فى الصميم

.. وتبقى القضية هى إنهاء الاحتلال

جلال عارف
جلال عارف

كنت أتمنى ألا يرتفع فى استقبال الأسرى العائدين من سجون إسرائيل فى الأيام الماضية إلا العلم الفلسطينى وحده، ومع ذلك فقد كان جيداً أن تكون أعلام كل الفصائل (وخاصة فتح وحماس والشعبية) مجتمعة إلى جوار علم فلسطين، ومعها الأمل فى أن تكون دروس الهجمة الوحشية الإسرائيلية المدعومة من أمريكا والغرب كافية لكى يفهم الجميع أن إرادة شعب فلسطين الموحد هى التى ينبغى أن تسود، وأن أى انقسام داخلى بعد ذلك سيكون جريمة لن يسمح شعب فلسطين باستمرارها.

وكنت أتمنى أن تكون الهدنة التى اضطرت إسرائيل للرضوخ لها قد شملت كل أرض فلسطين وليس غزة فقط، لكن الظروف حكمت بذلك لتترك آلة القتل الإسرائيلية تستمر فى ارتكاب جرائمها ـ فى أيام الهدنة ـ ضد الشعب الفلسطينى فى الضفة والقدس بصورة أكثر وحشية مما كانت عليه قبل ذلك، ليرتفع عدد الشهداء فى الضفة منذ اندلاع عملية «طوفان الأقصى» إلى حوالى ١٥٠ شهيدا، ويرتفع عدد المعتقلين من الشباب الفلسطينى فى الضفة إلى أكثر من ثلاثة آلاف فى خمسين يوماً!!

ما أريد أن أشدد عليه هو أن الحرب هى حرب شعب فلسطين كله، وأن ميدانها ممتد على كل أرضها، وأن القضية ليست حماس فى غزة أو فتح فى الضفة.. بل هى قضية احتلال يمارس جرائمه النازية منذ أكثر من ثلاثة أرباع القرن، ومازال يطلب المزيد ويهدد رسمياً بضرب الفلسطينيين بالقنبلة الذرية ويسعى من وراء الحروب والمجازر إلى إجبار الفلسطينيين على ترك وطنهم وفرض الخيار الصهيونى النازى عليهم: القتل أو التهجير!!

تمديد الهدنة ليومين إضافيين أمر جيد ما كان يتم لولا الجهود الكبيرة من مصر وقطر بعد الصمود العظيم للشعب الفلسطينى، ومع الضغوط من أمريكا التى بدأت تعانى من تكلفة انحيازها لإسرائيل ودعمها المطلق لحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطينى.. وهى تكلفة يعرف «بايدن» الآن أنها ستجعل أمريكا أكبر الخاسرين فى هذه الحرب..

ومع ذلك مازالت الإدارة الأمريكية تحاول تكرار اللعبة وطرح القضايا الفرعية فى الصراع بديلاً عن القضية الأساسية وهى الاحتلال الإسرائيلى التى لن تجد مسئولاً أمريكياً من أول بايدن إلى أصغر واحد من مساعديه أو مبعوثيه يتحدث عنه أو يناقش كيف نضع نهاية له بعد أكثر من نصف قرن من جرائم تخجل منها النازية، واستيلاء على الأرض وزرع للمستعمرات التى يسمونها مستوطنات، ورفض لكل قرارات الشرعية الدولية..

وهو ما لم يكن ممكناً لإسرائيل أن تفعله دون الحماية والدعم والتواطؤ من جانب أمريكا والغرب.

والطريق واضح لابد أن تتحول الهدنة المؤقتة إلى وقف دائم لإطلاق النار، ثم وضع العالم كله أمام مسئولياته لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى وتطبيق كل القرارات الدولية الملزمة بشأن ذلك.. الاحتلال هو القضية وليست مقاومته!!