على نسق منتدى دافوس العالمي. استضافت جامعة جورجتاون في قطر مؤتمرا استمر يومين حول استدامة المياه في الواحة والمنطقة والعالم.. يختلف المؤتمر, الذي جاء تحت سلسلة “حوارات” تحمل نفس المسمى, عن دافوس في تخصصه بينما يتقاطع مع المنتدى العالمي في مشاركة الخبراء المتخصصين والأكاديميين والمسئولين والمفكرين العالميين.. في الجلسة الافتتاحية تحدث المفكر العالمي مالكوم جلادويل وهو واحد مؤلف ستة من أكثر الكتب مبيعا في العالم, وفق تقديرات صحيفة نيويورك تايمز واختارته مجلة تايم من أكثر مائة شخصية تأثيرا في العالم, بينما تعتبره مجلة السياسة الخارجية الأمريكية واحد من أفضل المفكرين في العالم.. حفز مالكوم الحضور على سرعة الإستجابة والتفكير خارج الصندوق ومواجهة التحديات المجتمية في سبيل إيجاد حل للمشكلات..
استفاض في جلب أمثلة ألهبت حماس الحضور, كالطبيب فريدريك الذي واجه تحديات انتقاد زملائه وتحرك "بسرعة" لخلط أربع عقارات معا لعلاج اللوكيميا في الستينات أصبحت الآن مرجعا للعلاج الكيميائي للمرض, ومؤسس شركة أيكيا IKEA الذي ابتكر في أربعينيات القرن الماضي صناعة الأثاث بشكل مفكك حتى يتسنى نقله وتسويقه بسهولة.. كما استعار من ستيف جونز رحمه الله مقولة "يجب تطبيق الأبحاث والأفكار الآن" حتى ظهرت أجهزة الماكنتوش بشكلها الحالي.. المؤتمر الذي جاء تحت عنوان “استدامة الواحة.. تصور مستقبل الأمن المائي” تناول أيضا مشكلة التغيير المناخي الذي أدى إلى شح الأمطار وتحديات تحلية مياه البحر باستخدام الوقود الذي تنتج عنه انبعاثات تؤثر على طبقة الأوزون بما ينعكس سلبا على التغير المناخي.. هذه الدائرة المغلقة تتضمن أيضا أمن الغذاء الذي يعتمد بشكل رئيس على وفرة المياه.. مصر كانت حاضرة في المؤتمر من حيث أمنها المائي والغذائي.. الدكتور علي أبو سبع الباحث بالمركز الدولي للأبحاث الزراعية في المناطق الجافة الضوء على أزمة سد النهضة الذي وصفها بالمعقدة دبلوماسيا بين دولة المنبع إثيوبيا ودولتي المصب (مصر والسودان), إلا أنه يقترح التركيز على الاستفادة من مياه نهر النيل بشكل عام حيث تهدر النسبة الأكبر إما في المستنقعات أو تصب في المحيط والبحرين الأحمر والمتوسط, مشيرا إلى أن الإنتقال من مواجهة التحديات التي يفرضها الجزء الأقل من نهر النيل إلى الجزء الأكبر يتطلب جهودا دولية وليس فقط دول مجرى نهر النيل حتى تحدث تنمية في إفريقيا بأسرها..
وأضاف أبو سابا أن الابتكار فليس بالضرورة أننا نقصد المعدات بل تطبيق الأفكار يعد ابتكارا.. ففي مصر اتجه المسئولون إلى خلط الخبز بنسبة من الشعير للتخفيف من ارتفاع أسعار القمح بعد النزاع الروسي الأوكراني.. الأستاذة الجامعية الفرنسية انديانا فرانسيس التي تعمل بجامعة خليفة في الإمارات صدمت الحضور ببحث شاركت في إعداده, يوضح أن درجة حرارة الكوكب ستزداد بخمس درجات مأوية بنهاية القرن الحالي..
◄ اقرأ أيضًا | نيويورك تايمز: الهجوم البري على قطاع غزة «بدأ»
وأوضحت, وفقا للدراسة, التي نشرها معهد العلوم المتقدمة للأرض والفضاء, أن منطقة شرق المتوسط والشرق الأوسط تشهد ارتفاعًا يقرب من ضعفي درجة الحرارة مقارنة بالمتوسط العالمي وأجزاء أخرى مأهولة في العالم. وتشير توقعات المناخ إلى ارتفاع مستقبلي، خاصة في فصول الصيف. ومن المرجح أن تنخفض كميات الأمطار، خاصة في منطقة البحر الأبيض المتوسط.. وستتأثر جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية تقريبًا بشكل حاسم بالتغييرات المتوقعة.. وحول أجندة المياه في مؤتمر COP 28 الذي من المقرر أن تستضيفه الإمارات خلال أسابيع, قال هينك أوفينك المبعوث الخاص الهولندي لشئون المياه الدولية إن أكثر من 90% من اجراءت التكيف مع التغير المناخي لا تعني شيئا في عدم وجود المياه.. لذا, فالمياه تلعب دورا حيويا, ولكن ليس في المفاوضات, لعدة أسباب أهمها أنها ليست سلعة بل حق من حقوق الإنسان..
◄ رها: تخفيف آثار التغير المناخي والتكيف معه يفتقر للتكنولوجيا
فيما أعزت دكتورة رها حكيمدافار مستشار عميد جامعة جورجتاون في قطر وزميل برنامج المياه والمناخ بمعهد الشرق الأوسط العجز فيما يتعلق بالتخفيف من حدة التغير المناخي والتكيف مع آثاره بشكل فعال إلى النقص الشديد في العلماء المتخصصن في “تكلفة المناخ” سواء على مستوى العلماء رفيعي المستوى أو هؤلاء الذين لديهم الرغبة في التعاطي من تحديات التغير المناخي, لذلك لا يوجد ما يكفي من التكنولوجيا والحلول الفعالة..
وأكدت دكتورة رها في الجلسة الختامية للمؤتمر أن “حوار استدامة المياه” لم يأت في هذا التوقيت صدفة, جاء قبل أسابيع من مؤتمر الأمم المتحدة لأطراف اتفاقية المناخ COP 28 حتى يتم رفع التوصيات لأكبر مؤتمر في العالم لمناقشة التغيرات المناخية.
