فى الدورة السادسة عشرة للسمبوزيوم .. سحر الأقصر يلهم فنانى العالم

 الدورة السادسة عشرة للسمبوزيوم
الدورة السادسة عشرة للسمبوزيوم

منى عبد الكريم

مع كل زيارة لمدينة الأقصر ثمة بوح تمنحه المدينة المليئة بالأسرار وبحكمة الأجداد لأولئك للقادمين إليها، ومنذ انطلاق سمبوزيوم الأقصر الدولى للتصوير والذى ينظمه صندوق التنمية الثقافية فى دورته الأولى عام 2008، وهو أحد أهم الملتقيات الفنية ليس فقط فى اختياره لتلك البقعة الساحرة التى تكشف عن عظمة الحضارة المصرية القديمة وتضع فنانى الملتقى فى اتصال مباشر لمدة أسبوعين بفنون المصرى القديم، ولكن كذلك فى تلك الحالة من التلاقى الفكرى والفنى والثقافى بين الفنانين المشاركين فى الملتقى من مصر والوطن العربى ومختلف أنحاء العالم. فالملتقى كما وصفه  د. وليد قانوش رئيس صندوق التنمية الثقافية يعد ميدانا لتواصل المبدعين لما يقدمه من إبداع فنى ورسالة سلام للعالم، خالقاً حوار ينعكس إيجابا على الحركة التشكيلية حيث إنه يقوم بدور فعال ومؤثر فى دعم وتنمية الحياة الثقافية . 
 

تقوم فكرة سمبوزيوم الأقصر فى جانب منه على انفعال الفنانين بمقومات الحضارة الموجودة بالمنطقة  ليعيدوا إنتاجها فى أعمالهم التصويرية، على اختلاف أساليبهم الفنية، لتطرح تلك التجربة سؤالا حول علاقة الفنان بالمكان، وكيفية صياغة تلك الرحلة فى تجربته الفنية الآنية بمعطيات العصر الحالى، وهو ما عبرت عنه وزيرة الثقافة د.نيفين كيلانى بقولها: إن الملتقى يفتح المجال أمام كل فنانى العالم، لمعايشة طبيعتنا الساحرة، وتاريخنا العريق، ليكون ذلك كله مثيرًا بصريًا وفكريًا لأعمالهم الفنية وتعبيراتهم الحُرة، التى تُنتج كل عام أعمالًا تمتزج فيها كل تلك المقومات المصرية الأصيلة بثقافات العالم فى دوله المختلفة.
وقد جاءت أعمال ملتقى الأقصر فى دورته السادسة عشرة، والذى اختتم مؤخرا، وشارك فيها ما يقرب من 17 فنانا عربيا وأجنبيا من 8 دول بالإضافة إلى مصر، لتعكس مزيجا من الأفكار فى علاقة الفنان بالمكان، إذ نجد أن عملى الفنان مهاب عبد الغفار الذين قدمهما فى الملتقى جاءا كامتداد لتجربته التى قدمها من خلال معرض «أرض البشر» والتى عرضت مؤخرا فى قاعة الباب وتقوم بالأساس على البحث فى علاقة الإنسان بالأرض وكذلك المكان، إذ يقول عبد الغفار إن المكان ليس هو فقط المكان المعاش ولكن كذلك تراثه وتاريخه، طبقاته التى تكونت عبر التاريخ والتى تنعكس داخل طبقات العمل الفنى، فمن الصعب الاقتباس والنقل المباشر من المصرى القديم، لكن حضور المكان القوى لابد وأن يترك أثره فى العمل الفنى برموز وتفاصيل تنتقل إلى المسطح.. 

اقرأ أيضا  القاهرة الإخبارية: عودة بعض النازحين من جنوب لبنان إلى منازلهم

وهو بالفعل ما انعكس فى عمليه بملتقى الأقصر.. حيث نرى تلك الرموز والتفاصيل التى ظهرت فى اللوحتين باستلهام من المصرى القديم، وكذلك فى ملامح بطلى العملين  أو فى جانب منها، حيث يحدث تلاحم بين الأبطال والكائنات الحية ورموز العمل، وكعادة أعمال عبد الغفار خرجت محملة بالحكايات والرموز، مسطحات محتشدة وفراغات تدعو للتأمل، وما بين العملين حرص الفنان على خلق حالة من التضاد بين الاختزال اللونى وبين البزخ اللونى بشكل مقصود، فى شكل من أشكال المغامرة الفنية التى تسجل قيامه بتلك الرحلة.
