فداء الشندويلى : « المنبر » يكشف دور الأزهر دفاعًا عن الدين والوطن

فداء الشندويلى
فداء الشندويلى

أحمد‭ ‬سيد‭  ‬

رغم إبداعاته الفنية فى عالم الدراما التلفزيونية، حيث قدم ما يقرب من 55 عملا، إلا أنه لم يخض تجربة الدراما السينمائية طوال هذه الفترة، حتى سنحت له الفرصة أن يعبر عن أفكاره وإبداعاته من خلال فيلم “المنبر”، الذى يُظهر من خلاله الدور الحقيقى للأزهر الشريف على مدار التاريخ، والدور المؤثر الذى يقوم به الأزهر فى الفترة الحالية حتى يقضى على التطرف والعنف وأفكار خفافيش الظلام التى تبث سمومها فى عقول الشباب

فداء الشندويلى قرر أن يتصدى إلى هذا العمل إيمانا منه بأهمية الدور الذى يقدمه الأزهر فى توعية المواطن العربى بشكل عام، ولذلك كان لنا هذا الحوار معه ليكشف لنا تفاصيل فيلمه “المنبر”، ويصحح بعض المعلومات المغلوطة التى انتشرت عن الفيلم.

فى البداية يقول فداء الشندويلى : سعيد بتقديم فيلم “المنبر” الذى يتم تصويره حاليا، وهو عمل فنى مختلف تماما عن الأعمال التى قدمتها من قبل، حيث أبرز فيه دور الأزهر الشريف على مدار تاريخه ومنذ تأسيسه حتى الآن، ويأتى التركيز الأكبر على الفترة الحالية ودوره التنويرى فى توعية الشباب، ومحاربة الإرهاب والتطرف الفكرى. 

رغم تاريخك الفنى الطويل فى عالم الدراما التلفزيونية إلا أن “المنبر” هو أول فيلم لك، فما السبب ؟ 

أرى أن ما يقدم فى السينما حاليا هو مجرد شئ استهلاكى فى مواسم الأعياد والمصايف، أو أن تكون دراما موجهة، لكن الأعمال السينمائية الحقيقية غير موجودة بشكل كبير نظرا لظروف تتحكم بها تخص السوق السينمائى، فأنا ليس لدى طموح شخصى أن تكون لى مشاركات سينمائية بشروطها الموجودة حاليا، ولكنى كنت سعيد الحظ أن تتاح لى الفرصة من خلال فيلم “المنبر” دون الخضوع لهذه الشروط، وبعيدا عن أية ضغوطات تعرقل حرية الإبداع والناحية الفنية، فضلا عن أننى اكتب فى الإسلاميات منذ عدة سنوات، وأرى استمتاع أكبر فى هذا الاتجاه، وعندما سنحت لى فرصة تقديم فيلم قريب من هذا الاتجاه المحبب لى، أجده إضافة بالنسبة لى، خاصة مع مرور الوقت والسن لابد أن تسأل نفسك أن ما أقدمه مدى فائدته، لابد أن أستغل هذه الموهبة لصالح قضايا دينية و وطنية وتربوية، وأتصور أنه إن لم يتحقق ذلك فنحن فى خطر حقيقى، وفضولى فى التواجد لمجرد التواجد على الساحة أصبح بالنسبة لى منعدم حاليا، حيث قدمت 52 عملا فنيا، وفقدت الشغف فى تقديم عمل بقدر ما يكون هناك عمل جديد ومفيد.           

وكيف جاءت فكرة فيلم “المنبر” ؟ 

فكرة الفيلم تم طرحها من جانب الأزهر الشريف، وكان التفكير فى تقديم أول فيلم سينمائى روائى عن الأزهر الشريف، وجمعتنى عدة جلسات مع الدكتور أحمد الطيب فضيلة الأمام الأكبر شيخ الأزهر، وكانت تجمعنى به علاقة عمل من قبل، وهو رشحنى لكتابة الفيلم، وعقدت جلسة للوقوف على الخطوط العريضة للعمل، والفكرة العامة للفيلم كونه أول عمل سينمائى يتحدث عن الأزهر الشريف ويبرز دوره التنويرى والوطنى، وقمت بكتابة الفكرة كاملة وطرحتها على شيخ الأزهر فى جلسة عمل مطولة، وكان حاضرا فى الجلسة كل من الدكتور محمد عبد الرحمن الضوينى وكيل الأزهر الشريف، ودكتور نظير عياد رئيس مجمع البحوث الإسلامية، وعدد من شيوخ الأزهر، ولاقت الفكرة العامة استحسان الجميع، وبعدها بدأت فى كتابة السيناريو الخاص بالعمل. 

