فظائع الحرب على غزة.. أعداد هائلة خضعت لـ«بتر الأطراف» والأطفال يواجهون المأساة الأكبر

صورة من أحد المستشفيات
صورة من أحد المستشفيات

راح آلاف الشهداء الأبرياء في غزة ضحية للعنف والقصف والدمار الإسرائيلي الوحشي منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر الماضي وحتى اللحظة، ودفعوا حياتهم ثمنًا لهذه الحرب، وفُجعت آلاف الأسر بفقدان أحبائهم، وكانت شوارع القطاع شاهدةً على كل مأساة ودمار وفراق، ولكن بعض المصابين الذين تم انتشالهم من تحت الأنقاض، دفعوا ثمنًا آخرًا لهذا العدوان، إذ فقدوا أجزاءً من أجسامهم وخضعوا لعمليات بتر لأطرافهم سواءًا لأرجلهم أو لأيديهم، وكانت الحلقة الأضعف في هذا السياق هم الأطفال الذين أثقلت هذه التحديات القاسية كاهل بنيتهم الضعيف.

تركت هذه الحرب المستمرة، فظائعها في حياة الكثيرين من الأطفال ورافقتهم تأثيراتها التي حولت حياتهم رأسًا على عقب، ويجدون أنفسهم اليوم أمام تحديات من نوع آخر لم يعتادوا عليها من قبل، ليست فقط مواجهة المشاكل اليومية والخراب الذي يثيره المستجدات الحالية للحرب ولا حتى فقدان أحد أفراد عائلاتهم أو حتى جميعهم، لا، ولكن أيضًا في تأهيلهم نفسيا واستيعابهم لبتر أطرافهم ومعالجة صدماتهم النفسية العميقة الذي جلبها هذا الصراع الغاشم.


معاناة الأطفال بحروق وبتر للأطراف 

وفي ذات السياق، أكد المدير الإقليمي للصحة العالمية، أحمد المنظري، على أن تعطل عمل مستشفيات قطاع غزة أسفر عن هشاشة كبيرة في النظام الصحي بالقطاع، حيث لا تعمل سوى 9 من بين 36 مستشفى، وذلك بسبب تجاوز الطاقة الاستيعابية لها، مشيرًا إلى أن هذا الوضع يضعف القدرة على تقديم الرعاية الصحية اللازمة للمرضى.

وكشف المنظري عن الوضع الإنساني الصعب في قطاع غزة، عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، وقال إن نحو مليوني نازح في غزة يفتقدون لمأوى بسبب تدمير منازلهم أو نزوحهم منها.

وأضاف المدير الإقليمي للصحة العالمية، أن هناك أعباء هائلة تثقل كاهل الأطفال، الذين تضرر كثيرون منهم بحروق وبتر للأطراف، مما يتطلب إجراء عمليات جراحية في ظروف صعبة. 


عدد الأطفال مبتوري الأطراف ما بين 700 و900 طفل

قدرت منظمة أطباء بلا حدود، الأسبوع الماضي، أن أعداد الأطفال مبتوري الأطراف ما بين 700 و900 طفل قد بُترت أطرافهم سواءًا للأيدي أو الأرجل والبعض الآخر خضع لعمليات بتر أطراف متعددة، حسبما أفادت "العربية" الإخبارية.


الصحة العالمية: الجرحى يخضعون لعمليات بتر دون تخدير

ومن جهة أخرى، أشار المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، كريستيان ليندماير، في مؤتمر صحفي بجنيف، إلى الوضع المأساوي لبعض الجرحى في قطاع غزة، الذين خضعوا لعمليات بتر للأطراف دون تخدير بسبب نقص الأدوية وصعوبة الوصول إلى المستشفيات، مما يجعل حتى من الصعب على الجرحى الحصول على الرعاية الطبية اللازمة.

وقال ليندماير: إن "الجرحى في غزة يخضعون لعمليات بتر دون تخدير، لا أعرف النسبة، يمكن أن تكون 10% من عمليات البتر، 20%، أو حتى لو حدث ذلك مرة واحدة، فهو غير مقبول".

وفي سياق متصل، كشفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، عن تدهور الحالة الصحية في غزة، حيث يجد آلاف المدنيين الذين أصيبوا بجروح خطيرة صعوبة في الوصول إلى المستشفيات، وتحذر من أن العنف ضد المرافق الطبية سيؤدي إلى خسائر كبيرة في الأرواح.


الطفلة «لمى» تروي لحظة اكتشاف بتر ساقها

داخل قسم الحروق بمستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة، تتلقى الطفلة لمى الآجا صاحبة الـ 14 عامًا  العلاج، وكذلك شقيقتها سارة التي تبلغ 15 عامًا، حيث يجلسن في سريرين متجاورين، بعد أن أُصيبتا بغارة إسرائيلية في 12 أكتوبر الماضي، وتقول والدتهم إن طفلتها سما، التوأمة لسارة، وشقيقيهما الأصغرين يحيى وعمر 12 عامًا قد لقوا مصرعهم، حسبما أفادت "يورو نيوز" الإخبارية.

وفي ذات السياق، تظهر على رأس لمى، التي حلق شعرها جزئيًا، غرزٌ وآثار حروق وعلى جبينها أيضًا، بينما تشارك لمى قصتها بكل شجاعة، حيث تقول: "نُقلتُ إلى هنا، وطلبتُ منهم أن يساعدوني على الجلوس، وعندما فعلوا ذلك، اكتشفت أن ساقي قد بترت".

وأضافت الفتاة لمى: "شعرتُ بألم وضيق كبير في صدري حينها، ولكنني حمدتُ ربي أنني ما زلت على قيد الحياة"، وتابعت لمى، "أحلم بأن أصبح طبيبة في يوم ما، وسأركب طرفا صناعيا وسأواصل دراستي وهوايتي، سأكون قوية من أجلي ومن أجل أهلي".

مدير مستشفى ناصر بغزة: البتر أصبح خيارًا وحيدًا لـ«تجنب المضاعفات»

وأوضح مدير مستشفى ناصر، ناهض أبو طعيمة، أن قرار البتر أحيانًا يكون صعبًا جدًا، حيث يضطر الأطباء إلى المفاضلة بين إنقاذ حياة المصاب أو إنقاذ الطرف المصاب.

وأشار أبو طعيمة، إلى أنه أمام العدد الكبير من الجرحى ونقص الإمكانيات في القطاع، "أصبح البتر خيارًا وحيدًا لتجنب المضاعفات".