بأمر الزوجات.. أزواج على قوائم الممنوعين من السفر

أزواج على قوائم الممنوعين من السفر
أزواج على قوائم الممنوعين من السفر

هبة‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن

 حقوق تائهة واحكام تحصل عليها الزوجة سواء كانت لاتزال في عصمة زوجها أو مطلقة، المهم انها حصلت على هذه الأحكام لكنها لم تتمكن من تنفيذ أي منها؛لم يكن السبب هنا أن الزوج أو الأب يماطل أو يدعى الفقر وعدم يساره لسد النفقات المطلوبة منه بحكم المحكمة، أو حتى هو رجل مقتدر ويسعى إلى التضليل بكل الطرق بحجة انه لا يملك قوت يومه، وإنما السبب هو أن هذا الرجل خارج البلاد لعمل أو حتى سياحة، ناسيًا أو متناسيًا لا لشيء إلا «العند» - النعمة التى انعم بها الله عليه بالعمل الذي يدر عليه الأموال ابناءه، وبدلا من أن ينفق على مطلقته وأم أولاده ويجعلهم يعيشون حياة سعيدة مستورة، نجده على النقيض يستغل سفره وغيابه خارج البلاد؛ ليتمكن من الهروب من دفع النفقه المطلوبة منه، مخلفا وراءه اطفال ابرياء يحتاجون من ينفق عليهم وأم تجري في ساحات المحاكم وتمد يدها للقريب والغريب حتى تستطيع بالكاد أن تسد احتياجات ابنائها الاساسية.

وهنا تتساءل بعض الزوجات عن الطريقة التى يمكن من خلالها اخذ حقوقهن من الزوج او المطلق، فى حالة سفره خارج البلاد، هل يستطعن  منعه من السفر حتى لا تضيع حقوقهن مع مرور الوقت ام لا؟!، وقبل أن نسأل فى هذا الصدد المستشارة القانونية المتخصصة في قضايا الاحوال الشخصية هدى جمال عن الإجراء الذى يمكن للزوجة الحصول على حقوقها وحقوق أبنائها، نعرض لقضيتين تشهد احداثهما ساحات المحاكم.

وفى البداية تقول «بسنت.م» 38 سنة» ربة منزل وام لطفلين:كانت سعادتي بالغة عندما جاءت الفرصة لزوجي للسفر للعمل بالخارج،رغم خوفي من المشكلات التي سوف أواجهها بسبب أهله خاصة أني أعيش في بيت العائلة، وما توقعته حدث وكأنه سيناريو تم تجهيزه لي؛ فأمه كانت كثيرة الشجار معي تفتعل المشكلة لتتصل بابنها في الغربة كي تشكوني له، وبعد سفره بعام قرراصطحابي وابنائنا معه، لكن هذا الأمر لم يعجب» أمه»، وتسببت لنا في المتاعب رغم بعدنا عنها، وكل هذا بسبب ابنها الذي كان يتأثر بأي شيء تفعله، ومن شرها هي وابنتها جعلتاه يشك في أخلاقي، وصورتا له انى امرأة خائنة وكنت على علاقة بغيره خلال العام الذي سافر فيه، رغم أني لم اخرج من بيتي إلا لزيارة أسرتي أو شراء متطلبات ابنائي وبيتي، وكان زوجي يعلم بكل خطواتي، لم ادرِ انه صدق كذبهما واخذ العزم على معاقبتي بمساعدة أهله، على جرم لم ارتكبه، أخبرني فجأة عودتنا إلى مصر في إجازة وبمجرد وصولنا المطار بدأت عاصفة المشكلات، تهديد ووعيد بالانتقام، وتشويه لسمعتي وسط جيراني؛ أسرعت إلى منزل أسرتي بعد أن انهال على بالضرب أمام ابنائي في حضور أمه وشقيقته اللتين وقفتا تشجعاه بضربي وإهانتي، طردوني من منزل الزوجية بدون أولادي، ورغم محاولات الصلح عن طريق الأقارب، لكن زوجي قرر الانفصال بشرط الإبراء، وافقت مقابل حضانة ابنائي بشقة الزوجية ودفع نفقتهم، لكنه رفض واخبرني انه سيطلقني ولن اخذ منه جنيها واحدا، وكل ذلك وهو يسيئ لسمعتي أمام الناس متناسيًا أنني أم ابنائه؛ أسرعت إلى محكمة الأسرة وتقدمت بطلب منعه وابنائي من السفر بعد علمي أنه ينوي طلاقي غيابيًا.

