«الأوفر برايس والسوق السوداء».. متى يتعافى سوق السيارات المصري؟

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

يعاني سوق السيارات المصري من ظاهرة تكاد تكون هي الأصعب منذ فترة كبيرة وهي ظاهرة «الأوفر برايس»، حيث يتم بيع السيارات بأسعار أعلى من قيمتها الحقيقية.

يعود ذلك إلى قلة المعروض وزيادة الطلب على السيارات في السوق، مما يجعل البائعين يستغلون هذه الفرصة لزيادة الأرباح.

وبالتالي، يلجأ البعض إلى الشراء من ما يعرف بـ «السوق السوداء» للحصول على سعر أفضل، مما يؤدي إلى تفاقم الظاهرة.

رصدت «بوابة أخبار اليوم» آراء الخبراء والمتخصصين بشأن رؤيتهم لوضع السوق وحركة البيع والشراء وحجم المبيعات وتوقعاتهم لما سيشهده السوق خلال الفترة القادمة.

حيث أكد خبير السيارات اللواء حسين مصطفى، أن السوق يعاني من انخفاض في حجم المبيعات، منذ بداية عام 2023، بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي. مشيرا إلى أن الأزمة ليست مقتصرة على تراجع المبيعات فقط، بل تشمل أيضًا تراجعًا في الإنتاج المحلي نتيجة عدم توفر العملة الأجنبية لاستيراد السيارات الجديدة بالكامل.

اقرأ أيضاً | تجارة قطع الغيار المستوردة.. أرباح بالملايين والمستهلك الضحية

وأكد خبير السيارات، أن المبيعات في الأشهر العشرة من هذا العام شهدت انخفاضًا بنسبة ٧٠٪ مقارنة بالعام السابق، بالإضافة إلى انخفاض في استيراد السيارات بنسبة ٧٥٪، في حين تراجع إنتاج السيارات المحلي بنسبة ٦٢٪.

وأوضح مصطفى، أن هذا الانخفاض الكبير في سوق السيارات يؤثر على دورة رأس المال في قطاع السيارات وعلى المعروض للمستهلكين، حيث أصبح الانتاج الكبير نادرا نتيجة للارتفاع الغير مسبوق في الأسعار.

وهذا يؤدي إلى اتخاذ عدد كبير من المستهلكين قرار بعدم شراء سيارة بعد الزيادة الكبيرة في الأسعار، لأنهم أصبحوا غير قادرين على تحملها ماليا.

وذكر مصطفى، أن هذا التراجع الحاد في مبيعات السيارات يرجع إلى عدة عوامل، من أبرزها توقف استيراد السيارات منذ شهر فبراير من العام الماضي 2022، وارتفاع سعر الدولار الذي يؤثر بدوره على فاتورة الاستيراد التي تتضمن الجمارك والضرائب والرسوم، مما يؤدي إلى زيادة قيمتها أيضًا، بالإضافة إلى قلة المعروض من السيارات.

بالإضافة إلى ندرة المبيعات، والتي تعود إلى وجود تكلفة ثابتة على أصحاب المعارض لضمان استمرارية تشغيلها، تشمل هذه التكلفة إيجار المعارض ورواتب العاملين بها، بالإضافة إلى المصروفات الإدارية والدعاية. وبسبب ذلك، اتجه بعض أصحاب المعارض بتعويض جزء من خسائرهم من ظاهرة "الأوفربرايس" لبيع السيارات بأسعار أعلى من قيمتها الأساسية، بالرغم من ارتفاع سعر السيارة فى الأساس، وهذا الأمر أدى إلى ارتفاع أسعار السيارات  بشكل مبالغ فيه، وبالتالي خروج فئة مستهلكي السيارات الاقتصادية من السوق، نظرًا لأن الأسعار وصلت إلى مستويات غير متناسبة تمامًا مع القيمة الحقيقية لها. 

 

اقرأ أيضاً | مقارنة بين أسعار السيارات بمبادرة المصريين بالخارج والسوق المصري


وبسبب ذلك، أصبح قرار شراء سيارة أمراً صعبًا للغاية، حيث أصبحت الأسعار "المليونية" هي السائدة في سوق السيارات.

بخصوص توقعاته للسوق، يقول مصطفى، لا يستطيع أحد التنبؤ بحدوث أي تطورات في سوق السيارات خلال الفترة المقبلة، خاصةً مع استمرار الأسباب والعوامل التي أدت إلى قلة المعروض وارتفاع أسعار السيارات، بالإضافة إلى ذلك، لا أحد يعلم متى ستنتهي الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية التي أدت إلى حدوث تضخم عالمي في جميع القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك قطاع السيارات الذي تأثر بشكل سلبي بتبعات تلك الأزمة.
ويرغب مصطفى في تيسير استيراد مكونات الإنتاج للمصانع حتى تعمل بكامل قدرتها لتوفير إنتاج كمية مناسبة من السيارات.

كما يطمح أيضًا لتوفير "الدولار" اللازم لاستيراد السيارات، ويرجح القول إلى أن معظم السيارات المتاحة حاليًا في السوق تأتي من الاستيراد الشخصي أو من بعض الوكالات والمستوردين الذين تمكنوا من تنظيم بعض الدولارات المسموح بها من قبل البنك المركزي لتحويلها للاستيراد.

وعادةً ما تكون كمية السيارات المستوردة قليلة لدرجة أنها لا تؤثر بشكل ملحوظ على انخفاض أسعار السيارات.

وبين المهندس ممدوح السيوفي خبير  السيارات، أن هناك سوقًا سوداء في مصر، وبعض وكلاء الشركات الأم في البلاد للأسف لا يتعاملون بشكل نزيه، وهم يتعاونون مع بعض الأفراد في مجال التسويق والمبيعات، وهذا يعتبر نوعًا من الغدر وغير الأمانة في التجارة. ومع ذلك، فإن الشركات الأم تلتزم بالأسعار المحددة، والدليل على ذلك هو التزام الشركات الأم بالأسعار في جميع أنحاء العالم.

ووصف السيوفي "الأوفر برايس" بأنها ظاهرة مخيفة بسبب زياداتها المفرطة في الأسعار، حيث وصلت في المتوسط بين200-600 ألف جنيه وحتى مليون جنيه لبعض السيارات الأوروبية. والتي كان من المفترض أن يستفيد المستهلك المصري من تخفيضات "الشراكة الأوروبية"، التي تهدف إلى فرض زيرو جمارك على السيارات الواردة من الدول الأوروبية. ولكن هذا يُضيع مجهود الدولة في توقيع اتفاقيات توفر أسعارًا معقولة وحياة كريمة للمستهلك المصري مثل أي مستهلك في البلدان الأخرى.

وأعرب "السيوفي" عن حزنه وأسفه إزاء ما يحدث للمستهلك المصري، وخاصة وجود بعض المشترين الذين يدفعون أسعارًا مبالغ فيها لبعض السيارات، مضيفا أن هذه الظاهرة تحتاج إلى دراسة جيدة للقضاء عليها نهائيًا.


وحث السيوفي، المستهلكين على عدم شراء المنتجات إذا كانت الأسعار مرتفعة ومبالغ فيها، قائلاً: "لا تشتروا المنتج في حالة ارتفاع الأسعار".