الاستدعاء الخاص بالمصرى القديم حاضر كذلك فى أعمال الفنان تيسير حامد منذ البداية فبمسطحاته تكوينات تشكيلية تتضافر بها الكثير من الرموز والرسومات الغنية بتيماتها التراثية والحضارية، حالة التكثيف حاضرة بقوة فى أعماله منذ تبلور شكل تجربته الفنية الآنية بداية من 2013، لوحاته تبدو كجداريات تحمل لوحات متضافرة يشعر معها المتلقى وكأنه يقف أمام متوالية من اللوحات المتداخلة داخل العمل الواحد، وهو ما ينعكس فى فلسفته التى فسرها من قبل قائلا:  أستنبط من رحلتى تفعيل الحوار اللونى كحاويه تحمل متوالية حسية حافله باللاشكلية بحريه ذهنيه شديده لتحقيق فضاء بصرى عميق... 
 ذلك العمق الذى وصل إليه من خلال تأمله العميق فى مئات الأعمال الفنية التى تنتمى للحضارات التى تعاقبت على مصر، حيث يقول: لم أترك متحف إلا وزرته، ولم أترك عملا ينتمى للفن القديم أو الفن الإسلامى أو القبطى إلا وتأملته جيدا، حيث تتراكم كل تلك المشاهدات داخل عقلى. 
أما الفنانة السكندرية الشابة عاليا عيسى فقد كان المكان وحكايته هو الملهم للوحتها بملتقى الأقصر التى استلهمتها من زيارتها لدير المدينة، إذ تتناول فى عملها بالأقصر بئر دير المدينة، فقد كانت المنطقة  فيما مضى مقرا لأمهر الحرفيين والفنانين الذين كان يعملون فى تشييد المقابر والمعابد الملكية ، وقد عثر هناك على بئر ملىء بالرسائل التى كان قاطنى المدينة يلقونه فيه، والتى تم الكشف عنها مؤخرا.
أما الفنان الشاب عمر سنادة- فتجربته الفنية تقوم بالأساس على العلاقة بالمدينة.. وهو مهتم كذلك بالتضاريس وعلم الآثار والخرائط والناس وعلاقتهم بالمدينة، وقد ارتبطت أعماله الفنية بشكل كبير بمدينة الإسكندرية حيث تخرج من  كلية الفنون الجميلة هناك. 
والحقيقة أن علاقة سنادة بالأقصر كمدينة لم تتوقف عند مشاركته فى سمبوزيوم الأقصر حيث زارها أكثر من مرة، وفى عام 2015 قام بزيارة فنية إليها من خلال برنامج «شمال وجنوب» الذى نظمته مكتبة الإسكندرية، وما بين 2015و2023 يتتبع عمر تلك التغيرات التى تعكس اختلاف علاقته بالأقصر من وقع حالة التغير التى تشهدها المدينة..  حالة الدهشة التى تنبثق من ذلك التضافر بين المعابد والآثار والحياة المجتمعية المحيطة .. 
يقول سنادة: الحضارة المصرية القديمة مثير رهيب لأى فنان، لكننى لا أبحث عن التأثير المباشر بل أذهب لما هو أعمق من ذلك، فى أحد عمليه بملتقى الأقصر يقدم سنادة جزء من خريطة الأقصر ليضع قراءته للمدينة الحالية ويشير من خلالها للأماكن التى تضم مواقع أثرية دامجا كل ذلك فى صياغة فنية تعد امتدادا لتجربته التشكيلية، أما اللوحة الثانية فيعيد من خلالها تصور مبانى القرنة التى تم هدمها، ليضع تخيله عن شكل الحياة التى لم تعد موجودة بالفعل.
الفنانة الأرمنية لوسينه تومانيان كذلك قررت أن تبحث فى علاقة الإنسان بالمكان وبالمدينة، ففى إحدى لوحتيها تصور تمثال رمسيس بضخامته والإنسان ببساطته معا فى نفس اللوحة، فى لقطة أقرب للتصوير الفوتوغرافى اعتمادا على اللونين الأبيض والأسود.. لقطة واقعية مدهشة ومفعمة بالإحساس، إذ تقول: لم أرغب فى تسجيل الآثار كما هى وإنما فى تقديم شىء غير متوقع يعكس واقع المدينة، وقد حرصت على أن أرى أكبر كم من المشاهد قبل أن أبدأ عملى، واخترت أن تعكس لوحاتى ما رأيته بالفعل وليست من الخيال، وعلى الرغم من أنها المرة الأولى التى تزور فيها الأقصر إلا أن معرفتها بفنون المصرى القديم بدأت بدراستها للفن والذى يتضمن التعرف على الحضارات المختلفة، ولكن معايشة الحضارة عن قرب من خلال مشاركتها فى ملتقى الأقصر ترك أثرا عميقا داخلها، صاغته فى عبارتها: أريد أن أحتفظ بهذه المشاهدات فى روحى وفنى لأطول وقت ممكن.
