فى الصميم

الرعب الذى تخشاه إسرائيل!

جلال عارف
جلال عارف

مع بداية الهدنة التى أوقفت مؤقتا حرب الإبادة التى تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطينى فى غزة، كانت الفرصة سانحة لكى يشهد العالم كله حجم الدمار الذى قامت به الصهيونية النازية فى غزة خلال خمسين يوما من الجرائم ضد الإنسانية من جانب إسرائيل تركت وراءها - حتى بداية الهدنة- أكثر من ١٥ ألف شهيد وعشرات الآلاف من المصابين معظمهم من الأطفال والنساء.

ومع أول أيام الهدنة كان رئيسا وزراء إسبانيا وبلجيكا ينهيان جولة فى المنطقة بزيارة للقاهرة ولقاء مع الرئيس السيسى، ثم بزيارة إلى معبر رفح، ومؤتمر صحفى بالقرب من مسرح المذابح التى قامت بها إسرائيل، ومع تدفق قوافل المساعدات الإنسانية عبر المعبر فى أول أيام الوقف المؤقت للقتال. ومن هناك كانت التصريحات التى عبر فيها رئيسا الوزراء الأوروبيان عن موقف متوازن ومتوافق مع القوانين الدولية ومع المبادئ الأساسية التى تتمسك بها بلداهما بينما يخونها الكثيرون من المتاجرين بحقوق الشعوب فى تقرير مصيرها والتمتع بالحرية والعدل والمساواة مثل باقى البشر.

من منطلق الموقف المتوازن والعادل لإسبانيا وبلجيكا طلب رئيس وزراء بلجيكا "دى كرو" من إسرائيل التوقف عن قتل المدنيين الفلسطينيين، مشددا على أن تدمير غزة أمر غير مقبول. بينما قال "سانشيز" رئيس وزراء إسبانيا إن الهدنة المؤقتة ليست كافية ولابد من وقف دائم لاطلاق النار. ورغم أن "سانشيز" و"دى كرو"، طالبا بإطلاق كل الرهائن وأدانا أى اعتداء على المدنيين من الجانبين، إلا أن الحكومة الإسرائيلية انتفضت لترد بغضب ووقاحة وخوف من مواجهة الحقيقة.

نتنياهو مارس هوايته فى الكذب بادعاء أن المسئولين الإسبانى والبلجيكى لم يحملا حماس المسئولية الكاملة عن ادعائه "ذبح مواطنيه المواطنين الإسرائيليين واستخدام الفلسطينيين كدروع بشرية" وهى الأكاذيب التى لم يعد أحد فى العالم يصدقها بعد اتضاح الحقائق..

أما وزير الخارجية الإسرائيلية فقد أدان ما سماه "المزاعم الكاذبة"، للمسئولين الإسبانى والبلجيكى. وكان استدعاء السفراء وتفاقم الأزمة هو التطور الطبيعى بعد ذلك. أما السبب الحقيقى للغضب الإسرائيلى بعيدا عن أكاذيب نتنياهو ووزرائه فهو تأكيد رئيس وزراء إسبانيا "سانشيز" أن إسبانيا قد تتخذ قرارها الخاص بالاعتراف بالدولة الفلسطينية إذا لم يفعل الاتحاد الأوروبى ذلك قريبا.

الاعتراف الدولى بدولة فلسطين المستقلة على حدودها الكاملة هو الرعب الذى تخشاه إسرائيل والذى بدأ العالم يعرف أنه ليس فقط حقا مشروعا لشعب فلسطين، بل هو الحل الذى لا بديل له لإنهاء الصراع والباب الوحيد ليسود الأمن والسلام فى المنطقة.