعاقة إلى فن وريادة في الإسكندرية

منيرة، الشابة القعيدة من مدينة الإسكندرية تعمل علي النول
منيرة، الشابة القعيدة من مدينة الإسكندرية تعمل علي النول

لم تعرف الهزيمة إلى قلبها بابا، ولم يعرف السكون إلى حياتها على الكرسي طريقا، فدائما تتألق منيرة، الشابة القعيدة من مدينة الإسكندرية، بروح حيوية لا تعرف اليأس رغم تحديات الحياة التي واجهتها، وتصديها لشلل دماغي لم يكن عائقًا أمام إرادتها وحلمها في تحقيق النجاح والابتكار، وقد أظهرت منيرة مهارات فريدة في غزل "النول" بفمها، حتى أصبحت تنتج منتجات فنية رائعة تلفت انتباه الكثيرين.

اقرأ أيضاً| محافظ الإسكندرية يتفقد مشروع إنشاء السوق الدائمة بقرية بهيج ببرج العرب

تعد منيرة الأخت الثانية بين أربعة إخوة، ورغم الظروف الصعبة التي واجهتها هي وأسرتها، فإنها استطاعت أن تكسر قيود الإعاقة وتثبت أن الإرادة والعزيمة قوة لا تقهر.

محررة "الأخبار" زارت منيرة في منزلها، وهي تقوم بغزل النول، وتكتب بخيوط الصوف، بفمها وأنفها آيات الكتاب المقدس على أحد أعمالها الجديدة، وتقول شقيقتها الكبرى مارينا، منذ أن ولدت منيرة وهي عندها مشكلة في عظمة الفخذ، ومع نمو الطفل اكتشفنا أنها تعاني من الشلل الدماغي، وعندها أمراض كثيرة بسبب الجلوس، مثل أن المفصل بين القدم والحوض غير موجود بسبب الجلوس، وهي تمارس النول منذ 10 سنوات، وتعلمته من أخيها الصغير لما طلبوه منه في المدرسة، وهي لا تحب الجلوس بدون دور، فأخذت النول من أخيها الصغير، وبدأت تشتغل به بذقنها، فأصيبت بخراج في ذقنها، وبدأ في النزف.

وتضيف مارينا، أجرت منيرة جراحة في الذقن، ومع ذلك لم تتوقف عن العمل، وتقوم بالعمل بالدبوس بأنفها وفمها، وتقوم بغزل النول بفمها وأنفها، وشاركت في مهرجانات كثيرة، وتكتب آيات من الكتاب المقدس بالغزل بالنول، وبدأت تقوم بالتلوين والرسم، ومع تقدم الوقت تتقدم في صناعة النول.

تجد منيرة في فن غزل "النول" وسيلة للتعبير عن ذاتها وتحويل قصة حياتها إلى لوحة فنية، تبيع في كنائس الإسكندرية منتجاتها، حيث تقوم ببيع منتجاتها الصوفية للزوار  وقد لاقت منتجاتها استحسان الناس، حيث تتميز بالجودة العالية والتصميم الفريد.

تساعد والدتها، ثريا حنا، منيرة بشكل كبير في تحقيق أحلامها. تكون والدتها الداعمة التي تقوم بمرافقتها إلى المدرسة والمعارض، وتشجعها على الابتكار والتطوير المستمر.

وتقول ثريا حنا والدة منيرة، هي تقوم بتحديد الصفوف بأنفها، وتقوم بعمل الغزل بفمها، وتقوم بعمل النقاط منفصلة في الكلام، يعني نقاط الحروف تقوم بتحديد موقعها بشكل منفصل، وهي التقت البابا تواضروس، وكرمها مرتين، وبحضور وزير الشباب، إلا أني لم أتمكن من إرسالها لوزير الشباب بسبب صعوبة الانتقال، وحلمها أن تجني المال بنفسها، ويكون لها مصدر دخل، يعني أمنيتها أن تشتري تابلت من أموالها الخاصة، وتقوم بتوفير نفقات بيع أعمالها بالنول، لشراء التابلت، وهي معتمدة على مهرجان الكنيسة السنوي، وتقوم بعرض منتجاتها فيه.

ولقد كرم البابا تواضروس والراحل البابا شنودة إصرار منيرة وإبداعها في فن النول، مشيدين بروحها المثابرة وقوتها النفسية في التغلب على الإعاقة.

حلم منيرة الكبير بالإضافة لشراء تابلت بأموالها الخاصة، هو أن يكون لها مدرسة تتعلم فيها، والذي يمثل لها وسيلة لاستكمال تعليمها وتطوير مهاراتها، إن هذا الحلم يعكس إصرارها على التقدم والنجاح رغم كل الصعوبات كما أنها تحلم بمقابلة الرئيس عبد الفتاح السيسي لإنها تدعمه بقوة وترفض أي كلام معارض لسياسته في التليفزيون مثلا، ودائما تصلي من أجله.

في نهاية المطاف، تعد قصة منيرة قصة إلهام وأمل للكثيرين، تثبت أن الإرادة والعزيمة يمكن أن تحقق المعجزات، وأن الإبداع لا يعرف حدودًا، حتى في وجه التحديات الكبيرة.