أوراق شخصية

اعترافات الأسيرة العائدة

د. آمال عثمان
د. آمال عثمان

قدَّمت المقاومة الفلسطينية صورة شديدة الإنسانية والرقى والتحضر، وأظهرت أمام العالم قيم وأخلاق المحارب العربي، وتعامله الراقى والإنسانى مع الأسرى والمحتجزين، وانعكس ذلك فى الابتسامات المتبادلة، ومصافحات الوداع ومشاعر الودّ، خلال مشاهد تسليم الرهائن للصليب الأحمر، التى فضحت التضليل الصهيوني، ومحاولات شيطنة المقاومة الفلسطينية وانتزاع إنسانيتها، من خلال منابر الكراهية والعنصرية، وبدت مشاعر الأسرى أشبه بالعودة من منتجع مع أصدقاء وليس مقار احتجاز لجنود المقاومة!!

ولأن الاحتلال الصهيونى يدرك أن الأسرى العائدين سوف يكشفون أكاذيبه، ويزيحون اللثام عن التضليل والتزوير، لذا منع الإعلام من التواصل معهم، بعد أن تعلم درساً قاسياً، وتلقّى الصفعة الأولى فى مؤتمر صحفى لأول أسيرة إسرائيلية محررة، وتصريحاتها التى كانت بمثابة كارثة على إسرائيل، ورغم كل الاحتياطات التى اتخذها الكيان الصهيوني، إلا أن حديث إحدى العائدات مع مذيع إسرائيلى أصابته بالصدمة والدهشة، فلم يقتصر حديثها على المعاملة الإنسانية التى تلقاها الأسرى فى غزة، وتلبية كل احتياجاتهم من طعام وماء ودواء، ونفيها القاطع لحدوث تعذيب أو اعتداء أو عنف، لكنها اعترفت بأنها شاهدت رهائن إسرائيليين ينزفون على الأرض، بمنطقة تبادل إطلاق النار بين المقاتلين والشرطة الإسرائيلية، وحين سألها: هل قتلهم الفلسطينيون؟ نفت قائلة إنهم قتلوا فى تبادل إطلاق النار.

فسألها: هل تعتقدين أن القوات الإسرائيلية هى من أطلقت النيران عليهم؟ ردت: بالتأكيد هم من قتلوا الجميع ومن بينهم الرهائن خلال هذا الاشتباك العنيف، وأثناء القتال المجنون الذى جرى فى غزة، أطلقت دبابة إسرائيلية قذائفها باتجاه منزل صغير، كان يتواجد به رهائن ومقاتلون، وقُتلوا جميعاً بنيرانها.

ليس هذا فحسب، وإنما فشلت إسرائيل أيضاً فى الترويج لما أطلقت عليه «السبت الأسود»، من خلال فيلم أنتجته ووزعته فى العالم، وأصابتها خيبة الأمل بعد العرض الخاص الذى نظمه الملحق العسكرى الإسرائيلى فى إنجلترا، بحضور سياسيين ومثقفين وإعلاميين، ورأى الصحفيون البريطانيون أن الفيلم لا يقدم أدلة تثبت ارتكاب حماس تلك الادعاءات الصهيونية، بل يهدف لتزييف الحقائق وتشويه الفلسطينيين، لتبرير المذابح ضد أهالى غزة، والمفاجأة أنه تضمن مشاهد تظهر عناصر حماس وهم يسألون أشخاصاً داخل السيارات إن كانوا مدنيين أم عسكريين، أى أنهم لم يتعمدوا استهداف المدنيين.

وعلى الجانب الآخر من المعركة التى خاضها الفلسطينيون بجسارة، هناك معركة أخرى خاضتها الشعوب العربية.. نستكمل الحديث عنها.