«تحت وطأة الحرب وتأثير الدمار».. 50 ألف امرأة حامل في غزة يواجهن خطر الإجهاض

50 ألف امرأة حامل في غزة يواجهن خطر الإجهاض
50 ألف امرأة حامل في غزة يواجهن خطر الإجهاض

تواجه نحو 50 ألف امرأة فلسطينية حامل في قطاع غزة تحديات لا يمكن تصورها، حيث يتربص خطر الإجهاض بحياتهن بشكل مستمر، فعندما يشتد القصف الإسرائيلي في أنحاء القطاع، يتسارع نبض قلوبهن، وترتعد أطرافهن بفزع فيعتريهم الخوف الدائم من فقدان حياتهن وحياة جنينهن بلا هوادة، فيجدن أنفسهن عالقات في مأساة مزدوجة، فمع آلام المخاض المبكرة يصطحبها القلق والترقب الذي يزيد بسبب أجواء الحرب على غزة، مما يزيد أيضًا من صعوبة تحملهن لرحلة التسعة أشهر الصعبة.

فقبل اندلاع الحرب على غزة في 7 أكتوبر الماضي، كان لدى النساء الحوامل في القطاع فُرصة للخضوع للفحوصات الطبية واستشارة الأطباء بخصوص التغذية وتهيئة منازلهن لاستقبال مولودهن القادم.

ولكن في ظل الأوضاع الراهنة، يجد الآلاف من هؤلاء النساء أنفسهن محصورات في الملاجئ بعدما دمر الاحتلال منازلهم، وبالإضافة إلى شح في إمدادات الطعام والمياه، يتعرضن هؤلاء النساء الحوامل لخطر الولادة في ظروف صعبة خارجة عن إرادتهن وبدون وجود أية رعاية صحية بسبب الضغط الهائل على المستشفيات في القطاع التي تستقبل آلاف المصابين يوميًا.

 

ويعشن هؤلاء النساء في ظل تأثيرات القصف الإسرائيلي، حيث ترتفع صرخاتهن الصامتة وسط الهجمات، وقد يصبح البعض منهن ضحية لشدة هذه الحرب، بينما قد يتعرض البعض الآخر لخيارات صعبة كالإجهاض.

ويعاني قطاع غزة حاليًا من هجمات متكررة من قِبل الاحتلال الإسرائيلي، مما أدى إلى فقدان الآلاف من الأرواح وإصابة آخرين، فضلًا عن أن القطاع يشهد نقصًا حادًا في المعدات الطبية والأدوية والغذاء، مما يتسبب في تفاقم الأوضاع الإنسانية أكثر خاصةً بالنسبة للنساء الحوامل بالقطاع.

وبحسب بيان أصدرته الأمم المتحدة للسكان، فإن هناك نحو 540 ألف امرأة في مرحلة الإنجاب في غزة، بينهن 50 ألف امرأة حامل حاليًا يتوقع أن يلدن في أي وقت، كما تواجه هؤلاء النساء تحديات هائلة في الوصول إلى خدمات الولادة الآمنة وتجاوز ضعف الخدمات الصحية، إلى جانب نفاد المخزون الحيوي.


«أمومة على وتيرة القصف».. «شروق» حامل تصارع من أجل نجاة طفلتها 

ومثل الكثير من نساء القطاع الذين يعشن في ظل الظروف القاسية والتحديات المستمرة، تعيش شروق الحامل في شهرها السابع، في ملجأ بخان يونس في جنوب قطاع غزة، وتعبر عن قلقها حيال إمكانية الولادة في ظروف غير صحية، حيث إن قصف المناطق السكنية وتدمير المرافق الطبية قد أضر بالبنية التحتية وأثر على الرعاية الصحية.

فشروق، مثلها كمثل الـ50 ألف امرأة الحامل في القطاع، يعشن في حالة من الخوف، فوضع هذه المرأة الحالي في الملجأ يعرضها وجنينها للخطر، وبالإضافة إلى ذلك، فإنها تعاني من عدم قدرتها على العودة إلى منزلها المدمر للتحقق من حالة الملابس والألعاب التي اختارتها بعناية لابنتها القادمة.

وفي رحلة الهروب مع زوجها من القصف، لم تحمل شروق إلا لعبة واحدة، صنعتها بنفسها بحب ورعاية، وقالت: "كنت قد صنعتها خصيصًا لأميرتي"، حسبما أفادت "فرانس برس" الفرنسية.

