«صرخة ألم» قصة قصيرة للكاتبة فاطمة مندي

الكاتبة فاطمة مندي
الكاتبة فاطمة مندي

تركتُ منزلي كثيرا قاصدة منزل أخوتي ، وبعد عدة مشادات، أرجع أدراجي إلى منزلي بعد أن يمزقني شعور لزيارة غير مرغوب فيها، منكسة الرأس، مغلوبة علي أمري، مَثلي كمثل كثير من النساء، أسلم أمري إلى الله وأكمل مسيرتي كأم .

أخو زوجي الكبير  يكرهني، ويتشاحن معي ويكيل لي السباب والضرب والإهانة، بسبب وبدون سبب، يفتعل مشادات معي، ولأنه أخو زوجي الكبير كنت ألتزم الصمت، وعندما يعود زوجي،  يقص عليه ما حدث بأسلوب مغاير للحقيقة، فيوسعني زوجي ضربًا، لا علم لي لماذا يكيلون لي كل هذه السباب وكل تلك الإهانة ؟! هل لأنني يتيمة ؟! أم لأنني لا عمل لي ولا دخل ولا مأوى ؟! أم ماذا ؟! لا أعلم .

وتئن نفسي وتحتج متسألة لعلها صرخات ألم ، صرخات يأس ، صرخات تائهة في لجة بحر جفت مأقيه ، في عالم لا يفهمني ، لعلني غريبة عنه ، أم أنه هو غريب عني ، هو الدهر هكذا أرادني بمشاعر مهترئة ، هي الأيام تفصلني إما عن مجد قد أرادته لي.

أم هو شقاء  وشر مستطير يلتصق بي ؟!

هي الكلمات تخبرني عن مصيري التعس الأبدي ، هي الدنيا ، مالكِ أنتِ لا تنحنين ؟! هو العَدْوُ بي نحو الهاوية التي  قد أظهرت لي أنياب الشر ، ويحك هل أنتِ لا تعلمين ؟!

هل الجنون يتملكني أم هي الشياطين تستبد بي وتلعب  بتحمُلي؟!

 أو أن تلك الأرواح تتغمدني ، وتسدد لي الضربات في كل مكان؟! .

 قلبي يئن ويتوجع من شدة الغدر .

 يكيل لي زوجي كافة أنواع العذاب،  وأنا أتفانى في إسعاده،  أغض الطرف عن تصرفاته الشنعاء معي، ويتفاني في بعثرتي في أزقة الإهانة، ويمزق كرامتي أمام الجميع وفي أي مكان.

في أحد الأيام كنت أعاني آلاما مبرحة إثر مشادة مفتعلة كنت مغصوبة عليها ومضطرة لخوضها معهما، كال لي زوجي وأخيه كل أنواع الإهانة والضرب .

انزويت بعيداً في حجر حجرتي، بعد أن أنهى مهمتهما المفتعلة، صعد إلى شقة شقيقه،

كنت أتصفح هاتفي متنفسي الوحيد، وجدت من يحادثني بلطف ولين تجاهلته أول الأمر، بل وأهملت الكلمات التي كنت بحاجة إليها كي تروي قلباً مهترءًا ونفسًا جدباء !

كانت تأتيني كلماته كل يوم أتجاهلها، وعندما وصلت لطريق مسدود مع زوجي، انسقت وراء مشاعر أفتقدها وأحتاجها .

 تناولتها بنهم الجائع، أخذت ارتوى منها؛ وكأنني ظمأى في صحراء جدباء، كل هذا جعلني أحس بالحياة .

تحدثت إليه عبر مربع الرسائل: إنني زوجة وأم لطفل.

قال لي: لا عليك؛ أنا لم أتزوج بعد، وأريدك زوجة لي، أنا لا أريدك حبيبة فقط، في انتظارك بعد أن تتخلصي من كل مشاكلك، واعلمي أن ولدك هو ولدي.

حمدت الله كثيرًا وطلبت من زوجي الطلب الذي كان  يتمناه ويلوح لي به وينشده، ولا يعلن عنه (الطلاق) .

وافق علي الفور، وكأنني قد فتحت له طاقة القدر، ولكن بعد أن أتنازل له عن كل شيء حتى ولدي.

تم طلاقي وخرجت من منزلي خالية الوفاض، بعد أيام قليلة تزوج بأخرى، لم أكترث للخبر، ولم أعره أدنى اهتمام، وجريت علي هاتفي كي أبشر  حبيبي وعمري القادم الذي ضحيت من أجله بكل غالي وثمين وسوف أعيشه، وبساتيني التي سأرويها بعد سنوات عجاف، وأشجاري التي سوف تخضر أوراقها ، أمسكت هاتفي

وتركت له رسالتي علي حسابه الخاص (الفيس بوك):

رد عليّ أنا زوجك أو بمعنى أدق طليقك، كان أخي علي حق عندما نصب لك هذا الفخ؛ كي يحل لي مشكلة زواجي بمن أحببت،  ونعتك بألفاظ نابية.

وها أنتِ قطعة خرقاء بالية تستحق الحرق وأصبحتي  بلا شيء.