الحقيقة أن تتبع اختلاف تأثير الرحلة على الفنانين المشاركين كان من الأمور التى تثير المخيلة، كيف جاء وقع المكان لمن يعايشونه للمرة الأولى، تلمس أوائل زيارات الدهشة، هذا التعبير الذى أستعيره دائما من اسم كتاب محمد عفيفى مطر للبدايات المدهشة، فالفنانة النيبالية سانجى شريستا تزور الأقصر كذلك للمرة الأولى، تتفاعل مع عناصر المصرى القديم بشكل مباشر لأول مرة، إلا أنها تقول: رغم أنها المرة الأولى فعليا إلا أننى  زرتها كثيرا فى خيالى وأفكارى، فأنا مفتونة بالحضارة المصرية القديمة بحكم دراستى للفنون الجميلة التى تتضمن فى جانب منها التعرف على فنون مصر القديمة، وأنا الحقيقة لم أكن أعرف شيئا عن مصر المعاصرة ولكن مصر القديمة هى التى تسكن خيالى. 
وتميل سانجاى إلى البساطة فى أعمالها، حيث تمزج فى واحدة من لوحاتها بين اللون الأزرق كمعادل للنهر وتكوينات الحجارة التى تحيلنا للمعابد والآثار، بينما يقف بطل العمل وكأنه شاهد على تلك اللحظة، أما فى عملها الثانى فتوظف زهرة اللوتس بينما يرتدى بطل العمل زيا مستلهما من المصرى القديم، ويبدو رسمها للوجه بصياغة هندسية هو بصمتها التى تصحبها من عمل لآخر، حيث تبدو العين التى تخرج من سياقها وكأنها تؤكد أهمية فعل الرؤية ومحاولة للتعمق والفهم، إذ تقول سانجاى: هذا الوجه يرمز لأنفسنا ، للبشرية الشاهدة على الأحداث والمحيط.
تحقق سانجاى حالة الامتزاج بين الثقافات فى عمليها، من خلال توظيف مفرداتها وتلك العناصر التى استلهمتها من رحلة فى الأقصر وتلك المفردات التى تنتمى لثقافتها من جهة أخرى، فى إحدى اللوحتين تستخدم  اللون الأصفر الذى استلهمته من جدران المعابد وتضيف إليه بعض الزخارف التى استلهمتها من الثقافة النيبالية، كما وظفت زهرة اللوتس التى تحمل نفس الرمزية فى الثقافتين المصرية والنيبالية، وكذلك فإن استخدامها للدائرة البيضاء فى العملين ينقلنا بين الليل والنهار، إذ تتحول نفس دائرة الضوء فى مخيلتنا إلى الشمس تارة وإلى القمر تارة أخرى، لكنها فى الحقيقة تعنى بها دائرة النور وحالة الاستنارة التى يسعى إليها الإنسان.
ولم يكن حاضر المدينة فقط بذلك المزيج الفريد بين الماضى والحاضر هو الأمر الوحيد الذى أثر فى الفنانين، لكن كذلك العامل الزمنى باختلاف الليل والنهار، قوة نور الشمس التى تطبع فى الذاكرة ألوان المدينة التاريخية التى تنعكس فى المعابد والآثار، فى مقابل سكون المدينة تحت ستار الليل وإعادة اكتشافها بعين جديدة مع الأضواء الصناعية، ليظل ذلك المشهد البديع حاضرا فى وجدانى بينما ننتقل بالحنطور - الذى يعد سمة مميزة من سمات المدينة-  إلى السوق القديم حيث رائحة التوابل وألوان الأقمشة بينما نمر على طريق الكباش المضىء بشكل ساحر كألف ليلة وليلة.
