دكتور أيمن الغندور يكتب: لا للتهجير.. لا لتصفية القضية الفلسطينية

دكتور أيمن الغندور
دكتور أيمن الغندور

«لا للتهجير .. لا لتصفية القضية الفلسطينية» كلمات قالها الرئيس السيسى فى اجتماع القمة العربية الاستثنائية التى انعقدت مع بداية العدوان الإسرائيلى على غزة ،  ويرددها الرئيس السيسى ويؤكد عليها فى كل محفل عالمى أو إقليمى وكل لقاء جماعى أو ثنائى مع رئيس أو ملك أو رئيس وزراء أو وزير أو دبلوماسى لدولة أجنبية أو عربية أو ممثل لمنظمة دولية  عالمية أو إقليمية حكومية أو خاصة ، للتعبير عن الموقف المصرى الرافض لتهجير سكان غزة من أراضيهم  ، فإسرائيل وجدت الفرصة سانحة عقب هجوم الفصائل الفلسطينية على إسرائيل فى 7 أكتوبر الماضى واحتجاز مجموعة من الأجانب والإسرائيليين المدنيين ومجموعة من جنود جيش الاحتلال الإسرائيلى  ، كيما تقوم مطالبة إسرائيل سكان قطاع غزة بالتوجه جنوباً نحو سيناء مر أكثر من خمسين يوماً على الحرب فى غزة، ولا يتوقف العدوان الإسرائيلى على غزة ، فليلا نهارا تقصف الطائرات والمدافع والدبابات الإسرائيلية قطاع غزة، إن ما تقوم
والهدف المعلن لإسرائيل من الحرب على غزة كما حدده رئيس الوزراء ووزير الدفاع هو : القضاء على المقاومة الفسطينية وحركة حماس خاصة وتدمير عناصرها وبنيتها العسكرية، وتحرير المحتجزين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية. 

إلا أنه من خلال استمرار القصف على غزة برا وبحرا وجوا مع وجود دعم أمريكى وغربى غير محدود لإسرائيل ، يشير إلى أن هذه الأهداف المعلنة تخفى وراءها هدف خفى ، ألا وهو تهجير سكان غزة نهائياً إلى سيناء ؛ وذلك حتى لا يشكلوا تهديداً للمستوطنات الإسرائيلية ، وتقضى على حلم إعلان قيام الدولة الفلسيطينة والقبول بحل الدولتين وحتى تكون إسرائيل دولة يهودية خالصة خالية من الفلسطينيين نهائياً ، 
وتم التوصل إلى هدنة موقتة لوقف إطلاق النار .

وتقوم استراتيجية إسرائيل لتهجير سكان قطاع غزة على محورين : المحور الأول - عبر خلق ظروف غير مواتية للحياة فى قطاع غزة ، وذلك من خلال قطع كافة المساعدات الغذائية والطبية والطاقة والمياه ومحاصرة المستشفيات، والقصف المستمر لقطاع غزة، بهدف تدمير البنية التحتية من منازل ومدارس ومستشفيات ومحطات مياه وكهرباء وطرق ومزارع ، فلم يسلم منها بشر ولا شجر ولا حجر ، بهدف تسوية قطاع غزة بالأرض ؛ وذلك لخلق ظروف يعب معها بقاء سكان قطاع غزة أحياء فى القطاع ، مما تدفعهم الرغبة فى النجاة بحياتهم إلى الخروج خارج قطاع غزة نهائيا والتوجه جنوباً بحثاً عن أسباب وسبل الحياة . والمحور الثانى - عبر ترويع وتخويف سكان غزة من خلال الممنشورات التى تلقى عليهم وتطالبهم بالتوجه جنوباً وتحذيرهم من مصير من سيبقى بالقطاع عند اجتياح قطاع غزة بريا من قبل جيش الاحتلال ، فحينما يجد الفلسيطينيون المدنيون العزل أنفسهم فى مواجهة دبابات ومدرعات جيش الاحتلال التى تدوسهم دون أى رحمة أو إنسانية ، بعدما أنهكهم الجوع والبرد والمرض ، فخشية فقد حياتهم سيضطرون إلى التوجه جنوباً نحو سيناء خاصة إذا قامت إسرائيل بدفعهم لذلك عنوة عبر استخدام القوة .

ولا شك أن مطالبة إسرائيل لسكان غزة بترك منازلهم والتوجه جنوباً يعد تهجيراً لسكان الأراضى المحتلة ، ويمثل جريمة دولية فهى جريمة حرب ، وهى أيضاً جريمة إبادة جماعية ، فترحيل ونقل السكان من أراضيهم المحتلة يعد إحدى جرائم الحرب التى نصت عليها اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب الموقعة في 12 أغسطس 1949 ، حيث حظرت الاتفاقية فى المادة (49) منها تهجير وترحيل ونقل سكان الأراضى المحتلة لأى سبب كان ، فضلاً عن أن المادة (147) من الاتفاقية ذاتها عدت ضمن المخالفات الجسيمة للاتفاقية أفعال : النفي أو النقل غير المشروع إذا اقترفت ضد أشخاص محميين (سكان الأراضى المحتلة) ).وأيضا جرمت تهجير سكان الأراضى المحتلة المادة (6/ب) من ميثاق محكمة نورمبرج الخاصة بمحاكمة مجرمى الحرب العالمية الثانية . وكذلك فهى تمثل إحدى جرائم الحرب التى تختص بنظرها المحكمة الجنائية الدولية طبقا للمادة (8) من ميثاق روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية ، كذلك تشكل أيضا جريمة ضد الإنسانية حيث نصت عليها أيضا المــادة (7/د) التى حددت الجرائم ضد الإنسانية التى تختص بها المحكمة الجنائية الدولية .

فضلاً عما سبق فإن الدستور المصرى والحقيقة أن هذا يعد خُطة خبيثة من قبل دولة الإحتلال لتفريغ قطاع غزة من الفلسطينيين وإجبارهم على دخول سيناء بهدف تصفية القضية الفلسطينية ، حتى إذا ما طلب الفلسطينيون بإقامة دولتهم المستقلة قالت لهم إسرائيل أين الشعب الذى سيقيم على هذه الدولة ، بعدما ترك أهل غزة أرضهم ونزحوا إلى مصر فلا توجد دولة دون شعب.