السينما سلاح المقاومة فى مهرجانات العالم

«فلسطين حرة من النهر إلى البحر» تحول «أمستردام» لساحة معارك!

بوستر فيلم «ظلال بيروت» - بوستر فيلم «اليد الخضراء» - بوستر المهرجان «بريستول»
بوستر فيلم «ظلال بيروت» - بوستر فيلم «اليد الخضراء» - بوستر المهرجان «بريستول»

مازال العدوان على غزة الحدث الأهم والقضية الأبرز فى أية  فعالية أو تجمع فني، ٤٨ يوماً على العدوان ولم يمل أنقياء البشر فى العالم من التعبير عن غضبهم إزاء قتل الأبرياء وحرب الإبادة فى قطاع غزة المحاصر منذ سنوات طويلة بلا حقوق إنسانية، مظاهرات ضخمة تجوب أكبر الشوارع والميادين فى بلدان العالم ، بعضها يقودها يهود يرفضون قتل الأبرياء باسمهم ، الكل يطالب بوقف إطلاق النار فوراً والحرية والحياة للشعب الفلسطينى.

مواقع السوشيال ميديا أصبحت ساحة تظاهرات أيضا، يبرز فيها أسماء نجوم فى صناعة السينما الأمريكية والعالمية، تدين بوضوح ما يحدث وتطالب الإدارة الأمريكية بالتدخل لإنهاء الحرب وقتل المدنيين..

انشقاق فى صفوف بعض النقابات الفنية الأمريكية ، وبعض العاملين فى صناعة الترفيه بهوليوود، وهو ما عبر عنه بعض المخضرمين من رجال الصناعة فى الصحف الأمريكية ،فقد صدمهم موقف المعارضين لدعم إسرائيل فى هوليوود قلعة الصناعة التى تدين لليهود بتأسيسها وتمويلها ونفوذها أيضا، لم يتصور البعض انفجار الاختلاف فى هوليوود إلى الحد الذى نراه الآن بوضوح.

نفس الاختلاف-أو الانشقاق فى حقيقة الأمر- سيطر على المهرجانات السينمائية التى تقام الآن فى دول العالم كله.

مدير مهرجان امستردام يعتذر لليهود!

منذ أسبوعين، فى ٨ نوفمبر،بعد افتتاح مهرجان امستردام الدولى للأفلام الوثائقية،والذى اختتمت فعالياته الأحد الماضى ١٩ نوفمبر، تفجرت خلافات واسعة بين صناع الأفلام وإدارة المهرجان الذى يعد الأكبر والأهم دولياً للأفلام الوثائقية، أدت الخلافات إلى قيام بعض المخرجين بسحب أفلامهم من المهرجان( ٢١ مخرجا) بعدما أصدرت إدارته بيانا فى ١٠ نوفمبر تعتذر فيه عن وجود لافتة كتب عليها « من النهر إلى البحر،فلسطين حرة» رفعها جماعة «عمال من أجل فلسطين» فى مسيرة احتجاجية يوم الافتتاح ضد صمت المهرجان بشأن الإبادة الجماعية فى غزة.. جاء فى البيان « إن المهرجان يعبرعن امتنانه للذين تواصلوا معه للتعبير عن الأذى الذى شعروا به بعد مواجهتهم بهذا «الشعار» فى المسيرة الاحتجاجية، وقال المدير الفنى للمهرجان أوروا نيرابيا «إن هذا الشعار لا يمثل المهرجان» .

وجاء البيان الصادم من المهرجان الذى طالما اعتبره صناع السينما العربية والفلسطينية صديقاً ومنصة مهمة لإطلاق أفلامهم، بعد بيان من مجتمع الأفلام الوثائقية الإسرائيلى يدين تصفيق وهتاف نيرابيا المدير الفنى ليلة الافتتاح باعتبار «أن التصفيق لعبارة «فلسطين حرة من النهر إلى البحر» هو تأييد لعبارة يعدها مجتمع الأفلام الإسرائيلى معاداة للسامية، لأنها دعوة للقضاء على إسرائيل،الوطن اليهودي، واليهود بشكل عام» 

فى أوروبا وأمريكا ،أى عبارة تدين إسرائيل أو تنتقد سياستها العنصرية أصبحت الآن معاداة للسامية، التهمة المعدة سلفاً للإجهاز على كل من تسول له نفسه الدفاع عن الحق والتضامن مع القضية الفلسطينية بأى شكل من الأشكال حتى ولو بكلمة!!

ويبدو أن المدير الفنى للمهرجان العريق خاف أن تقضى هذه التهمة على مستقبله المهني، وربما ماهو أكثر من ذلك، فاعتذر فورا فى بيان علني، وهى الطريقة الوحيدة فى العالم الغربى لاتقاء توابع تهمة معاداة السامية، إعلان ندمك وطلب الغفران والسماح، وهو ما فعله نيرابيا ببيانه، فكان رد صناع الأفلام بسحب أفلامهم ودعمهم للمسيرة والوقفة الاحتجاجية والشعار الذى رفع فيها، كما تعالت أصوات المشاركين فى المهرجان من صناع أفلام أو موظفين بانتقاد موقف المهرجان الصامت تجاه ما يحدث من إبادة جماعية فى غزة، ومحاولته اسكات صوت المتظاهرين ،وكتب عدد كبير من موظفى المهرجان رسالة موجهة للمدير يرفضون استخدامه ضمير الجماعة وهو يتحدث وكأنه يعبر عن موقف المهرجان والمنظمة بالكامل، حيث يعلن العديد من الموظفين تضامنهم مع الشعب الفلسطينى ولا يوافقون على ماجاء فى تصريحات إدارة المهرجان.