تلك الحالة بين الليل والنهار انعكست فى أكثر من عمل ومن بينها كذلك لوحتى الفنانة السعودية أمل فلمبان، التى تعددت زياراتها إلى مصر ولكنها المرة الأولى التى تزور فيها الأقصر، حيث تقول: الحقيقة أن طبيعة الأقصر ملهمة، وهى تتناسب مع طبيعة عملى الفنى البنائى، فشكل المعابد والمبانى الأثرية والقديمة تناسب أسلوبى الفنى، ولذا كان من الطبيعى دمج عناصر من المكان داخل عملى بالملتقى، وأنا أرى أن أحد الأشياء الجميلة فى ملتقى الأقصر هى تلك الزيارات التى قمنا بها للأماكن الأثرية التى رأيناها فى نور النهار وكذلك ليلا ، فالإضاءة ليلا خلقت جوا بديعا مع شكل الأعمدة والتماثيل، فلا أنسى زيارتنا لمعبد الأقصر فى المساء، أما العمل الثانى فقد جاء بتأثرى بزيارتنا إلى معبد الكرنك صباحا، حيث وهج الشمس وانعكاسها على المعبد، بالتالى لم أذهب بعيدًا عن أسلوبى الفنى المعتاد ولكنى أضفت بعض اللمسات التى توحى بالأماكن التى زرتها. 
وعلى عكس حالة الانبهار بالاحتكاك الأول الذى ترك أثره على بعض الفنانين، تأتى تجربة الفنانة يسرا حفض التى تعيش فى مدينة الأقصر وتتفاعل مع معطياتها بشكل مستمر، فقد خرجت تجربتها فى مجملها بعيدة عن مفردات الحضارة المصرية، إذ اهتمت بالمرأة وقضاياها وكانت المرأة هى المحرك الرئيسى لأعمالها، وهى فى لوحتيها بملتقى الأقصر لم تبتعد عن أسلوبها الفنى فى تصوير المرأة وإن كانت قد أضافت إلى العمل بعض التفاصيل التى ترتبط بمشاركتها فى الملتقى، والمتمثلة فى بعض العناصر المستمدة من المصرى القديم مثل والزخارف على الجداريات، والنجمة التى زينت بها زى بطلة العمل، وكذلك توظيف الكوبرا كتاج ارتدته بطلتها، فمن  المعروف أن المصرى القديم كان يقدس الكوبرا وكانت تعرف بحارسة الجنوب، وتضيف حفض: ربما يأتى تأثرى بفنون المصرى القديم فى مهارة الفنان أو اعتناءه بالتفاصيل، ولكن لم يحدث تأثر مباشر بالفن المصرى القديم، وحول مشاركتها فى الملتقى تقول: الجميل فى ملتقى الأقصر هو أن ترى ما اعتدته بعين جديدة عليك.. بعين الزائر، فالتعايش والاعتياد قد يترك داخلك انطباع يخالف انبهار الزوار.. 
المرأة كذلك هى البطل الرئيس فى أعمال الفنانة مروة ناجى، ولكنها تتناولها من منظور مختلف حيث ترى أنها تسجل يومياتها ومشاهداتها من خلال أعمالها الفنية، ولذا خرج عملاها بالملتقى ليجمعا بين المرأة والقطة، وهو موضوع سبق وأن قدمته من قبل فى أعمالها بتناول مختلف، وقد استعارت فى لوحتيها الشكل النحتى للقطة الذى يذكرنا بالقط وقدسيته فى الفن المصرى القديم، حيث تقول: الأمر جاء بشكل تلقائى دون تخطيط. ولكن المختلف من خلال مشاركتها فى ملتقى الأقصر هو التكنيك وتعاملها مع مسطح التوال وتوظيف خامة الأكريلك، إذ اعتادت استخدام الباستيل على الورق. 
على المستوى التقنى، يمنح ملتقى الأقصر الفرصة لبعض المشاركين لخوض مغامرات تقنية مختلفة عن ممارستهم الفنية المعتادة، لاسيما الذين اعتادوا توظيف خامات مختلفة وممن تضعهم التجربة أمام تحدى الخروج من حيز المألوف إلى التجريب الفنى، الأمر الذى اتضح بصورة أكبر من خلال عملى الفنانة نهى إلهامى، فقد جاءت تجربة الأقصر بالنسبة لها لتمنحها فرصة لتغيير منتجها البصرى بالتعامل مع الأكريلك على مسطحات كبيرة وبجرأة لونية حيث تخرج من مساحتها الأمنة فى الرسم باستخدام الحبر والأقلام البيضاء والأكريلك بل وأحيانا القهوة، وقد انشغلت نهى بفكرة الحياة والموت عند المصرى القديم واختارت أن تعبر عنهما باختيار أنوبيس حارس العالم السفلى فى إحدى لوحتيها  وحتحور إلهة الخصوبة فى لوحتها الثانية متأثرة بفكرة البعث والخلود. 