وماذا عن المادة التاريخية والعلمية التى استعنت بها فى الفيلم ؟ 

استعنت ببعض الكتب إلى جانب وجود بعض الشيوخ الذين كانوا يمدونى بالمعلومات والأحداث التاريخية الصائبة، وبالتالى خضع هذا الفيلم إلى رؤية الأزهر، حيث طلبت من الأزهر أن يكون هناك شيوخ يمدونى بالمعلومات الدقيقة، ورشحوا لى الدكتور الحسينى حماد ليمدنى بالمادة العلمية عن أهم النقاط والمواقف التاريخية التى تبرز دور الأزهر الشريف فى دفاعه عن الوطن والدين، وبعد مرور عام تقريبا من كتابة السيناريو والمراجعات الدقيقة، تم تقديم السيناريو إلى الأزهر الشريف ومر على ثلاث لجان مختلفة، حتى تمت الموافقة عليه بشكل نهائى، وتم التحضير للعمل كفيلم سينمائى، وهذه المراجعات استغرقت ما يقرب من 6 أشهر، أى أن الفيلم استغرق تحضيره من كتابة ومراجعات أكثر من عام.                  

يتردد أن الفيلم درامى وثائقى، فهل هذا صحيح ؟ 

الفيلم به جانب تاريخى وليس وثائقى كما يتردد، والفيلم روائى تاريخى، نستعرض من خلاله “الفلاش باك” بعض الأحداث التاريخية الهامة التى تبرز دور الأزهر الشريف دفاعا عن الدين والوطن، حيث نقدم تاريخ الأزهر الشريف منذ تأسيسه وحتى الآن أكثر من 1000 عام، وأن دوره لم يقتصر فقط على نشر الدين الإسلامى، ولكن أيضا كان له دور وطنى مثل دوره فى مواجهة الحملة الفرنسية والاحتلال الإنجليزى وفى فترة حكم محمد على، حيث أن العمل يجمع بين الدورين الدينى والوطنى، والفيلم يجمع بين الحداثة والتاريخ، حيث أن نصف الأحداث تقريبا تدور فى الزمن الحاضر، والنصف الآخر فى الزمن الماضى.

ما الذى يكتشفه الجمهور جديدا عن الأزهر الشريف ودوره التاريخى فى المقاومة والاحتلال من خلال الفيلم ؟ 

الفيلم لا يقوم فقط على إبراز دور الأزهر الشريف فى مقاومة  الاحتلال، وإنما يبرز دوره فى الحياة الآن وليس قديما فقط، ونستشهد ونسترجع الدور الذى قام به قديما، وهذا هو الأهم حاليا، وأن الأزهر ليس هدفه فقط تعليم الطلاب الدين، بل يعلمهم الإنسانية قبل الدين، وهنا طلبة الأزهر ليسوا مصريين فقط، بل هناك جنسيات مختلفة تحديدا من 130 دولة فى العالم، وهو ما بنيت عليه فكرة الفيلم، حيث أن الأزهر الكيان العلمى الوحيد على وجه الأرض الذى يستقبل 130 جنسية يدرسون فيه مجانا، ويقيمون بمصر مجانا أيضا، ويهمنى كمؤلف أن أميز المواقف التى تبرز دور هذا الكيان، ووجدت هذا الجانب مدخلى الأساسى للفيلم، فضلا عن الجانب الآخر أن يربى إنسانا قبل أن يلقنه العلم، ولهذا السبب خرج من هذا الكيان الضخم أبطالا مثل السورى سليمان الحلبى، لكنه كان له تأثير كبير فى المقاومة المصرية فى الحملة الفرنسية، وبالرغم أنه سورى وليس مصري، إلا أنه تشرب المبادئى الإنسانية التى زرعها فيه الأزهر الشريف، حيث تعلم كيف يكون مقاوما وكيف يكون إنسانا، والفيلم يبرز دوره حاليا، كما يبرز أهمية الوسطية فى الدين وهو شعار الأزهر الذى ينشره بين الناس وخاصة الشباب، حتى لا يتجه إلى التطرف أو التفريط فى الدين، وهو دور رئيسى للأزهر الشريف، وهو ما يركز عليه الفيلم أيضا. 

