تحت أضواء الهدنة المؤقتة.. غزاويون يعودون لمنازلهم شمال القطاع لأخذ أمتعتهم

صورة من غزة
صورة من غزة

تحت أضواء الهدنة المؤقتة التي تم التوصل إليها بين حركة "حماس" وإسرائيل والمستمرة لمدة أربعة أيام قابلة للتمديد، عاد الكثير من سكان غزة إلى منازلهم بعد أسابيع من التصاعد الخطير للقصف الإسرائيلي الذي دفعهم لترك منازلهم والتوجه جنوبًا في رحلة نزوح قاسية، وبعد انطلاق الساعات الأولى من الهدنة هرع بعض الغزيون لمنازلهم في الشمال بهدف أخذ أمتعتهم وتفقد ما تبقى من ممتلكاتهم وحملها معهم.

وبعد مرور 50 يومًا من الدمار والخراب الذي خلفه القصف الإسرائيلي الهائل على أرض غزة، انطلق السكان في رحلة عوادهم إلى بيوتهم المدمرة ليتفقدوا أنقاضها، حاملين معهم أحزان الفقد وآمال البقاء، يتجولون بين أنقاض بيوتهم، يتأملون الذكريات التي تلتصق بكل حجر وكل ركام، بعضهم ينتشل جثامين أحبائهم من تحت الركام، وآخرين يجمعون قطع الأثاث والمقتنيات الشخصية الباقية بمنازلهم، ويحملون معهم القليل مما تبقى من أمتعتهم، سواء كانت سلعًا غذائية أم ملابسًا، في لحظة يعلوها الحنين والألم.


معاناة البحث عن الأمتعة لتخفيف وطأة التغريب

فعندما نزح السكان للمرة الأولى من بيوتهم نحو جنوب القطاع، لم يكن لديهم الفرصة الكافية لجمع متعلقاتهم أو لأخذ غطاء أو حتى السلع الغذائية الجافة التي اعتادوا عليها في منازلهم، وكانوا يجدون أنفسهم بدون ملابس كافية وبطاطين ليتحملوا برودة الشتاء القارس وكذلك لم يكن لديهم مواد غذائية كافية يأكلونها هم وأطفالهم الصغار بسبب نقص الإمدادات التي تذهب لمراكز الإيواء نتيجة الحصار الذي فرضته إسرائيل على القطاع في السابع من أكتوبر الماضي، فكان من ضمن مخططهم للعودة لمنازلهم في الشمال بعد انطلاق الهدنة المؤقتة أن يأخذوا بعض أمتعتهم لحين يحتاجون إليها مرة أخرى.

وبعد السابع من أكتوبر المنصرم، وعقب هجوم "حماس" بعملية طوفان الأقصى، انهالت الغارات الإسرائيلية بشكل مكثف على أرجاء القطاع، ولم تعد بيوت السكان بنية مستقرة، بل صارت تشبه أطلالًا بلا حياة، حيث خلفت هذه الهجمات دمارًا هائلًا، ونتيجة لهذا الوضع، اضطر مئات الآلاف من الغزيين إلى ترك منازلهم والنزوح نحو جنوب القطاع ظنًا منهم أنه مكان آمن وخوفًا على حياتهم وسلامتهم من تصاعد وتيرة القصف في منطقة الشمال خاصةً. 


العائدين إلى شمال غزة يحملون أحلامهم مع بزوغ الهدنة المؤقتة

وبعد انطلاق الهدنة في يومها الأول توافد مئات الآلاف من سكان القطاع نحو بيوتهم مشيًا على الأقدام أو في عربات تجرها الدواب أو السيارت، رغم تهديد الاحتلال لهم بعدم الرجوع إلى منازلهم، وإلقاء طائرات الجيش الإسرائيلي منشورات تحذر الناس من مغبة العودة شمالًا.

وشهدت الساعات الأولى دخول العديد من النازحين إلى المناطق التي اضطروا للنزوح منها، بهدف قضاء أيام فترة التهدئة في منازلهم، وتجسدت أمامهم فرصة للاستمتاع بلحظات الراحة بعيدًا عن معاناة النزوح، التي لازمتهم طوال الفترة الماضية، ورغم أن الهدوء المؤقت جلب لهم بعض الارتياح، إلا أن ظروف الحياة المأساوية تظل تحيط بهم فهم لا يعلمون مصير أيامهم القادمة.


عائلات فضلت قضاء فترة الهدنة داخل منازلهم

وعندما عاد الكثيرون من السكان إلى شمال القطاع، وجدوا بيوتهم وممتلكاتهم مدمرة بسبب القصف الإسرائيلي الذي طال منازلهم، لكن حتى في تلك اللحظات الصعبة، شعر البعض بقليل من الراحة أمام المأساة الكبيرة، قياسًا بحجم المعاناة التي رأوها خلال فترة نزوحهم بمراكز الإيواء أو بالخيام التي شيدوها في العراء، وبدأوا بالبحث بين الأنقاض وتحت الركام عن باقي مستلزماتهم الضرورية، يحاولون تأمين ما يمكنهم استعادته من الملابس ليواجهوا برد الشتاء القارس والسلع الغذائية وألعاب أطفالهم وبعض الأشياء الأخرى، يجدون ما يخفف قليلًا من آلامهم ويُشعرهم بالدفء، بينما يظل البعض الآخر يحملون معهم ذكريات فقدان بيوتهم المهدمة مع مستلزماتهم.

وهناك أهالى آخرين عادوا إلى منازلهم في شمال القطاع، ووجدوها متضررة من الغارات الإسرائيلية ولكن لا تزال صالحة للسكن، فقاموا بالاستعداد لقضاء أيام فترة الهدنة داخل منازلهم، حيث اختاروا البقاء في بيوتهم بعيدًا عن مراكز الإيواء والخيام، التي كانوا يعيشون فيها بعد نزوحهم لجنوب القطاع.