«لا تعاقبه» قصة قصيرة للكاتب إبراهيم الديب

إبراهيم الديب
إبراهيم الديب

قابلت المرأة الرجل التي كانت تنتظره معترضة لطريقه، غاضبة وهى تجر ابنتها الصغيرة التي لا تكف عن البكاء ثم قالت له: هل يصح أن يضرب ولدك ابنتي الصغيرة هذه دون سبب، ويقوم أيضاً بسبها بألفاظ بذيئة، ثم رفعت ذراع البنت التي تظهر فيه علامة الساعة، التي تركتها أسنان الصبي أثناء عضها.. فانحنى الرجل وقبل يد البنت الصغيرة في نفس مكان الساعة، أقصد العضة قبل أن يعطيها عشرة جنيهات فرحت بها تمنعت الأم في قبولها أول الأمر ثم وافقت على استحياء...

ثم أقسم الرجل بكل عزيز لديه أنه حتما لا محالة لابد أن يعلق الولد قليل الأدب في السقف، وأن يبدأ تربيته من جديد بالخيزرانة ولن يفلت بفعلته هذه بحق البنت البريئة... ثم أردف: ولن أذهب الساعة لعملي وسأعود للبيت في التو والحال، من أجل عقابه على خطئه في حق المسكينة... وأخذ يتساءل بينه وبين نفسه، وحاله أقرب للهذيان من الشخص السوي: كيف يفعل ابني ذلك.... فهدأت المرأة قليلا بعد موقف الأب الإيجابي بالوقوف في صفها، بعد أن قرأت على وجهه غضباً وشرا تقبض عليه نفسه تجاه، الصغير لفعلته .

فرق قلب الأم، وأصبحت في حال أقرب للصفح عن الولد منه للقصاص، وبدأت في محاولة لإثناء والده عن عقابه خوفا أن يصيبه مكروه، وتكون هي سبباً في ذلك.

فقالت: مستعطفة له بغريزة الأم وحنانها: خلاص سامحته والله العظيم أنا اكتفيت باعتذارك واستنكارك ما قام به، حرام والله العظيم إذا حاولت أن تؤذي الولد فلن أسمح لك أن تمسه  ودون أن تشعر: يا حبيبي يا ابني .

كان يمر أثناء حوار الرجل مع المرأة أحد أقارب والد الطفل الذي سأله ماذا بينك وبين تلك المرأة؟ فقال له: أنا لا أعرفها وهى أيضاً كذلك لا تعرفني, ومن خلال حديثها معي أعتقد أنها فهمت خطأ بأن لي: ابنا سافل قليل الأدب ضرب ابنتها وسبها بألفاظ بذيئة وعضها، وترك علامة الساعة في ذراعها. فوجدتها منفعلة ثائرة فأردت امتصاص غضبها وقمت بتطييب خاطرها لأن ذلك ينزع أسلحة عدوك عندما تعترف له بخطئك، فلم يتبق له في هذه الحالة الكثير للقيام به ضدك .

فعلت ذلك من أجل إنقاذ الصغير من العقاب الشديد الذي كان ينتظره، وما لا يحمد عقباه لو أنها قابلت أبوه الحقيقي، وشاهد الساعة مختومة بأسنانه على يد الصغيرة.. ولم أشأ أن أذكر لها بأنني لست والده، ولم أتزوج إلى الآن، عندما شاهدت علامات الهدوء والرضا تنسحب على وجهها باعتذاري لها بعد أن تغير رأيها بوقوفها مع الطفل في خندق واحد ليتحول الموقف بكامله لصالح الولد الذي لا أعرفه ..؟!