وهكذا تحولت الدورة السادسة والثلاثون لمهرجان امستردام للأفلام الوثائقية لساحة خلاف ومعارك، وبدلا من الاهتمام بالأفلام والفعاليات المختلفة والثرية كما هو معتاد من المهرجان المرموق،فرضت القضية الفلسطينية نفسها على المشهد على مدار أيامه الاثنى عشر،ومازالت الحوارات لم تنته رغم إعلان الجوائز، والتى اقتنص إحداها المخرج الفلسطينى محمد جبالى ففاز بأفضل إخراج عن فيلمه «الحياة حلوة»إنتاج فلسطينى نرويجي، وقالت لجنة التحكيم فى بيانها عن الفيلم «تعبير سينمائى فى الوقت المناسب عن الحاجة العالمية للاعتراف بإنسانيتنا كاملة..إدانة مقنعة للهيئات البيروقراطية والسياسية التى تنكر ذلك.. نغمة إخراجية تمكنت بشكل شبه مستحيل من العثور على الأمل والفكاهة وسط ألم لا يمكن تخيله.. إنها دعوة للحرية، حرية التنقل وحرية الفرص وحرية السعى لتحقيق أحلامنا»

تدور أحداث الفيلم فى ٩٠ دقيقة، حول تجربة خاصة للمخرج محمد الجبالى ، فى عام ٢٠١٤ حين كان فى رحلة تبادل فى النرويج وتم إغلاق حدود وطنه غزة، وهو ما يعنى أنه الآن بلا هوية بعدما رفضت الحكومة النرويجية جواز سفره الفلسطينى ، وتم رفض طلبه للحصول على تصريح عمل، وظل محاصرا مع عائلته المضيفة فى مدينة ترومسو، ولم يتمكن من حضور عرض فيلمه الأول « إسعاف»، وفى انتظار قرار المحكمة فى النرويج ،يصور جبالى نفسه وأصدقائه النرويجيين فى هدوء وبرودة الطبيعة هناك والتى يغطيها الثلوج،فى مقابل اشتعال الموقف فى غزة،ويصور المخرج الشاب دعم المجتمع الفنى المترابط فى ترومسو له بكل الوسائل.

وفاز بالجائزة الكبرى لأفضل فيلم الفيلم الأرمينى «١٤٨٩».

صاحبة وعد بلفور تدعم السينما الفلسطينية !

فى بريطانيا مانحة وعد بلفور وسبب الكوارث التى لحقت بالمنطقة كلها، تعود مهرجانات الأفلام الفلسطينية فى العديد من مدن المملكة ، لإتاحة الفرصة لسماع الأصوات الفلسطينية وسط حرب غزة.

هذا الشهر أقيم مهرجان «ليدز» وقد انتهت فعالياته الأحد الماضي، من أجل إلقاء الضوء على القضية الفلسطينية بما يتجاوز روايات وسائل الإعلام،عرض فى ليدز ١٣ فيلما فلسطينيا ،وفعاليات مختلفة تضمنت الموسيقى الفلسطينية وفنون التطريز المختلفة، يقول فرانسيس بيرنشتاين المدير المشارك لمؤسسة ليدز للأفلام الفلسطينية.

«لقد شعرنا أن الوضع الراهن فى إسرائيل وغزة يجعل للمهرجان أهمية كبرى ، ولذلك قررنا الوصول إلى أكبر عدد من الجمهور بسبب الاهتمام المتزايد الآن بفلسطين، ولم نواجه أى رد فعل عنيف بشأن إعادة إطلاق المهرجان لكن كانت الأجواء مشحونة عاطفيا بسبب الحرب».. ويضيف بيرنشتاين « أن مجلس مدينة ليدز هو أحد ممولى المهرجان وهو رسالة قوية فى مناخ عام يساوى بين دعم أى شىء له علاقة بفلسطين بدعم الإرهاب ومعاداة السامية»

مهرجان «بريستول» يحيى ذكرى نكبة ١٩٤٨

خلال الشهر القادم تنطلق فى بريطانيا مهرجانات أخرى للأفلام الفلسطينية فى بريستول ولندن..سيقام مهرجان بريستول من ٢ إلى ١٠ ديسمبر ،ويفتتح بفيلم « فرحة»، وتقول إدارة المهرجان لجمهورها « توقع مزيجاً مدهشاً من وجهات النظر المعاصرة مع موضوعات متشابكة حول الخسارة والذاكرة، بينما نحتفل بالذكرى الخامسة والسبعين لنكبة ١٩٤٨ عندما تم احتلال الأراضى الفلسطينية ونزع ملكيتها» .

بين أفلام المهرجان «فى ظلال بيروت» و»غزة» لجارى كين و»باى باى طبريا» للينا سويلم و»اليد الخضراء» لجومانة مناع و « القانون والأنبياء» لجوناثان كوك ،ويعرض الفيلم السورى «المخدوعون» لتوفيق صالح ، أحد أهم أفلام السينما العربية ،ويتناول توابع نكبة ١٩٤٨ من خلال ثلاثة أشخاص من أجيال مختلفة يجمعهم هدف الرحيل إلى الكويت بحثاً عن فرصة عمل.