إنها مصر

كيف تفكر إسرائيل؟

كرم جبر
كرم جبر

رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق يهود أولمرت، قال بوضوح: «كل دقيقة يبقى فيها نتنياهو فى السلطة هى ضرر لإسرائيل»، ودعاه إلى الاستقالة فوراً، فإسرائيل - على حد قوله - تحتاج الآن إلى قيادة تتمتع بالشجاعة والنزاهة والشعور بالالتزام الأخلاقي.


وتزداد الأصوات المطالبة بعزل نتنياهو فى إسرائيل ليس من أجل فلسطين ولا غزة، ولكن لأنه فى رأيهم لم يعد صالحاً للمرحلة، وتحميله مسئولية الفشل فى إجهاض هجوم 7 أكتوبر.


ولا يعنينا بقاء نتنياهو أو عزله فهو شأن إسرائيلي، والأهم هو إعادة إحياء القضية الفلسطينية وإخراجها من غرفة الإنعاش، وعدم إهدار التضحيات الكبيرة فى الحرب المجنونة، واستثمار الارتباك الحادث فى إسرائيل.


نتنياهو يعتبر السلطة الفلسطينية عدوا لإسرائيل مثل حماس ويتهمها بدعم الإرهاب، وأولمرت يعتبرها غير صديقة لإسرائيل، ولكنها تعمل مع إسرائيل لمنع العمليات فى الضفة، ولا يمكن استبعادها من المفاوضات، حتى لا يتهم المجتمع الدولى إسرائيل بأنها لا تسعى إلى حل سلمي.
وهذا معناه ضرورة الدعم العربى والدولى للسلطة الفلسطينية كممثل شرعى وحيد للشعب الفلسطيني، حتى لا يضعها نتنياهو فى خانة حماس، ويقوم بمذبحة أخرى فى الضفة، بحثاً عن «العدد الجديد»، وأملاً فى استمراره فى الحكم بالمجازر والاعتداءات المستمرة.
وتغيرت أيضاً مواقف مختلف القوى الإسرائيلية من تأييد خطة نتنياهو بالتهجير القسرى إلى سيناء، خوفاً من ردود الأفعال الغاضبة لدى مصر، والمساس بمعاهدة السلام التى تحققت لإسرائيل بعد حروب تكبدت فيها خسائر كبيرة.
والبديل الذى يطرحه الإسرائيليون هو إقامة منطقة عازلة تحمى إسرائيل من أى هجوم فى المستقبل، ولن يتحقق ذلك لديهم إلا بعد القضاء على حماس، فى أقصر وقت ممكن، ولا تستمر طويلاً لتتحول إلى استنزاف عكسي.. ولكن كم تستغرق من الوقت؟.
صحيفة فاينانشيال تايمز توقعت أن تستمر لعام أو أكثر، وأن الأهداف تشمل تصفية ثلاثة من كبار قادة حماس الميدانيين وهم يحيى السنوار ومحمد الضيف ومروان عيسى، وفى المرحلة التالية قوائم بأسماء بقية قادة حماس والعناصر الفاعلة، فى 24 كتيبة.. يعنى حتى نهاية عام 2024.
ولمواجهة الضغوط الدولية المتزايدة بسبب سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين، وضعت إسرائيل خريطة مقسمة إلى أقسام ليتوجه السكان بموجبها إلى ما تسميه الأماكن الآمنة، بجانب قواعد للاشتباك السحرى فى الأماكن التى تتواجد فيها حماس، ووضع نظام جديد لغزة فى مرحلة ما بعد حماس.
هكذا يفكرون.


سارة كوهين مديرة دعاية الحملة الإسرائيلية فى الخارج ترى - أيضاً - أن حكومة نتنياهو لا يمكنها قيادة هذه الحرب، لافتقارها إلى شعبية واسعة، ورغم ذلك ترفض استبدالها، لأن إزاحته تعنى الخسارة، ولكنه يتحمل مسئولية الفشل، وعليه إنهاء مسيرته السياسية بعد ذلك.
ويعترف الإسرائيليون بأن سيناريو تدمير شمال غزة لا يمكن أن يتكرر فى الجنوب، حيث يوجد مليونان من المدنيين، ويستحيل إجلاؤهم بشكل جماعي.
وعلى حد تعبير «أولمرت» فإذا فشل نتنياهو فى إخبار العالم باستراتيجيته تجاه غزة، فلن يمنحه أحد الوقت لاستكمال القضاء على حماس وأولهم الولايات المتحدة.