يوميات الأخبار

مصريون ضمن صحابة النبى « صلى الله على محمد »

حسن علام
حسن علام

بعض كتب التراجم التى اختصت بتراجم الصحابة لم تحتفظ لنا إلا بنحو «العُشر» من عدد الصحابة الذين رأوا النبى (صلى الله عليه وسلم)

«التاريخ الإسلامى أحصى عدد الصحابة بمائة وأربعة وعشرين ألفاً، منهم ستة مصريين، نالوا الشرف العظيم والمكانة العليا برؤية النبى (صلى الله عليه وسلم) فى اليقظة، والإيمان به بعد بعثته، ثم تفرقوا بعد وفاته (صلى الله عليه وسلم) واستوطنوا مكة والمدينة والبصرة والكوفة ومصر والمغرب وخراسان وسمرقند، يُفقِّهونَ الناس فى دينهم، ويُعلمونهم شعائر الإسلام».

العلماء انقسموا فريقين فى تعريف «الصحابى» وتوصيفه، فأهل الحديث يعرفونه بأنه من لقى النبى (صلى الله عليه وسلم) فى اليقظة وآمن به بعد بعثته حال حياته، ومات على الإيمان.

لكن هذا التعريف يثير إشكالات كثيرة، أولها استيعابه لفئات وشرائح مختلفة ومتفاوتة، فبناء على هذا التعريف يدخل فى مفهوم (الصحابى) من لقى النبى (صلى الله عليه وسلم) من كبار الصحابة المعروفين، أو من قصرت صحبته ولم يمكث مع النبى إلا قليلاً، بناء على هذا التعريف يتساوى الصحابة العشرة المبشرون بالجنة، مع (ضمام بن ثعلبة) الذى بعثته بنو سعد إلى الرسول فأسلم، ثم رجع إلى قومه فأسلموا على يديه، ويستوى كذلك من رأى النبى (صلى الله عليه وسلم) ولم يجالسه كالأعراب الذين شهدوا معه حجة الوداع!.

ويدخل فى تعريف الصحابى هذا من روى عن النبى آلاف الأحاديث كأبى هريرة وابن عمر وابن عباس، ومن روى حديثاً واحداً أو حديثين أو من لم يرو شيئاً أصلاً، ومن شهد مع النبى (صلى الله عليه وسلم) غزوة أو غزوتين أو أكثر، ولم يغز مع النبى (صلى الله عليه وسلم) مثل حسان بن ثابت، الشاعر المعروف، ويشمل أيضاً الذكور والإناث وغير البالغين منهم، سواء من كان منهم مميزاً مثل «الحسن والحسين»، أو من كان غير مميز مثل محمد بن أبى بكر الصديق الذى وُلد قبل وفاة النبى (صلى الله عليه وسلم) بحوالى ثلاثة أشهر!.

ولا يدخل ضمن الصحابة من كان معاصراً للنبى (صلى الله عليه وسلم) وآمن به، لكنه لم يلتق به مثل «النجاشى» ملك الحبشة الذى لم ير النبى (صلى الله عليه وسلم) ولم يلتق به.!

أما الفريق الآخر وهم الفقهاء والأصوليون، فَيُعرِّفون «الصحابى» بأنه من لقى النبى (صلى الله عليه وسلم) مؤمناً به بعد بعثته حال حياته وطالت صحبته وكثر لقاؤه به على سبيل التبع له والأخذ عنه، وإن لم يرو عنه شيئاً ومات على الإيمان.!

لكن هذا التعريف يتشدد فى معنى الصحبة ويقيدها بقوله: «وطالت الصحبة»، وقد اختلف العلماء فى المدة التى يقال فيها طالت صحبته، فمنهم من حددها بستة أشهر فأكثر، أو سنة فأكثر، وهو ما يثير إشكالات أخرى مختلفة عن تعريف المحدثين للصحبة، فهذا التحديد الزمنى يُخرج عدداً من الصحابة الذين رووا عن النبى (صلى الله عليه وسلم) وصاحبوه مدة أقل من ذلك.

وهذا التعريف يُخرج عشرات الآلاف ممن يعتبرهم أهل الحديث من الصحابة، حيث يعدون أن مجرد الرؤية كافٍ فى إطلاق الصحبة لشرف الرسول وجلال قدره، وأيضاً قدر من رآه من المسلمين.

ومع ذلك فإن بعض كتب التراجم التى اختصت بتراجم الصحابة لم تحتفظ لنا إلا بنحو «العُشر» من عدد الصحابة الذين رأوا النبى (صلى الله عليه وسلم)، وهو ما سجله ابن حجر فى كتابه: «الإصابة فى تمييز الصحابة».

