المسجد العباسي.. قصة أقدم الجوامع في منطقة القناة الذي خلق نشاطا تجاريا كبيرا

المسجد العباسي
المسجد العباسي

 فتحي البيومي

لم تخل شوارع الإسماعيلية من المعالم الحضارية والتاريخية التى تعبر عن حكاية هذه المدينة الخالدة ، فكل معلم من معالمها له حكاية تاريخية تناقلها الأحفاد عن الأجداد، ليظل تاريخها مشعل نور يضيء كل شوارعها، وكل مكان بها كان شاهد عيان على قصص وبطولات وأمجاد صنعها أبناء هذه المدينة ضد المحتل أي كانت هويته وأطماعه.

ولعل أهم هذه المعالم "المسجد العباسي" حيث يعد من أول المساجد التى بنيت في منطقة المحطة الجديدة، ليتوافد عليه كل أبناء المدينة من كل الأحياء لممارسة الصلوات والعبادات.

"بوابة أخبار اليوم" تفتح خزانة ذكريات الإسماعيلية لتكشف قصة بناء هذا الصرح الإسلامي الكبير، ودوره في بناء منطقة تجارية كبيرة من حوله كان من شأنها إحياء منطقة المحطة الجديدة بمدينة الإسماعيلية.

إنشاء المسجد العباسي 

وعن إنشاء المسجد العباسي يقول جلال عبده هاشم أحد أبناء الإسماعيلية ومؤلف كتاب "الاسماعيلية أحداث وذكريات"  يعد المسجد العباسي هو أول مسجد متكامل، وهو أقدم المساجد التى بنيت في منطقة القناة وأحد أهم المعالم الأثرية الهامة في الإسماعيلية، وقد أمر بالإنشأه الخديوي عباس حلمي الثاني عام ١٨٩٢.

ويقول المؤرخون أن العارف بالله الشيخ أبوالحسن استغل زيارة الخديوي إسماعيل للإسماعيلية ونقل له مطالب جموع العاملين المقيمين بحي العرب والمحطة الجديدة منها لإقامة مسجد كبير يليق بالإسماعيلية كمدينة ، ولمس الخديوي إسماعيل عناء ومشقة المسلمين للوصول إلى المسجد فأصدر على الفور أوامره إلى ديوان الأوقاف بسرعة بناء مسجد جديد يليق بالإسماعيلية وتم بعد ذلك وضع حجر الأساس لهذا المسجد ، واحتفل بافتتاحه للصلاة في مايو 1898 وأطلق عليه الجامع العباسي .

اقرأ أيضا|محافظ الإسماعيلية يصدق على عدد من مشروعات التطوير والرصف


موقع الجامع العباسي والشكل المعماري


وعن موقع الجامع العباسي يقول "هاشم" تم اختيار منطقة المحطة الجديدة لبناء المسجد مطلا على شارع محمد علي وذلك لقربها من تجمعات العاملين بمختلف المهن بالإسماعيلية والذين كانوا يتمركزون في منطقة المحطة الجديدة وعرايشية مصر وغيرها من الأماكن المحيطة، ولما كان ذهابهم لأداء الصلوات في مسجد الجسر يكلفهم عناء ومشقة الذهاب والإياب تم اختيار منطقة المحطة الجديدة لإنشاء المسجد العباسي بها وذلك لقربها وتوسطها للأماكن التى كان مأهولة بتجمع السكان في ذلك الوقت.

وقد اتخذ المسجد شكلا معماريا متأثرا بالعمارة العثمانية من حيث الشكل الخارجي والتكوين الداخلي للمسجد والتقسيم والاتساع وحتى أشكال النجف وقناديل الإنارة وشكل المأذنة .

دور المسجد العباسي في إحياء التجارة بالمنطقة

وعن أهمية المسجد العباسي ودوره في ازدهار التجارة في محيطه يقول "هاشم" لم يقتصر دور مسجد العباسى بعد الافتتاح على أداء الصلوات الخمس وخطب يوم الجمعة فحسب، ولكن تم استغلال الأعداد الكبيرة من المصلين ورواد الجامع من مختلف البلاد المجاورة، لإنشاء السوق التجارى الأول من نوعه داخل المحافظة، والذي يقصده التجار من جميع البلاد حاملين البضاعة والمنتجات التجارية، محملة على "الجمال"، فتأخذ طريق القنطرة شرق وغرب محافظة الإسماعيلية ومنه لشارع محمد علي وصولًا لمنطقة الجامع العباسي بالمحطة الجديدة التابعة لحي أول الإسماعيلية، ليفترش التجار البضائع على جنبات "الجامع" متخذين تلك المنطقة سوقًا تجاريا ، فتصبح هذه المنطقة أحد أول وأهم "محطة تجارية" بمحافظة الإسماعيلية، ومن هنا جاءت تسمية المنطقة بحى المحطة الجديدة، فقد كان من المعروف محطة للسكك الحديد هي المحطة الوحيدة داخل المحافظة، قبل ولادة المحطة.

ضم المسجد العباسي لهيئة الآثار المصرية

ويضيف "هاشم"، مع مرور السنوات تم ضم المسجد العباسى بالإسماعيلية لهيئة الآثار والتى قامت بترميمه أكثر من مرة كان آخرها عام 2012 بعد مطالبة مجلس إدارة المسجد بالترميم والإصلاح بعد تهالك بعض الجدران وأجزاء من السقف، حيث بدأ الترميم عام 2011م بواسطة خبراء يمتلكون من الخبرة الكثير والكثير للترميم وإرجاع الأثر إلى ما كان عليه وذلك بكل الطرق والوسائل المتبعة حسب المواثيق الدولية، وانتهت أعمال الترميم في 2012م ، بالجهود الذاتية من أهالى المحافظة، خاصة بعدما تم تكوين جمعية خيرية مشهرة، ثم بعد ذلك تم اعتماد ميزانية من هيئة قناة السويس ووزارة الأوقاف لاستكمال باقى الترميمات بالمسجد.