«آفَةُ الفَقْدِ».. قصيدة للشاعر الدكتور محمد حجاج

الدكتور محمد حجاج
الدكتور محمد حجاج

مُفْتَتَحٌ

 أَعْطَيْتُها عَهْدِي فَلاكَتْ مُضْغَتِي

وَمَنَحْتُها لَقَبَ الأُمُومَةِ مِنْ دَمِي

وَعَرَفْتُ قَبْلَئِذٍ رِباطَ مَحَبَّتِي

أَنْ سَوْفَ يَقْطَعُهُ صَرِيخُ المَشْأَمِ

بِنُشوزِ غادِرَةٍ، وَغَدْرِ أَقارِبٍ

كَحُروبِ عَبْلَةَ قادَها عَمٌّ عَمِي

لَوْ كانَتِ القُرْبى شَفيعَةَ أَمْرِهِمْ

ما فازَ إِلَّا صادِقُ القَلْبِ الهَمِي

 

القَصيدُ

 

وَقَفْتُ أَبْكِي، وَراحَتْ وَهْيَ باكِيَةُ

كَعاشِقٍ قَدْ تَوَلَّتْ عَنْهُ عاشِقَةُ

يَسيرُ فَوْقَ دُموعِ اللَّيْلِ مُلْتَفِتًا

تَسيرُ عَنْهُ قَلِيلًا ثُمَّ تَلْتَفِتُ

تُشيرُ كِلْتايَدَيْها؛ كَيْ تُوَدِّعَهُ

إِذا مَضَيْتُ فَلا عَوْدٌ وَلا صِلَةُ

وَآفَةُ الفَقْدِ ذِكْرَى، لَوْ تُفارِقُهُمْ

أَيْضًا، لَحَلَّ بِهِمْ ما لَيْسَ يُمْتَقَتُ

يا ذِكْرَياتِ وِصالٍساءَ حاضِرُها

وَلَمْ تُراعِي وُعودَ الأَمْسِ... آمِنَةُ

شَكَوْتُ ما بِي لِدَرْبٍ قادَ مِشْيَتَنا

أَيَّامَ كُنَّا حَبِيبًا؛ حَيْثُ لا شَتَتُ

وَصارَ - مِنْ بَعْدُ - ذاكَ الدَّرْبُ مَهْلِكَنا

يَصِيحُ: يا لَيْتَ ما سارَتْ بِهِ أَمَةُ

يا لَيْتَ ما بَلَغَتْ أَحْداثُ قِصَّتِهِ

فَصْلَ الهَوى بِانْعِقادٍ ضَمَّهُ ثِقَةُ

وَيْحَ الوُشاة، فَما ذاعُوا سِوى شُبَهٍ

تَفْنِيدُها بِيَسِيرِ القَوْلِ يَنْصَلِتُ

وَلَوْ تَرَكْنا نَمِيمَ الحَكْيِ مُنْتَشِرًا

لَكانَ يُعْرَفُ في الفُسَّاقِ مَنْ شَمَتُوا

يَوْمُ الرَّحيلِ بِلا شَمْسٍ وَلا قَمَرٍ

فَلَيْسَ يَظْهَرُ إِلَّا الجُورُ وَالعَنَتُ

يَا لَيْتَ أيَّ نَهارٍ فيهِ مَكْرُمَةٌ

تَبْقَى، وَتُشْرِقُ بِالرَّحَّالِ مَرْحَلَةُ

يَزِينُ بالأَمَلِ الطَّوَّافِ غُرْبَتَهُ

يَرْجو التَّلاقِي، وَما يَرْجُونَهُمْ بُهِتُوا

فَفازَ بِالحورِ فَوْزًا يَسْتَعيدُ بِهِ

شَرْخَ الشَّبابِ، وَما تُدْنيهِ مَنْزِلَةُ

وَحازَ بِالنُّورِ ظِلَّ النُّورِ مَقْرُبَةً

يا حَظَّ مَنْ بِالهُدى حَفَّتْهُ مَرْحَمَةُ