الكثير من الأفكار والرؤى الفنية التى استمتعت بها فى ملتقى الأقصر للتصوير، والذى اختتمت مؤخرا فاعليات الدورة السادسة عشرة منه، وشارك فيه من مصر «محمد عبد الهادى، سلام يسرى، عاليا عيسى، عمر سناده، محمد تيسير، مروة ناجى، مهاب عبد الغفار، يسرا حفض، نهى إلهامي»،  ومن قطر «محمد عتيق»، ومن المملكة العربية السعودية «أمل فلمبان»، ومن روسيا «اليكساندر زيرنو كلييف»، ومن تتارستان «الفيا سارجين»، ومن الولايات المتحدة «أتوسا رحمانيفار»، ومن أرمينيا «لوسينه تومانيان»، ومن اليابان «ريوسوكى كوندو»، ومن نيبال «سانجى شريستا».  والذى تمنيت أن أكتب تفصيلا عن كل عمل بكل تلك التفاصيل التى يحملها المسطح بل ورحلة الفنان فى تعايشه مع المكان واحتكاكه بالفنانين المشاركين، لاسيما من خلال النقاشات الفنية المكثفة والندوات النقدية اليومية التى أدارتها فى هذه الدورة الناقدة الفنية المقيمة رانيا خلاف.
وقد جاء ختام  هذه الدورة من ملتقى الأقصر للتصوير فى ظل ظروف استثنائية يشعر فيها الجميع بالألم والحزن لما يحدث فى فلسطين، وتعيد الملتقيات الفنية فكرة أهمية الفن فى خلق جسور للتواصل وحاجتنا الشديدة لنبذ العنف الذى يلتهم العالم رويدا رويدا ويثقل أرواحنا. وقد جاء مراسم حفل الختام لتؤكد أن فلسطين حاضرة بقوة فى الوجدان، حيث استهلت فعاليات الحفل بالوقوف دقيقة حداد على شهداء غزة، كما ارتدت الفنانة المصرية علياء عيسى الشال الفلسطينى، وقدم الفنان محمد عبد الهادى لوحته عن القضية الفلسطينية لتمتزج رسوماته على المسطح بكلمات محمود درويش وأمل دنقل، إذ يستمر عبد الهادى فى سرده البصرى فالطالما وصف بكونه حكاء بصرى تحتشد مسطحاته برسوم تتسم بطبع الحكى الشعبى ، تتداخل مفردات الحضارات المصرية القديمة والأشورية على مسطحه، لتذكرك مسطحاته بجداريات المصرى القديم، ويرى عبد الهادى أن الفنان لا يمكن أن ينفصل عن واقعه ومجتمعه والقضايا المحيطة به.
وخلال حفل الختام أعلن الملتقى كذلك عن تكريم الفنان التشكيلى الكبير حلمى التونى، ونظرًا للظروف الصحية التى يمر بها، فقد تقرر إقامة حفل تكريمه، والندوة المصاحبة له، بالقاهرة، مع معرض أعمال الدورة الحالية فى ديسمبر المقبل.
والحقيقة أن أمر آخر يحسب لملتقى الأقصر الدولى للتصوير وهو اهتمامه بشباب الفنانين وإتاحة الفرصة لهم للاحتكاك مع فنانين من جميع أنحاء العالم، ليس فقط من خلال الورش الفنية لشباب الفنانين، التى اعتاد الملتقى أن يقدمها كمنحة، ولكن كذلك بمشاركة فنانى الطلاب بكلية الفنون الجميلة جامعة الأقصر فى فعاليات الملتقى، الأمر الذى أشار إليه د. ليد قانوش مقدما لهم الشكر فى كلمته بحفل الختام، ومؤكدا على دورهم فى إعطاء الملتقى روح مهمة كداعمين ومساعدين للفنانين، وكجزء أصيل من أهداف الملتقى فى خلق حالة من التواصل الفنى بين شباب الفنانين من مصر والعالم، ولهذا يحرص الصندوق أيضا على الاستمرار فى تقديم المنح  لشباب الفنانين ولكن تلك المرة باستعادة فكرة مراسم الأقصر، ممثلة فى إحياء مراسم خان حسن فتحى بالقرنة بالبر الغربى لاستعادة مكانة المراسم كمركز ثقافى وفنى بمدينة الأقصر.. ولهذا حكاية أخرى نستكملها فى وقت أخر.