«يوم النتيجة».. قصة قصيرة للكاتبة فاطمة مندي

ارشيفية
ارشيفية

وقف المعلم محدثا – أصدقائي: اليوم نجتمع جميعا لنعرف النتيجة. أخواني الدارسين  والدارسات لفصول محو الأمية،  لقد مر عامان علي تعاونكم معي ومجهودكم  طوال هذه المدة كنتم فيها نعم الدارسين والدارسات المقبلين علي تعلم الأشياء ومعرفة  المجهول ، فالقلم والورقة والحروف، تشكل كلمات وجمل ومعاني .

 

كنتم جميعا في أمس الحاجة لمعرفتها، فالحروف العربية ثمانية وعشرون حرفا هم أساس اللغة العربية، فالحرف بجانب الحرف يكون كلمة، والكلمة بجانب الكلمة كونت جملة، وبالحروف والكلمات والجمل نجد عندنا موضوعات اللغة العربية والتاريخ والجغرفيا والعلوم.

 أما الأرقام من 1 إلى 10 نجد عندنا الحساب الذي درستموه ، وهذه الأرقام أساس كل العمليات الحسابية.

 نظر المدرس إلي الدارسين وأيامه

- أين الحاج عوض؟ ولماذا لم أره ؟ لقد كان شغوفا لمعرفة النتيجة، لقد قال لي أول أمس:  _ عندما تظهر النتيجة سوف أكمل باقي مراحل  التعليم .

صدقوني يا أخواني لقد أسعدني حواره ليستزيد من المعرفة.

فالعلم لا يقف عند حد ، كذالك المعرفة لا تنتهي. والحاج عوض كان شغوف لمعرفة كل شيء ، وتعلم كل شيء ، كان دائم الأسئلة عن الأشياء التي كان يجهلها،  لم يتأخر أو يتخلف مرة واحدة، دائما كان الأول في الحضور والأخر في الانصراف، كنت أشعر به عندما ينكفئ علي الأرض وينظر إلي الورقة والقلم يحدث نفسه: هل سيأتي يوم وأخط بيدي هذه الحروف؟ أو هذه الكلمات ؟!  سألني: _ يا أستاذ هل سيأتي يوم وأكتب بعض هذه الكلمات وأقراها ؟! .

نظر إليه مشجعاً

- إن شاء الله سوف يأتي قريباً أنك تجتهد وتجعلني أبذل أقصي ما عندي لكي تحب العلم وتتعلمه.

أنكم جميعا أعزائي بذلتم أقصي جهودكم والحاج عوض خصوصاً، لقد كان يأتي من أرضه بعد أن تعب وخارت قواه يجلس يغني غناء جميلاً، وبعد أن يتلقى الدرس كان يغادر إلي بيته وهو يغني سعيد بالتحصيل الجيد له ، صدقوني كان دائما يأتي متعبا لم يتأخر يوما حتى ولو مرض كنت أشعر بذلك حين يكون الغناء حزينا ضعيف، ولكنه الآن أشتد عوده ووضع قدمه على أول الطريق الصحيح فدائما كان يحدثني عن عواد ابنه غير البار به ، أنه دائم الاستغلال له،  لأنه لا يقرأ ولا يكتب ولا يحسب، كان يحسب له العشرة خمسة ويحاسب التجار على شيء ويحاسبه هو على شيء آخر .

 أما الآن فلقد قرأ وكتب وجمع وطرح وعرف القراءة والكتابة. والآن قد أتم المرحلة الأولي من التعليم الابتدائي، أنني سوف أذهب لرؤيته عله يكون مريضاً بشدة لدرجه تمنعه من الحضور لكي يأخد جائزته علي مجهوده الشهادة.

وزع المعلم النتائج جميعاً والشهادات علي السادة الدارسين، وأستأذن الجميع بالانصراف.

 خرج المعلم من المدرسة متجهاً إلى منزل عم عوض، عندما وصل إلى منزله وجد أمام المنزل بعض الكراسي المتراصة، لم يهتم ثم تابع وطرق الباب المفتوح فرأى بهو المنزل يكتظ بالإناث وجميعهم يتشحون ملابس الحداد، تقدمت منه إحدى السيدات ووقفت لكي تقابله سألها 

- قالت الباقية في حياتك يا أستاذ، الحاج عوض تعيش أنت

لم يتحمل غدر ابنه له لقد جعله يمضي على كل ما يملك بيع وشراء «طب ساكت» مات علي الفور.