أنواع الطلاق التي تصدر من مريض الوسواس وحكم كل نوع.. «الإفتاء» توضح

مريض الوسواس
مريض الوسواس

يعد «الوسواس القهري» هو نوع من الاضطرابات النفسية المرتبطة بالقلق، تتميز بأفكار ومخاوف غير منطقية «وسواسية» تؤدي إلى تكرار بعض التصرفات إجباريًا «قهريا»، مما يعوق الحياة اليومية.

وكشفت دار الإفتاء المصرية، عن أنواع الطلاق التي تصدر من مريض الوسواس وحكم كل نوع.

وأوضحت أنه بتتبع ألفاظ الطلاق التي تصدر من زوجٍ مصابٍ بمرض الوسواس، تبين أنها تتنوع على ثلاث صور:

- الأولى: تلفظ مريض الوسواس بألفاظ لا علاقة لها بالطلاق، ولكن تحدثه نفسه بأنَّ هذه الألفاظ قد تكون سببًا في وقوع الطلاق.

- والثانية: وسوسة الزوج في وقوع طلاقه بسبب جريان لفظ الطلاق على فكره من غير تلفظ به.

- والثالثة: شكُّ الزوج وتردده في صدور ألفاظ الطلاق منه من عدمه.

اقرأ أيضا: طلبت الطلاق.. بسبب أم كلثوم

وهذه الصور الثلاث لا يقع معها طلاقٌ؛ لانعدام التلفظ في الصورتين الأوليين، وهو ركنٌ من أركان الطلاق التي ينعدم الطلاق بانعدامه، سواء نوى بها الزوج الطلاق أو لم ينوه، حاله في ذلك كالصحيح، كما هو مذهب جماهير الفقهاء، ومن ثمَّ: فلا أثر لجريان أفكار الطلاق على خاطر الزوج في حصول الطلاق ما دام أنه لم يصدر منه لفظ الطلاق، أو ما يقوم مقام اللفظ كالكتابة، وذلك بناءً على أنَّ الله تعالى وضعَ الألفاظ بين عباده دلالةً للتعبير عن مُرادِهم ومكنوناتِ نفوسِهِم.

ولذلك رتَّب الشرعُ الشريفُ الأحكام على تلك الإرادة بواسطة الألفاظ المُعبِّرة عنها، لا على مُجَرَّدِ ورود معانيها في النفوس دون الدلالة عليه بقولٍ أو فعلٍ؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ» متفقٌ عليه، زاد الإمام البخاري: قال قتادة: "إذا طلَّقَ في نفسهِ فليسَ بشيءٍ".

قال الصحابي الجليل عُقْبَة بن عامر الجُهَني رضي الله عنه: "لا يجوز طلاق الموسوس" رواه الإمام البخاري في "الصحيح".

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (9/ 392، ط. دار المعرفة) مُعَلِّقًا عليه: [أي: لا يقع؛ لأن الوسوسة حديث النفس، ولا مؤاخذة بما يقع في النفس] اهـ.

وعَنْ قتادة والحسن البصري قالَا: "مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فِي نَفْسِهِ، فَلَيْسَ طَلَاقُهُ ذَلِكَ بِشَيْءٍ"، وعن عبد الملك بن أبي سليمان، أنه سمع رجلًا يذكر لسعيد بن جبير ابنة عمٍّ له، وأن الشيطان يوسوس إليه بطلاقها، فقال له سعيد بن جبير: "لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ بَأْسٌ حَتَّى تَكَلَّمَ بِهِ، أَوْ تُشْهِدَ عَلَيْهِ" أخرجهما عبد الرزاق في "مصنَّفه" تحت باب: "الرَّجُلِ يُطَلِّقُ فِي نَفْسِهِ".

قال الإمام ابن بَطَّال في "شرح صحيح البخاري" (7/ 418، ط. مكتبة الرشد): [جعل ما لم ينطق به اللسان لغوًا لا حكم له، حتى إذا تكلم به يقع الجزاء عليه ويلزم المتكلم.. ولو كان حُكم مَن أضمر في نفسه شيئًا حُكم المتكلم: كان حُكم من حدث نفسه في الصلاة بشيء متكلمًا، وفي إجماعهم على أن ذلك ليس بكلام مع قوله عليه السلام: «مَنْ صَلَّى صَلاةً لَا يُحَدِّثُ فيهَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ» دليلٌ على أنَّ حديثَ النَّفْسِ لا يقومُ مقامَ الكلام] اهـ.