عاجل

«خيانة زوجية».. قصة قصيرة للكاتب علاء عبدالعظيم

علاء عبدالعظيم
علاء عبدالعظيم

ماهي إلا حركة بسيطة أو هزة خفيفة لصخرة فوق الجبل حتى تبدأ الصخرة في التدحرج، وتدفع بقية الأحجار من حولها في دوامة هائلة مخيفة لينهار كل شيء من أعلى القمة الى الحضيض.

قصدت من هذا التشبيه تصوير الانهيار الذي حدث في حياة هذا الطبيب وزوجته سميرة، منذ أن بدأ الشجار يدب بينهما، ولا يدري ما الذي ركب رأسها فجأة، وكأن عفريتا قد استقر في جسمها، فما عدا يستطيع أن يتبادل معها كلمة حنان واحدة أو يرى في عينيها نظرة تشبه نظرات الحب التي كان يتمتع بها.

حاول معرفة عفرتتها، يهرش في رأسه، ويقلب الأمور على جميع اوجهها..  يسأل نفسه.. هل يمنع عنها شيئا من النقود.. أبدا.. فما هي تخرج كل يوم وتعود محملة بما قامت بشرائه من فساتين، وأحذية، وما خف حمله وغلا ثمنه، وهو صابر لا يحتج ولا يشكو بل يدفع لها ما تريد عن طيب خاطر.

ويتساءل.. هل يغضبها تأخره عن البيت، لكنه لا يحدث إلا في النادر، عندما يستدعيه مريض إلى عيادته أو في بيته، وهي تعلم أن عمله كطبيب يقتضي منه أن يسارع إلى إسعاف المرضى وإنقاذهم كلما دعوه إلى هذا الواجب الإنساني المقدس، ويلبي نداء تليفون ينقل صرخات الألم، وشكوى عذاب المريض وأنينه.

كلا.. ليس هذا ما يغضبها، أثقلت رأسه بالتساؤلات ينفث دخان سيجارته المشتعلة في عصبية وريبة، أنها تخلق من الحبة قبة، وتتصيد أسباب الشجار، وأصبحت عصبية إلى أقصى حد حتى خيل إليه أحيانا أنها شارفت على الجنون.

لا يمكن أن يكون وصل إلى علمها أية همسة أو حتى إشاعة، فهو لا يقابل كريمة إلا في الخفاء، وبعد أن يتأكد تماما أن أحدا لا يراقبه وهو يصعد الشقة الخاصة التي استأجرها ليجعلها عشا صغيرا لهذا اللقاء، وسميرة صريحة وعصبية ولا تستطيع أن تكتم شيئا في صدرها فلو كانت علمت بهذا السر لفاتحته به في الحال، ولحطمت الدنيا فوق رأسه وطلبت الطلاق، إنها اذن الحاسة السادسة، ولاشك هي التي بثت القلق في صدر سميرة، ولابد أن إحساسا خفيا بداخلها يأتي بأنني لم أعد زوجا مخلصا وفيا كما كنت من قبل.

انهار الطبيب فوق أقرب مقعد، واتخذ القرار الحاسم وهو أن يقطع علاقته بكريمة، واستغفر ربه، ونفذ بالفعل قراره.

بل شراسة وشجار سميرة زوجته لم ينقطعا، ووجدها تطلب منه الطلاق، وعندما سألها عن السبب أجابت في صراحة مذهلة، لأنها أحبت شخصا آخر وأرادت الزواج منه.

وعندما سألها كيف أحببته..  أجابته في هدوء.. بأنها أرادت الانتقام من علاقته بكريمة الراقصة، وحاولت أن تخونه بدورها، لكن الخيانة والانتقام تحولا إلى حب.