وحاولت شروق مع زوجها الوصول إلى أحد المراكز الصحية أو القابلات القلائل المتاحين بالقرب من ملجأهما، ولكن وسط الطريق، تعرضت سيارة أمام أعينهم لقصف، وتقول شروق: "كنا قريبين جدًا، وكان الأمر مرعبًا، فقد بدأنا في الركض نحو الملجأ، تاركين خطتنا لزيارة المركز الصحي".

وتعبر شروق، عن خوفها وقلقها بشكل يومي، قائلة: "لو لم أكن حامل، ربما كنت قادرة على مواجهة هذا الوضع، لكنني خائفة جدا على طفلتي التي لم تولد بعد، ويوميًا، أحصل على زجاجة صغيرة من الماء وقطعتين من الخبز مع الجبن الذائب وأحيانًا الزعتر المجفف، وفي ظل عدم توفر مصادر البروتين أو الخضار الطازجة أو الفاكهة في الملجأ، بدأ أغلبنا من النساء الحوامل يعاني من سوء التغذية".

 

بعض النساء الحوامل يضطررن إلى استخدام مياه ملوثة لتحضير «الحليب الصناعي»

وتشير مديرة منظمة "كير إنترناشيونال" غير الحكومية في الضفة الغربية، هبة الطيبي، إلى أن بعض النساء اللواتي لا يستطعن الإرضاع يجدن أنفسهن مضطرات إلى استخدام مياه ملوثة لتحضير الحليب الصناعي للرضع، نظرًا لعدم توفر المياه النظيفة".

ويقول دومينيك ألين من صندوق الأمم المتحدة للسكان، إن النظام الصحي في غزة على وشك الانهيار، وأن النساء الحوامل لا يستطعن الحصول على الخدمات الصحية الأساسية، وهن يواجهن تحديات لا يمكن تخيلها، ولا يوجد مكان آمن في غزة حاليًا للنساء الحوامل للولادة".


لا يوجد مكان آمن في غزة لولادة النساء.. ومستشفيات القطاع تستخدم معدات «مُستهلكة»

وأضاف ألين، أنه حتى عندما تنجح هؤلاء النساء في الوصول إلى المستشفى، يظلن عرضة لاحتمال مغادرتهن ساعات قليلة بعد الولادة، وفي هذا السياق، تشير هبة الطيبي، إلى أن "لا يوجد متابعة منتظمة بعد الولادة"، وحتى وأثناء فترة إقامتهن داخل المستشفيات، يظل النساء والرضع عرضة لخطر الإصابة بالعدوى، نتيجة لنقص المعدات الطبية والظروف الصعبة، تعيش المستشفيات في غزة اليوم في ظل أعباء كبيرة نتيجة للأعداد الهائلة من الضحايا بعد الغارات الإسرائيلية ونقص الموارد الطبية، حيث أصبحت تضطر إلى إعادة استخدام المعدات التي كان يجب التخلص منها، مما يعرض النساء والرضع للمزيد من المخاطر.

وأضافت الطيبي، أنه "بسبب نقص الكهرباء والوقود اللازم لتشغيل المضخات والمطهرات، هناك نقص في المياه" في المستشفيات بغزة، مما يزيد من التحديات والصعوبات التي يواجهها هؤلاء النساء والأطفال المولودين حديثًا.


صندوق الأمم المتحدة للسكان: العمليات القيصرية للنساء في غزة تُجرى «بدون تخدير»

كما أشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في ذات السياق، إلى أن العمليات القيصرية للنساء في غزة تُجرى دون تخدير، مما يشكل خطرًا على حياتهن، ودعا الصندوق إلى وقف إطلاق النار وضمان وصول النساء إلى خدمات الأمومة السليمة.

بجانب أن هناك حوالي 540 ألف امرأة في سن الإنجاب تعيش في غزة، منهن 50 ألف امرأة حامل حاليًا في القطاع، ومن المتوقع أن تضع نحو 5500 امرأة طفلها خلال شهر نوفمبر الجاري، فضلًا عن أن أكثر من 840 امرأة تعاني من مضاعفات مرتبطة بالولادة، فهؤلاء النساء يعشن تحت وطأة القلق والخوف حيال مصيرهم ومصير أبنائهم يأملن في أن يلوح لأطفالهم ضوء الحياة، ويتساءلن في هذه اللحظات الصعبة.. هل ستفتح أعين أطفالهن الصغار رغم ما يحيط بهم من خراب ودمار تحت وطأة القصف في قطاع غزة، أم لن يتسنى لهم أن ترى أعينهم البريئة النور أبدا؟..