حسن فتحي.. الرائد العالمي لعمارة الفقراء

حسن فتحي
حسن فتحي

«مهندس الفقراء».. لقب أُطلق على المهندس المعماري حسن فتحي، صاحب فلسفة العمارة العربية المراعية للبيئة والأرض وما زال صدى فكر حسن فتحي ومشروعاته العمرانية تتردد في الآفاق، لطالما طالب بحق الفقراء في مسكن آدمي.

ولد المهندس المعماري الرائد حسن فتحي في الثالث والعشرين من مارس 1900 في مدينة الإسكندرية، لأسرة أرستقراطية. وفي سن الثمانية انتقل إلى القاهرة، حيث سكن مع أسرته في منطقة حلوان، وكان يهوى الرسم، مما أهله لدخول مدرسة المهندسخانة لدراسة العمارة، والتي تخرج فيها عام 1926.

عاش "فتحي" حياة رغدة وسهلة، لذلك عندما رأى الفلاحين صُدِم بفقرهم وسوء حالهم، فوهب نفسه لمساعدتهم وأراد أن ينشئ منازل إنسانية لفلاحي النيل. لذا يمكن القول إن قوته تكمن في أفكاره وليست في المباني التي قام بتصميمها، حيث لم يقدم طيلة حياته العامرة إلا ثلاثين مشروعاً من أشهرها "قرية القرنة"، ولم يكن يمل من حث المهندسين المعماريين على إعطاء البعد الإنساني في المقام الأول عند وضع التصميمات، إن هم أرادوا لمنجزاتهم العمرانية أن يُكتَب لها البقاء والصمود.

منذ عام 1963 حتى وفاته عام 1989 عمل حسن فتحي في العديد من اللجان في وزارة البحث العلمي المصرية والأمم المتحدة ومنظمة أغا خان. كما شارك في العديد من المؤتمرات الدولية والعربية، ومنذ ذلك الحين أصبح شخصية عالمية ويتردد اسمه في أنحاء العالم أجمع، حيث كان أول معماري من العالم النامي يحصل على جائزة أغا خان للعمارة عام 1980 والميدالية الذهبية للاتحاد الدولي للمعماريين في باريس عام 1984، وجائزة المعيشة السلمية المعروفة بجائزة نوبل البديلة.

أما محليا فقد حصل على جائزة الدولة التشجيعية عام 1959، والتقديرية للفنون عام 1969.

في عام 1946 تم اختياره لتنفيذ مشروع القرنة الجديدة في مدينة الأقصر، لكن تم إيقاف المشروع قبل انتهاء الأعمال فيه بسبب دمار ناجم عن فيضان نهر النيل، وتمت إثارة قضية حول الموضوع، واتضح أن هناك جهات لم تكن ترغب أن يمضي المشروع بناءً على فكر حسن فتحي.

يتحدث "فتحي" عن زيارته لقرية القرنة لأول مرة في منتصف الصيف‏، وكيف أنه اضطر للجوء إلى الظل ليحتمي من الشمس الحارقة فدخل مضيفة قريبة‏،‏ وفوجئ داخل مقصورتها بتيار بارد منعش من الهواء انبرى في البحث عن أسراره وتفسيره‏.‏ واكتشف أن هذا التيار كان سببه بناء المقصورة وظهرها إلى الريح الشمالية الباردة‏.‏ وقد فتح بناؤها التقليدي العبقري البسيط للريح فتحات صغيرة في صفين في أعلى الجدار‏.‏ كانت تلك اللمحة تخالف الشائع في التطبيق المعماري الذي يجعل الفتحات الكبرى في مواجهة الريح لاصطياد أكبر قدر من الهواء.‏

سافر "فتحي" إلى اليونان في أواخر الخمسينيات بعد أن قوبلت مشاريعه في مصر بالرفض من قبل المسؤولين، وخاصة مشروع تطوير القرية المصرية. في اليونان أنشأ معهداً باسم "دوكسياريس" أو علم الاستيطان، وعمل بالشراكة مع مهندس معماري شهير في مشاريع عدة كان أهمها مشروع مدينة المستقبل ومشروع نظام البنى التعاوني القائم على فكر حسن فتحي حول نظرية تقول إن شخصًأ واحدًا لا يمكن أن يبني بيتاً بمفرده، لكن عشرة أشخاص يستطيعون بناء عشره بيوت.

بنى حسن فتحي بيوتاً بالطوب اللبن، وسقفها بقباب صبغها بجمال معماري بديع، فلم يصممها كمهندس، يهتم بحساباته العلمية ومعاييره الهندسية في المتانة والتصميم فقط، لكنه طعّمها بروح فنان يرتبط ببيئته ويعشقها، ليضع لمساته الفنية الجمالية على المباني لتتجاوب مع البيئة المحيطة، بتكلفة اقتصادية بسيطة. ولم يكن البحث عن الأشكال المحلية مبعثه رغبة عاطفية للاحتفاظ ببعض من تذكار القرى القديمة، وإنما استعادة الإرث.

وقال "فتحي": "كنت أود أن أمد جسراً على الفجوة التي تفصل المعمار الشعبي عن معمار المهندس التقليدي، وأن أوفر صلة متينة مرئية بين هذين المعمارين في شكل ملامح مشتركة بينهما معاً".

وكان المهندس فتحي يرى أن استخدام مواد عالية التقنية، مثل قوالب الخرسانة المسلحة والحوائط الزجاجية، جرياً وراء التحديث، قد أدى بنا إلى كارثة مادية وإنسانية وقد حلّ المهندس حسن فتحي مشكلة تسقيف المباني، باستخدام القبو ذي المنحنى السلسلي، وبذلك امتنعت كل جهود الشد والانحناء والقص، واقتصرت على جهود الضغط على السقف.

المصدر.. مركز معلومات أخبار اليوم