بعد كارثة الحضـّانات في غزة| بأي ذنب خنقوا «الخدج»؟!

الأطفال الخدج معرضون للموت في مستشفى الشفاء بسبب نقـص الإمكانيات والقصف الإسرائيلي
الأطفال الخدج معرضون للموت في مستشفى الشفاء بسبب نقـص الإمكانيات والقصف الإسرائيلي

كيف يكون عيد الطفولة هذا العام؟!.. سؤال تكرر كثيرا بعد أن شاهد العالم أجمع ما يحدث من مجازر مفزعة لأطفال فلسطين والمصير المجهول الذى ينتظرهم.. ما الذنب الذى ارتكبه هؤلاء الصغار حتى يمرون بهذه الانتهاكات التي تغتال براءتهم يوما بعد يوما، فالقصف الإسرائيلي لم يرحم حتى الأطفال الخُدج في الحضّانات واستهدف مولد الكهرباء الوحيد الذى يعمل فى مجمع الشفاء، أكبر مستشفى فى قطاع غزة، ليقطع عنهم الأكجسين والكهرباء وتعلن بعدها وزارة الصحة الفلسطينية وفاة عدد من هؤلاء الأطفال.

◄ الخدّج ينتظرون مصيرهم بدون رضعات أو أكسجين

◄ إسرائيل تقتلهم لضمان عدم وجود جيل يطالب بحقه فى الأرض

فى مشهد رعب لم يتخيله العقل البشرى، سارع أطباء مستشفى الشفاء إلى نقل من تبقى من هؤلاء الصغار على قيد الحياة إلى أقسام أخرى فى محاولة للحفاظ على حياتهم، مستخدمين أجهزة تنفس يدوية لضخ الأكسجين بشكل مستمر لإبقائهم على قيد الحياة، على أمل أن يتاح نقلهم خارج المستشفى إلى أماكن أخرى تتوافر فيها حضانات ملائمة فى أقرب فرصة ممكنة، ولكن للأسف الشديد فإن بعضا من هؤلاء الأطفال بدأت حالتهم تسوء وهو ما يمكن أن يؤدى إلى وفاتهم.

ووفقاً لمنظمة اليونيسف، فإن الأطفال الخدج هم الذين ولدوا قبل الأسبوع الـ37 من الحمل، وبالتالى فهم معرضون للإصابة بأمراض خطيرة أو الوفاة خلال الأسابيع الأربعة الأولى من عمرهم، بسبب ضعف التنفس، وصعوبة التغذية، وسوء تنظيم درجة حرارة الجسم، وارتفاع مخاطر الإصابة، وأن نقلهم خارج المستشفى لابد أن يكون على أقصى سرعة وبتجهيزات محددة تسمح لهم بعدم التعرض لأى ضرر، لا سيما وجود سيارات إسعاف مجهزة بالتنفس الاصطناعى والعناصر الغذائية.

وأمام المناشدات التى تطالب بنقلهم على وجه السرعة إلى أماكن أخرى خارج المستشفى، وأن تحقق لهم الأمان والرعاية، تُطرح «آخر ساعة» تساؤلات: أين حق الطفولة؟!.. لماذا يستهدف الكيان الصهيونى الصغار بكل هذه القسوة؟!.. ما المصير الذى ينتظرهم؟ّ.. كيف يحتفل العالم بعيد الطفولة بلا أطفال؟!

◄ إبادة متكاملة
الدكتور محمد ممدوح، رئيس أمناء مجلس الشباب المصرى ورئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس القومى لحقوق الإنسان، أكد أن ما يحدث فى فلسطين يشيب له شعر الوليد، فالشعب الفلسطينى يعانى كوارث كبرى تفوق التخيّل، فما يتم هو جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان وليست فقط جريمة عقاب جماعى يشنها الاحتلال الإسرائيلى ضد سكان قطاع غزة ليس فقط من أجل تصفية القضية ولكنها فى الحقيقة تصفية للشعب الفلسطينى بالكامل وللقضاء على أطفالهم لضمان عدم وجود جيل جديد من الممكن أن يسهم أو يطالب بحقه فى الأرض مستقبلا، فهناك أطفال مشردون فقدوا أسرهم بالإضافة لمنازل كاملة سقطت على رءوس الأطفال، ويكفى أن نشير إلى توقف الخدمات الطبية وعدم القدرة على إجراء أى عمليات جراحية منذ أكثر من 10 أيام، حيث يتم إجراء عمليات الإسعاف والجراحات بدون مخدر، وتحت إضاءة كشافات الهواتف المحمولة، فضلا عن قصف كامل لمراكز الإغاثة لمنع وصول المساعدات تساعد الفلسطنين على إيجاد أمل فى الحياة.