ماذا عن أصعب مرحلة مررت بها أثناء تحضيرك وكتابة سيناريو الفيلم ؟

هناك مرحلتين مر بهما الفيلم الأولى الفنية والثانية العلمية، الفنية كانت بالنسبة لى تحدى كبير أن أدمج الأحداث التى تدور فى الحاضر مع الأحداث التى تدور قديما والتى نعود بها عن طريق “الفلاش باك”، وهذا الجانب كنت أخشى ألا يكون مفهوما بالنسبة للشيوخ الذين تولوا مراجعة الفيلم، ولكنى فوجئت بتفهمهم للعمل بشكل كبير، وفى نفس الوقت التحدى العلمى عندما وجدت أن المادة كبيرة جدا لا يتحملها فيلم مدته ساعة ونصف تقريبا، وخاصة أن ثلث هذا الزمن مخصص للجانب التاريخى للفيلم والباقى أحداث معاصرة، ولذلك كان يجب اختيار أهم الأحداث التاريخية وكيفية تقديمه، وأرى أن تجربتى مع هذا الفيلم من أصعب التجارب التى مررت بها، ولكنى أعشق فكرة تحدى النفس. 

هل كانت هناك أية تدخلات من شيوخ الأزهر فى فكرة عدم ظهور شخصيات بعينها فى الأحداث ؟ 

أنا من المؤلفين الذين يحرصون على العمل الفنى، ومن الصعب بالنسبة لى التدخل فى السياق الدرامى الذى يحمله العمل، وربما يكون ذلك كان متعب بالنسبة لهم وليس لى، لأنى كنت حريص بشدة على التمسك بالسياق الدرامى، وكنت أحارب من أجل الحفاظ على الجانب الدرامى وأهميته مثل الجانب التاريخى والذى كان مهما بالنسبة لهم، وكنت حريص أيضا على توضيح أن الفيلم روائى وليس وثائقى لأنهم كانوا يتعاملون معه فى البداية على هذا النحو، وبدأت أعمق لديهم أنه فيلم سينمائى وينافس أفلام أخرى فى دور العرض، وبالتالى له لغة سينمائية وإيقاع مختلف عن الأفلام الوثائقية وهو أمر احتاج إلى عدة جلسات لتوصيل الرسالة، وكان ذلك صعبا فى البداية، ولكن مع مرور الوقت وجدت تجاوب كبير من جانبهم، وخاصة من شباب الشيوخ الذين تواصلوا معى بعد ذلك، وكما كان هناك عامل آخر يسر بالنسبة لى هذا الجانب، حيث كانت لى تجارب فنية سابقة مع الأزهر الشريف، وكانت عبارة عن مسلسلات وبرامج تحريك وهم 7 أعمال تقدم فيه دور بارز لشيوخ الأزهر، وهى دينية درامية، وكان ذلك يخلق حالة من الجدل بيننا، وبالتالى هذا خلق حالة من التفاهم بعد ذلك، وفى نفس الوقت اكتسبت لياقة التعامل مع شيوخ الأزهر، حتى وصل إلى أنهم يرشحونى لكتابة أعمال عن الأزهر، وهو ما وجدته عند كتابة فيلم “المنبر” أيضا. 

اقرأ أيضا : حامد مرزوق: صناعة الدراما شهدت تحولات كبيرة الفترة الأخيرة


 

;