الفن يوثق جرائم الحرب

لوحة «أجرنيكا» لبيكاسو
لوحة «أجرنيكا» لبيكاسو

■ كتب: هاجر علاء عبدالوهاب

يعتبر الفن أداة لتوثيق الأحداث الكبرى من الحروب وصراع القوى مع الضعيف، لكن يبقى شبح العنف بصورته الوحشية الكامنة في نفس الإنسان، حيث لم تضع الحرب أوزارها ولم تخمد نيرانها، وهو ما يتعرض له المدنيون فى قطاع غزة من عنف دولة الاحتلال الإسرائيلي التى تستخدم كافة ترسانتها العسكرية للقضاء على المواطنين العُزل.

ما أشبه الليلة بالبارحة، ففى القرن العشرين كان الحدثان الأكثر تأثيراً هما الحربان العالميتان الأولى (1914-1918) والثانية (1939-1945)، ولأول مرة منذ قرون يصبح الفنان مبدعاً لعالم موازٍ للعالم المتخم بالدماء والقتلى، وليس مجرد أداة لنقل الأحداث.

فلوحة «جرنيكا» لبيكاسو التى استوحاها من قصف مدينة جرنيكا الإسبانية، فى إقليم الباسك، حين قامت طائرة حربية ألمانية وإيطالية مساندة  للإسبان بقصف المدينة فى 26 أبريل 1937 بغرض الترويع خلال الحرب الأهلية الإسبانية، وتعتبر هذه اللوحة رمزاً مضاداً للحرب وتجسيداً للسلام، وكأن اللوحة ترسم حاضرنا الذى نعيشه الآن من جرائم حرب ترتكبها دولة الاحتلال فى قطاع غزة.

لقد انتقد الفن فظاعة الحرب بوصفها آلة للدمار والخراب، فكانت لوحة «الثالث من مايو 1808» من أشهر لوحات الرسام الإسبانى فرنسيسكو دى جويا، التى تصوِّر إعدام الثوار رميًا بالرصاص، وعمليات الإعدام التى تعرض لها الشعب فى اليوم التالى للانتفاضة، حيث صوّر مجموعة من الجنود منحنى الرأس يوجهون بنادقهم نحو مجموعة من المواطنين العزل، وحرص جويا فى هذه اللوحة على جعل المنطقة التى يظهر فيها المواطن هى المنطقة المضيئة باللوحة ليسلط الضوء على انفعالات وجهه التى تلخصت فى الرعب والاستسلام للموت.

◄ اقرأ أيضًا | «المستوطنون».. أداة الصهاينة لقتل الفلسطينيين

أما لوحة «الليل» للرسام الألمانى ماكس بيكمان، فقد صوّر فاجعة الإنسان، ورغم أنه لا يصور بشكل مباشر معركة أو مشهد حرب معينة، فإن الصورة تعتبر واحدة من أكثر القطع تأثيراً فى فن ما بعد الحرب.

وهناك الكثير من الرسامين جسدوا بشاعة الحرب وقاوموا الخراب والدمار، بمختلف أشكاله وظلت أعمالهم خير شاهد على العديد من المآسى الإنسانية، وهى تعتبر وثائق بصرية خالدة ومرجعيات تاريخية. واستطاع الفنانون بفنهم انتزاع الحقد والكراهية من نفوس المجتمع وغرس قيم النُبل والحس الجمالى والعمل على بناء إنسان سوى على تذوق الجمال والحفاظ عليه، ومن يعلم فربما يجسد الفنان الفلسطيني - بعد أن تضع الحرب على غزة أوزارها - المآسى والدمار الذى عاشه أبناء هذا الشعب الصامد جراء القصف الإسرائيلى الهمجى.