◄ اقرأ أيضًا | المزيد من الشهداء في غارة إسرائيلية على جنوب قطاع غزة.. و120 شهيدا بشمال القطاع منذ الصباح

◄ حق الطفل
سيحاكم التاريخ كافة الممتنعين عن التدخل من أجل إنقاذ أطفال عزل لا يسببون أى تهديد لأحد، وليس فقط الداعمين لسلطات الاحتلال فى جرائمها والذين يوفرون لها الحماية من المحاسبة، ويجب العلم بأن القانون الدولى الإنسانى والمعاهدات الدولية وكافة الاتفاقات والمواثيق تكفل حق الأطفال فى الحياة السليمة والوطن وتوفير الحماية الكاملة أثناء الحرب، لكن فى ظل عدم التدخل ستستمر المجازر والانتهاكات، ولذلك لا بد من إيجاد حل للتحرك الجماعى والدولى من أجل إجبار سلطات الاحتلال على إيقاف هذه المجازر والسماح بإدخال المساعدات وخروج الأطفال من القطاع لتلقى العلاج داخل المستشفيات المصرية، وهذا ما يستجيب له الرئيس عبدالفتاح السيسي على الفور، بالإضافة لتوجيهاته بسرعة إدخال الأطفال المبتسرين الموجودين داخل القطاع لعلاجهم داخل المستشفيات المصرية.

◄ الأرقام تتحدث
وبلغة الأرقام يكشف الدكتور ممدوح أن ما يحدث حاليا داخل قطاع غزة يعد جريمة بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، فوفقا لتقارير وزارة الصحة الفلسطينية فهناك الآلاف من الأطفال الذين فقدوا حياتهم جراء قتل مستمر على مدار أكثر من 40 يوما متواصل فى ظل حالة حصار كاملة على القطاع، فقد وصل عددهم إلى أكثر من 4800 طفل، بالإضافة إلى أكثر من 3640 مدنيا فى تعداد المفقودين منهم 1770 طفلا ويفترض أنهم محاصرون أو قتلوا تحت الأنقاض.

أما عن الأزمات الكبرى داخل القطاع الطبى بغزة فحدث ولا حرج، فقد توقفت عن العمل أكثر من ثلاثة أرباع المستشفيات، حيث يوجد حاليا 9 مستشفيات فقط تعمل بشكل جزئى من أصل 35 مستشفى، بينما 26 مستشفى متوقف عن العمل كليا جراء القصف ونفاد الوقود، وعن كارثة مجمع الشفاء، فقد استشهد 20 مريضا بينهم 3 أطفال خدج بسبب نقص الوقود وإغلاق الأقسام، ولا يوجد مياه شرب نقية تسمح بتجهيز الرضعات لهم لإطعامهم، ولم يقف الكيان الصهيونى عند هذا الحد، إنما يستهدف أيضا كل ما هو يتحرك داخل مستشفى الشفاء، فنحن بصدد كارثة إنسانية على وشك الحدوث حيث تم الإعلان عن وفاة كل من كان فى الرعاية المركزة داخل المستشفى ومتوقع الإعلان عن وفاة الأطفال الخدج الموجودين داخل الحضانات نتيجة انقطاع الوقود وتوقف مولدات الأكسجين.

ومن الكوارث الأخرى، وجود أكثر من مليون و700 ألف مدنى أصبحوا من النازحين، حيث تم تدمير أكثر من 276 ألف وحدة سكنية، بالإضافة للكوارث الصحية العامة فى ظل حالة النزوح الجماعى والأضرار التى لحقت بالبنية التحتية والصرف الصحى داخل القطاع، كما طالعتنا التقارير باستشهاد 5 من بين كل 1000 طالب وطالبة ملتحقين بالمدارس بقطاع غزة، وقد تم تدمير 45 مدرسة تدميرا بالغا والاعتداء على 27 مدرسة أخرى، وحرمان 608 آلاف طالب وطالبة من حقهم فى التعليم المدرسى.

◄ انتهاك غير مسبوق
فيما يشير محمد عبدالنعيم، رئيس المتحدة الوطنية لحقوق الإنسان، إلى أن ما يتم من الكيان الصهيوني المحتل المغتصب للأراضى الفلسطينية يدمر البنية التحتية والمساجد والكنائس وجميع مؤسسات الدولة الفلسطينية، وهذا يعتبر انتهاكا لممتلكات الشعب الفلسطينى التى أقرتها الأمم المتحدة بعدم المساس من التصرفات، أما الاعتداء والقصف الجوى فهو إجرام حرب للمقدسات والمستشفيات التى يجب التحرك سريعا من قبل جميع المسئولين عن الرعاية الصحية بوضع قرارات وبيانات واضحة لوقف الاغتيال الإسرائيلى للأطباء والمستشفيات، أما حق الطفل فما يحدث يعد انتهاكا غير مسبوق فى تاريخ البشرية والذى يعيدنا إلى العهود الوسطى بالجاهلية والذى يمكن القول بأن ما تقوم به إسرائيل حاليا هو ما حدث لهم قديما على يد هتلر وهم الآن يعيدون ما كانوا يشكون منه في الشعب الفلسطيني.

ويؤكد عبدالنعيم ضرورة إيجاد حل لقيام الأمم المتحدة بمحاكمة الكيان الصهيونى فى كل ما يفعله من قصف وضرب وسحل للفلسطينيين، وأن تكون المحاكمة دولية وجنائية لتحقيق العدالة بما حدث من انتهاك لحقوق البشرية والأطفال.