وحينما حاولت حصر أهم صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالغوص فى بطون كتب التاريخ والتراث الإسلامى، لم أجد أجمل ولا أعظم من حصر أسماء هؤلاء الصحابة (رضوان الله عليهم) على أساس هذه التصنيفات الأربعة:

أسماء صحابة الرسول السابقين الأولين فى الإسلام: خديجة بنت خويلد، على بن أبى طالب، أبو بكر الصديق، زيد بن حارثة، عثمان بن عفان، الزبير بن العوام، سعد بن أبى وقاص، طلحة بن عبيد الله، عبد الرحمن بن عوف، أبوعبيدة الجراح، أبو سلمة بن عبد الله الأسدى، الأرقم بن أبى الأرقم، عثمان بن مظعون، عبيدة بن الحارث، سعيد بن زيد، أسماء بنت الصديق، خباب بن الأرت، عمير بن أبى وقاص، عبد الله بن مسعود، مسعود بن ربيعة، أسماء بنت سلامة التميمية، خنيس بن حذافة السهمى، عامر بن ربيعة العنزى، عبد الله بن جحش، جعفر بن أبى طالب الهاشمى، وأسماء بنت عميس.

صحابة الأنصار:

وهم أهل المدينة المنورة من الأوس والخزرج الذين بايعوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) واستقبلوه ونصروه، ومنهم:

أسعد بن زُرارة، سعد بن الربيع، عبد الله بن رواحة، رافع بن مالك بن العجلان، البراء بن معرور، عبد الله بن عمرو بن حرام، عبادة بن الصامت، سعد بن عبادة، المنذر بن عمرو، أسيد بن حضير، سعد بن خيثمة بن الحارث، رفاعة بن عبد المنذر، سعد بن معاذ، الحارث بن أوس بن معاذ، الحارث بن أنس بن رافع، سعد بن زيد بن مالك، سلمة بن سلامة، عباد بن بشر، مسلمة بن ثابت، رافع بن يزيد، الحارث بن خزانة، محمد بن مسلمة، سلمة بن أسلم بن حريش، أبو الهيثم بن التيهان، عبيد بن التيهان، عمرو بن معاذ، عبد الله بن سهل، قتادة بن النعمان، عبيد بن أوس، نصر بن الحارث، معتب بن عبد، عبد الله بن طارق البلوى، مسعود بن سعد بن عامر، أبو عبس بن جبر، هانى بن نيار البلوى، وعاصم بن ثابت.

الصحابة المكثرون فى رواية الحديث:

أبو هريرة، أنس بن مالك، عبد الله بن عمر، عائشة أم المؤمنين، عبد الله بن مسعود، عبد الله بن عمرو بن العاص، جابر بن عبد الله، وعبد الله بن عباس.

الصحابة الفقهاء (وهم المتمكنون من الفقه والفتوى):

أبو بكر الصديق، عمر بن الخطاب، عثمان بن عفان، على بن أبى طالب، أبو موسى الأشعرى، معاذ بن جبل، أُبَى بن كعب، زيد بن ثابت، أبو الدرداء، عائشة أم المؤمنين، عبد الله بن عمر، عبد الله بن عباس، عبد الله بن مسعود، عبد الله بن الزبير، عمران بن الحصين، وعبد الله بن المغفل.

وأما بالنسبة للصحابة المصريين، فقد تعددت الأسماء والأعداد، فبعض المصادر التاريخية ذكرت أن من أشهر صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى مصر هم: حاطب بن أبى بلتعة، المغيرة بن شعبة، عبادة بن الصامت، الزبير بن العوام، المقداد بن الأسود، سعد بن أبى وقاص، عمار بن ياسر، محمد بن مسلمة، أبو أيوب الأنصارى، أبو الدرداء، أبو هريرة، وأبو ذر الغفارى.

لكن كل المصادر أجمعت على ست شخصيات مصرية من ضمن الصحابة، وحددت ملابسات كل صحابى منهم وهم:

يعقوب القبطى: وكان من ضمن هدايا المقوقس إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وفد إلى المدينة بصحبة «مارية» وأسلم وعاش فى كنف بنى فهر، ومات فى أول أعوام إمارة الزبير بن العوام، ويُعرف أيضاً فى كتب التاريخ بـ «يعقوب الفهرى»، وفى كتابه «تاريخ المصريين والغرباء» ينقل ابن يونس حديثاً عن حفيد يعقوب، وهو الفقيه إبراهيم بن مسلم بن يعقوب، يحكى أن جده (يعقوب القبطى) قابل النبى (صلى الله عليه وسلم) فى المدينة وصلى وراءه الصبح.

