رغم شلال الدماء .. قرارت مجلس الأمن حول فلسطين «حبر على ورق»

مجلس الأمن الدولي - أرشيفية
مجلس الأمن الدولي - أرشيفية

بعد قرار الأمس الذي طال انتظاره لأكثر من 40 يومًا بعد صراع دامي راح ضحيته أكثر 11 ألف شهيد وقرابة الـ 30 ألف مصاب فلسطيني، خرج علينا مجلس الأمن بقرار هدن إنسانية في قطاع غزة بعد أربع محاولات فاشلة لوقف اسالة الدماء، ليعلو صوت السؤال حول فعالية تلك القرارات التي أُصدرت على مر العقود بخصوص الوضع الفلسطيني، إذ على مدى السنوات العديدة، شهدت القضية الفلسطينية إصدار العديد من القرارات الدولية في مجلس الأمن، ولكن كان معظم تلك القرارات مجرد حبر على ورق، وكانت هي والعدم سواء بالنسبة للكيان المحتل.

وجاء في القرار الذي صاغته دولة مالطا وتم تبنيه بأغلبية 12 صوتا أن المجلس "يدعو إلى هدنات وممرات إنسانية واسعة النطاق وعاجلة لعدد كاف من الأيام" لتقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين في القطاع الفلسطيني.

وفي تحدِ صارخ لقرار مجلس الأمن الصادر أمس، وصف المندوب الإسرائيل، قرار المجلس الداعي إلى هدنات إنسانية لإيصال المساعدات للمدنيين في قطاع غزة، بأنه "منفصل عن الواقع ولا معنى له".

وعلق رياض منصور مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة على قرار مجلس الأمن بأن "هذه خطوة صغيرة في الاتجاه الصحيح بعد أربعين يومًا اتخذها مجلس الأمن، وعار على جبينه أنه لم يتدخل مبكرًا، لكننا أنقذنا ربما حياة الآلاف من الأطفال والمدنيين".

 

الخلفية والسياق التاريخي

يعود تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى عام 1967، حيث أطلقت حرب الستة أيام، التي تلاها صدور القرار 242، الذي دعا إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية. ومع مرور الزمن، صدرت قرارات أخرى كـ 338 (1973) و 446 (1979) و 452 (1979) و 465 (1980)، والتي أثبتت عدم فعالية الدعوات الدولية في وقف سياسة المستوطنات الإسرائيلية.

 

قرار 242

صدر هذا القرار بعد حرب 1967 ليدعو إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي التي احتلتها بما فيها القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان. لكن إسرائيل طوال السنوات الماضية رفضت جميع دعوات الانسحاب واستمرت باحتلال تلك الأراضي وإقامة المستوطنات عليها، حتى بعد صدور قرار 338 لعام 1973، الذي صدر قبل شهر من اندلاع حرب أكتوبر 1973 لإعادة الإلحاح على إسرائيل بتنفيذ القرار 242 والانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967. لكن حكومة إسرائيل بقيت متمادية في تجاهل القانون الدولي بل واحتلال مزيد من الأراضي.

 

ضم إسرائيل للقدس شرقية غير قانوني

خرج القرار رقم 465 لعام 1980 من مجلس الأمن ليعلن أن ضم إسرائيل للقدس شرقية غير قانوني وباطل، لكن الاحتلال مازال يطبق سياساته العنصرية في القدس من خلال تهويدها وتغيير معالمها العربية الإسلامية والمسيحية.

 

الجولان وقرارات الأمن

بعد احتلال إسرائيل للجولان السوري في 1981، صدرت سلسلة من القرارات كان آخرها القرار 497، الذي أدان ضم الجولان واعتبره غير قانوني. ومع ذلك، استمرت إسرائيل في تجاهل هذه القرارات وفي التصرف كما لو كانت لا تمت للقانون الدولي.

 

الدولة الفلسطينية والقرار 1515

في عام 2003، صدر القرار 1515 الذي دعا إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. ورغم هذا الدعم الدولي، لا تزال فلسطين تواجه التحديات في تحقيق حقوقها.

 

هل يكون حبرا على ورق؟

وفي هذا السياق المرير والمعقد، يظل السؤال حائرًا حول مدى قوة وفعالية هذه القرارات الدولية التي صدرت على مر الزمن. رغم صدور القرار الأخير بإقرار هدن إنسانية، لا يمكننا تجاهل حقيقة أن الدماء قد سالت لفترة طويلة وأن الفلسطينيين دفعوا ثمنًا باهظًا في هذا الصراع الدامي.

فقد تكررت دورة القرارات في مجلس الأمن، وكانت كل مرة تترك أثراً مؤقتاً يختفي في ظل استمرار الهمجية والاستيطان الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية. إن إدانة الأفعال الإسرائيلية والدعوة للهدنات الإنسانية تظهر فقط كمرحلة صغيرة في طريق السعي للسلام والعدالة.

لذا، يبقى السؤال الأكبر قائمًا: هل سيكون هذا القرار الأخير نقطة تحول حقيقية أم سيبقى كما كانت القرارات السابقة، حبراً على ورق لا يتحول إلى حقيقة ملموسة؟ إن استمرار التعنت والتجاهل قد يجعل هذا القرار الأخير في سلسلة القرارات الدولية يفقد معناه ويضيع في غياهب الزمن، ولكننا نأمل أن تكون هناك إرادة حقيقية لتحقيق السلام والعدالة في هذه الأرض الممزقة.