قضيته أمام المحكمة منذ عامين .. أفقر مليونير مازال يبحث عن حل

قضية عم حسن
قضية عم حسن

اسماء‭ ‬سالم

  لا تزال الخناقة مستمرة بين عم حسن المواطن الستيني البسيط الذي بالكاد يملك قوت يومه ولكن كأنه حيزت له الدنيا هو وأسرته بحذافيرها، وبين مصلحة الضرائب التي صارت له خصمًا بدون سابق إنذار منذ عامين؛ ببساطة تطالبه لأنها رأته مليونيرًا هاربًا من دفع244 مليون جنيه ضرائب عن أرباح شركته التي لا يعلم عنها شيئا، قضية عم حسن لا تزال أمام المحاكم؛ التقيناه ليحكي لنا ما الذي جرى في دعواه منذ أن أقامها محاميه.

حسن رجل بسيط فقير، يرفع يده إلى السماء داعيًا المولى أن تنتهي مأساته التي بسببها داخ السبع دوخات، وهي الآن أمام المحكمة وعلى يقين أن حكمها سوف يكون عنوان الحقيقة، يقول لنا في أسى ودموع فشلت عيناه في أن تحبسها: بسبب هذه الجريمة عشت ايامًا وراء القضبان، وكان ممكن أن أعيش بقية حياتي في غياهب السجن، يصمت عم حسن قليلا يحاول أن يمنع دموعه من أن تسيل، فدموع الرجال عزيزة ولكن عندما تظهر في العيون، فحتمًا يكون المصاب جسيمًا.

   حسن‭ ‬ومحاميه‭ ‬خلال‭ ‬حديثهم‭ ‬لأخبار‭ ‬الحوادث

قبل أن نسمع منه نحكي عنه قليلا..؛ 

حسن رجل في العقد السادس من العمر، يعمل سائقًا في إحدى الشركات الخاصة، لديه 4 أبناء، مرتبه بسيط يكفي قوت بيته، استطاع رغم ظروفه الصعبة أن يعلم أبناءه، رأى فيهم ما لم يستطع أن يحققه في نفسه؛ فهو لا يعرف القراءة والكتابة، لذا لم يجد الرجل استثمارًا أفضل من أن يستثمر في أولاده، وبعد أن أتم مهمته في تعليم أبنائه، زوج اثنين منهم، بأشياء بسيطة، فعرف بين جيرانه أنه رجل طيب وعلى قد حاله، فساعده جيرانه واصدقاؤه في تجهيز إحدى بناته، وكان حلم ابنته الكبرى، أن يتعلم والدها حتى كتابة اسمه لكي يوقع على قسيمة زواجها، وبالفعل ظلت كل يوم تعلمه الكتابة والقراءة، حتى استطاع عم حسن كتابة اسمه ببطء شديد وكفى.

بوسطه!

ونكمل مع عم حسن باقي القصة الغريبة والمثيرة في ذات الوقت..؛ 

ذات يوم اتصلت عليه زوجته لتخبره؛أن هناك خطابًا له في البريد، ويجب أن يذهب بنفسه الى هناك، وعندما ذهب طلب من الموظف أن يقرأه له، وما أن فتح موظف البريد الخطاب بدأ ينظر إلى عم حسن فيدهشه، ثم سأله بطابع الفضول ما طبيعة عملك؟ قال حسن سائق، فاندهش الموظف أكثر، فشعر حسن بالقلق والخوف، وسأل الموظف، ماذا في هذه الأوراق؟!، قال له الموظف: «إيصالات من الضرائب، تطالبك بـ 244 مليون جنيه ضرائب من عام 2016 حتى 2021»!

بمجرد أن سمع عم حسن كلمات الموظف، ظل يضحك ظن أن الموظف يمزح معه، فصدمه الموظف وقال له إن الأمر جاد حقا، فرد عليه عم حسن ساخرا؛»تصدق أن جيبي مفيهوش244 جنيه اكيد في حاجه غلط تشابه أسماء مثلا»!، فنصحه الموظف أن يذهب الى الضرائب وبصحبته محامي، خرج حسن من البريد وهو يحدث نفسه، حمل أوراقه وذهب الى الشركة التي يعمل بها، ودخل إلى مدير الشركة لعل موظف البريد غابت عنه شخصية المستلم فـ جل ما لا يخطئ، ولكن المدير أكد كلام الموظف، وأن حسن هو رئيس مجلس إدارة شركة للدعاية والإعلان، وعليه لضرائب بـ 244 مليون جنيه، ونصحه بأن يذهب الى محامي.