أبو رافع مولى الرسول: كان مِلكاً للعباس الذى وهبه للنبى (صلى الله عليه وسلم) فى العام الثانى الهجرى، ولما بشر الرسول بإسلام عمه أعتقه، ثم زوجه الرسول من مولاته «سلمى»، فأنجبت له «عُبيد الله»، أسلم قبل موقعة بدر وإن لم يشهدها، لكن بداية من «أُحد» حضر جميع الغزوات!.

جبر بن عبد الله: كان أحد رفقاء وفد مارية الذى اصطحبه حاطب بن أبى بلتعة إلى النبى، (صلى الله عليه وسلم) ووهبه الرسول لأبى بصرة الغفارى، فبات مولى له وعاش فى خدمته حتى مات سنة ٣٦هـ.

عُرف بـ «القبطى»، وروى السيوطى عن عالم الحديث المصرى الشهير سعيد بن عفير أنه بسببه كان القِبط تفخر بأن منهم من صحب النبى (صلى الله عليه وسلم).

خُنيس أو خُليد: يحكى كتاب أسد الغابة عن رجل صحب الرسول ـ من أهل مصر ـ كان اسمه «خُليد» أو «خُنيس»، انفرد بترتيب خاص لصلاة الجنازة، فكان يجعل الرجال من وراء النساء، ويجعل النساء مما يلى الإمام مباشرة، خلافاً لما هو شائع.!

سيرين: جاءت أيضاً بصحبة أختها «مارية»، وقيل إن اسمها «طرية» وهبها النبى لحسان بن ثابت، وأنجبت له عبد الرحمن، الذى روى عنها حديثا حكت به تفاصيل وفاة ابن الرسول «إبراهيم»، وكيف أن الرسول نهاها هى وأختها عن الصياح، وأن الشمس كسفت يومها، فاعتبرها الصحابة حزينة لوفاته، فرد عليهم بأنها: «لا تكسف لموت أحد ولا لحياته».

مأبور: هو أيضاً كان أحد هدايا «المقوقس»، وأجمعت كتب التاريخ على أنه كان يرتبط بصلة قرابة مع «مارية»، وإن اختلفوا فى تحديدها.!

والصحابة وإن كانوا متساوين فى شرف صحبة النبى (صلى الله عليه وسلم) ورؤيته، فإنهم متفاوتون فى السبق والبذل والعطاء، وأشهر تقسيمات الصحابة ما قام به الحاكم «النيسابورى» أحد أئمة الحديث فى كتابه (معرفة علوم الحديث)، فقد قسم الصحابة إلى اثنتى عشرة طبقة هى :

أهل السابقة فى دخول الإسلام من أهل مكة كأبى بكر وعمر وعثمان وعلى.

أصحاب دار الندوة التى كان يجتمع فيها أهل مكة يتشاورون فى شئونهم، فبعد إسلام عمر، حمل الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى دار الندوة فبايعه جماعة من أهل مكة.

الذين هاجروا إلى الحبشة مثل جعفر بن أبى طالب.

أصحاب بيعة العقبة الأولى مثل عبادة بن الصامت وأسعد بن زرارة.

أصحاب بيعة العقبة الثانية وأكثرهم من الأنصار.

أوائل المهاجرين الذين وصلوا إلى النبى (صلى الله عليه وسلم) وهو بقباء قبل أن يدخل المدينة، مثل أبى سلمة بن عبد الأسد وعامر بن ربيعة.

الذين اشتركوا فى غزوة بدر مثل الحباب بن المنذر.

الذين هاجروا إلى المدينة فى الفترة ما بين غزوة بدر وصلح الحُديبية مثل المغيرة بن شعبة.

أهل بيعة الرضوان فى الحُديبية مثل عبد الله بن عمر.

الذين هاجروا فى الفترة بين صلح الحُديبية وفتح مكة مثل خالد بن الوليد وعمرو بن العاص.

الذين أسلموا فى فتح مكة مثل أبى سفيان بن حرب، ومعاوية بن أبى سفيان، وعتاب من أسيد.

الصبيان والأطفال الذين رأوا الرسول (صلى الله عليه وسلم) فى فتح مكة وحجة الوداع.

على أن هذا التقسيم الذى راعى منزلة الصحابة، لم يكن له أثر يُذكر فى تقييد عطائهم حسب قدراتهم ومواهبهم، ومساهماتهم فى صنع التاريخ الإسلامى والعطاء الفكرى.