وتبكي الزوجة وتستكمل كلامها قائلة:لكن رفضت الدعوى التى تقدمت بها لأنه كان يجب أن يصدر حكم من المحكمة أولا في دعوى منفصلة بتقدير مبلغ النفقة والمؤخر والمنقولات؛ فأسرعت مرة اخرى وحصلت على قرار ضم الصغار، ثم تقدمت بدعوى للحصول على حقوقي من مؤخر ومنقولات زوجية،وتحركت بعدها لمنعه من السفر حتى اخذ أولادي، لكني علمت بسفره بعد انتهاء إجازته اما أبنائي لايزالون في مصر ولكن مع جدتهم، فقمت بتغيير قرار تسليم الصغير ضد والدة طليقي، وللأسف لم أتمكن من تنفيذ القرار، حتى أحكام مؤخر الصداق والمنقولات التي صدرت لصالحي لم أتمكن من تنفيذها ايضًا بسبب سفر طليقي.

الطلاق فجأة

أما «هبة. أ» ٤٢ سنة، تعمل طبيبة، تقول عن تفاصيل مأساتها بأسى بالغ:اعتقدت اننا زملاء مهنة واحدة وسوف نكون سعداء تحت سقف واحد، وقفت بجانبه في بداية مشوارنا، فتحنا سويا عيادة مشتركة نجحنا فيها بشدة، بعدها قرر زوجي الاستقلال بفتح عيادة بمفرده، رغم أني ساعدته بشدة بعمل دعاية له من خلال تخصصي.

وبعدعدة سنوات قليله كان الله قد رزقنا بثلاثة بنات في عمر الزهور، وقرر زوجي السفر خارج البلاد بعد أن حصل على فرصة عمل جيدة بإحدى الدول العربية، المثير أن أول شيء قرر فعله هو الاتفاق معي على الطلاق بكل جرأة، متعللا انشغالي الدائم وانشغاله هو الآخر وأننا لن نعد نلتقي مثل أي زوجين إلا صدفة، وتم الطلاق بعد أن اتفقنا على كل التفاصيل التي تخص البنات في هدوء بالغ، أهمها المصروفات المدرسية والنفقة الشهرية، خاصة إني بدأت اقلل من ساعات عملي لرعايتهن، لكن مر عام  تلو الآخر وتوقف طليقي حتى عن أن يسأل على بناته، على استحياء يأتي في إجازات ويكتفي بالسؤال عنهن تليفونيًا، وانشغل في حياته وزواجه الجديد.

أسرعت إلى محكمة الأسرة وتقدمت بدعوى مصروفات مدرسية ونفقة للصغار، وصدر الحكم دون وجوده، بعدها اقمت دعوى متجمد نفقة وصلت إلى ٤٦٠ ألف جنيه، وبعد علمي بعودته في اجازه، طالبته بدفع النفقة وفوجئت بأنه على علم بالدعاوى الفضائية التي تقدمت بها ضده، لكنه لم يحرك ساكنا، وقال لي ببساطة «أنه لا يمكنه دفع كل هذا المبلغ»، جن جنوني أخبرته بأني انفقت كل ما امتلكه ولم يعد لدي شيء، لكنه لم يعبأ وانتظر حتى اقترب موعد سفره، وأخبرني المحامي بأن نقوم بعمل دعوى منعه من السفر حتى يدفع النفقة وبالفعل تمكنت من هذا لكني اخشى هروبه قبل أن احصل على حقوقي.

طريقان

هنا اسأل هدى جمال المستشارة القانونية المتخصصة في الاحوال الشخصية عن متى يحق للزوجة أو المطلقة منع زوجها أو مطلقها من السفر؟!، أجابت قائلة: فى حالة واحدة فقط من حق الزوجة منع زوجها أو طليقها من السفر؛عند حصولها على حكم قضائي واجب النفاذ، ويكون هذا عن طريق إما متجمد نفقة أو تبديد منقولات زوجية، لانها دين واجب السداد.

في الحالة الأولى بعد حصول الزوجة على حكم بمتجمد النفقة، تكون امام الزوجة طريقتان للتنفيذ، اولهما تقوم بعمل ما يسمى فى القانون حجز إداري بمبلغ المتجمد وذلك على المنقولات الموجودة في البيت المتواجد فيه حتى لو منزل والده، إلى أن يتم الدفع ولو امتنع تقوم بعمل محضر تبديد وتتحول إلى محكمة جنح ويصدر فيها الحكم بالحبس من اسبوع إلى اقصى مدة 3 سنوات.