ذهب حسن إلى جيرانه، وروى لهم ما حدث معهم، وكل من يقرأ الورق، ينظر إليه بتعجب حتى قال أحدهم لديك كل هذا المال، وتدعي انك فقير، وقف حسن يدافع عن نفسه، وانقسم الجيران فريقين هناك من يصدقه وآخر لا، شعر حسن أنه قاب قوسين أو ادنى من الجنون، ذهب الى محاميه هاني دسوقي، شرح له ما حدث معه، وبدأ المحامي يسأل في مصلحة الضرائب عن حقيقة الأمر، خلال هذه الفترة لم يغمض جفن لعم حسن، شعر وكأنه يجلس على فوهة بركان ليس هو فقط وإنما اسرته أيضا.

طلب محاميه من الرجل عمل توكيل له، بعدها ذهب المحامي الى قسم الوليلي، وحرر محضرا بتزوير توقيعه، وتحولت القضية إلى النيابة العامة؛ فقد اكتشف عم حسن أن الضرائب أقامت ضده قضية تهرب وبين يوم وليلة وجد حسن نفسه محبوسًا 45 يوما على ذمة القضية.

ولكن قبلها دار هذا التحقيق معه في النيابة..؛

*ما قولك فيما جاء بنتيجة استكتابك بمصلحة الطب الشرعي ؟ 

-  أيوة فعلا ممضتش حاجة لحد ومعرفش حاجة عن قصة الشركة دي.

*وما علاقتك بأطراف الشركة محل الواقعة؟

-  انا معرفش عنهم حاجة اللي أعرفه انهم دخلوني انا وهاجر في حاجة منعرفهاش.

*وكيف تم ادخالك انت وسالفة الذكر كشركاء في شركة للدعاية والاعلان؟

-  معرفش بس انا سمعت وانا في الجلسة إن فيه واحد هو اللي زور ورق ودخلنا الشركة دي.

*وما هي طبيعة عمل سالف الذكر تحديدا؟

- انا كنت فاكر انه محامي لكن عرفت بعد كده انه محاسب.

*وكيف نما الى علمك ما سبق؟

- سمعت من الناس وأنا في الجلسة في محكمة التجمع الخامس.

*هل لديك اقوال اخرى؟

- لا تمت أقواله.

خبير خطوط

يروي عم حسن لـ أخبار الحوادث قائلا:دخلت الحبس بعدها قررت النيابة تحويل حسن الى خبير خطوط، للمقارنة بين توقيعه على وأوراق الشركة وخطه، بدأ حسن الذي بالكاد عرف الكتابة حتى يوقع على قسيمة زواج ابنته بصفته وكيلا عنها يوقع على 50 ورقة، فشعر بالإرهاق فكل مرة يكتب ببطء، وبالفعل استطاع المحامي أن يحضر ورقه القسيمة لكي يتم المقارنة بين توقيعه، وغيرها؛تبين اختلاف توقيع حسن وجاء نص تقرير خبير الخطوط؛»انه بالاطلاع على نسخة ضوئية من عقد شركة تضامن وبالاطلاع علي العينة الكتابية الخاصة بالمدعو حسن المتمثلة في أوراق اخرى، والمقارنة بينهم، قد خلص التقرير إلى الآتي:- ان المدعو حسن لم يكتب التوقيع المنسوب صدوره إليه بالمقارنة للنسخة الضوئية من عقد تعديل شركة تضامن المؤرخ في 1 / 2 / 2017»، وتم الإفراج عن حسن على ذمة القضية، واستمرت التحقيقات.

لغز هاجر

وأثناء التحقيق تبين أن هناك سيدة أخرى تدعى هاجر،امرأة بسيطة، فوجئت هي الأخرى بأنها شريكه بذات الشركة ولكنها مثل حسن لا تعلم عنها شيئا.

وتوجهت المباحث إلى عنوان الشركة المذكور بالعقد في مصلحة الضرائب، وتبين أنها شقه، وتم استدعاء صاحب الشقة والذي أكد أنه لم يؤجر الشقة لأي شركة ولا يعلم عنها شيئًا، وتحولت القضية الى محكمة التجمع الخامس.

هنا اكد المحامي هاني دسوقي؛ بأن شركة الدعاية والإعلان مسجله في السجل التجاري، وكانت بالفعل شركة يمتلكهاعدة أشخاص ولكن بعد فترة من عملها قرروا غلقها، إلى أن فوجئ أصحاب الشركة أنفسهم بأن النشاط مستمر، ولا يعرفون كيف ذلك، والأدهى أن الملكية منقولة على الورق باسم حسن وهاجر، ولا احد منهم يعرف كيف حدث هذا؟!

ومازالت القضية منظورة أمام المحكمة  لعامين والجميع في انتظار حكم القاضي الذي حتمًا سوف يكون عنوان الحقيقة.

اقرأ أيضا : الضرائب:منظومة توحيد أسس احتساب الضريبة على الأجور لن يخالف أي قانون ضريبي سابق


 

 

 

;