الطريق الثانى الذى تسلكه الزوجة لتنفيذ متجمد النفقة، أن تذهب إلى محكمة الاسرة ويصدر لها قاضي محكمة الاسرة حكمه إما الدفع أو الحبس، وإذا امتنع عن الدفع يصدر ضده حكم حبس لمدة شهر، تنفذه عن طريق القسم التابع له محل سكن الزوج، وفى هذا الوقت إما يدفع الزوج أو يجد من يضمنه بشرط أن توافق الزوجة على هذا الضامن، وحتى إذا نفذ الحكم بحبس الزوج شهر، بعد انتهاء حبسه لا يسقط الدين عنه، لان النفقة دين لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء، لذلك بعد أن يقضى الزوج عقوبة الحبس شهر؛ للزوجة أن تتقدم مرة اخرى بطلب أن يسدد مبلغ المتجمد وفى هذا الوقت ايضا تتحول لمحكمة الجنح ويصدر ضده حكم لا يقل عن سنة حبس.

وفى هذا الوقت يصدر الحكم ضد الزوج أو المطلق سواء فى حضوره أو حتى إذا كان مسافرًا خارج البلاد، وفى حالة سفر الزوج أو حتى اذا كان داخل البلاد لكنه معتاد السفر؛ فيحق للزوجة أن تتقدم بالحكم الصادر ضده بعمل طلب امام القاضى بمنعه من السفر أو ترقب للوصول إذا كان مسافرًا، وبمجرد وصوله إلى البلاد عن طريق أي ميناء سواء جوى أو برى أو بحرى يتم اصطحابه إلى اقرب قسم شرطة.

الحلول

وتستكمل المحامية هدى جمال كلامها قائلة:هناك نقطة مهمة جدا فى القانون وللاسف لا يعرفها الكثيرون؛ وهى أنه يحق للزوجة فى المرة الثانية عند مطالبتها بمتجمد النفقة، أن تطلب من القاضى عمل إجراء غلق كود، وفيها يتم الاغلاق على كل الخدمات الحكومية للزوج أو المطلق من بطاقة شخصية، رخصة قيادة، تجديد جواز سفر وغيرها من الخدمات، وقتها يمكن للزوجة أن تقدم للسفارة التابع لها جهة سفره قرار غلق الكود الخاص به، واذا طالب الزوج امام المحكمة بإنهاءغلق الكود، لابد أن يقدم أولا ما يفيد بـ»الدفع» أى سداد مبلغ المتجمد.

وايضا يمكن للزوجة تنفيذ حكم المتجمد والزوج خارج البلاد، من خلال عدة خطوات، بأن تحصل على الحكم الصادر بالمتجمد وتقوم بعمل توثيق للحكم بوزارة الخارجية، وتخاطب الانتربول المصرى الذى بدوره يخاطب الانتربول فى الدولة الموجود فيها الزوج، وهناك يطلبون حضوره وإخطاره بالمبلغ المطلوب سداده، وبعدما يسدده يتم تسليم المبلغ المطلوب إلى الانتربول المصرى ومنه الى الزوجة.

وفى هذا الصدد يكون معظم الازواج بالفعل خارج البلاد، لذلك فحالات ترقب الوصول تكون اكثر من المنع من السفر، ومهما غاب الزوج او طال سفره فى النهاية يعود ليجد فى انتظاره قائمة من الاحكام القضائية وتنفيذ السداد الإلزامى.

اما لو كان القرار بتسليم صغير أو ضم حضانة والزوج فى الخارج؛ فللزوجة أو المطلقة أن تستخرج أمرًا وقتيًا بمنع الصغار من السفر، وتستبدل قرار التسليم من الزوج إلى والدته، واذا رفضت الجدة تسليم الصغير يمكن أن تقوم بعمل جنحة مباشرة بالامتناع عن تنفيذ حكم قضائي والذى يصدر فيه حكم بالحبس من ستة أشهر إلى سنة. 

وتنهى هدى جمال المحامية كلامها قائلة:الكلام يبدو سهلا والخطوات ميسرة والزوجة تحصل على حقوقها بسهولة وبخطوات مرتبة، لكن فى حقيقة الامر وعلى ارض الواقع تعاني المرأة اشد المعاناة للحصول على حقوقها، والمشكلة دائمًا تكمن فى آلية التنفيذ، فهى تحصل على الحكم لصالحها بسهولة، ولكن عند تنفيذه، تواجه الكثير من الصعاب والعراقيل، اذا كان الزوج داخل البلاد، فما بالنا حالات الزوج المسافر؟!، كما انه ليس كل الزوجات على دراية بالخطوات القانونية للحصول على حقوقها، وآليات التنفيذ صعبة وبطيئة ومنتشرة، وتحتاج من تكون لديها صبر وطول بال، وبالطبع الزوجة تكون فى اشد الحاجة للنفقة لسد احتياجات ابنائها، لذا نحتاج إلى عمل إدارة للتنفيذ خاصة بمحكمة الاسرة وتكون مرتبطة بالانتربول، لسرعة وتسهيل اجراءات التنفيذ. 

اقرأ أيضا : رغم الشرع وحكم القانون .. نساء محرومات من الميراث


 

;