كلمات عابرة

لم يعد في غزة مكان آمن!

حمدي حامد
حمدي حامد

لطالما صدَّعَنا الغرب بحقوق الإنسان، والحيوان، والحجر، والشجر، ولكن هذه الحقوق تُكال بألف مكيال، فإذا تعلق الأمر بقطة أمريكية أو كلب بريطانى أو سلحفاة على شواطئ فرنسا أقاموا الدنيا ولم يُقعدوها.. أما إذا كان الجريح أو القتيل عربيا أو مسلما فلا بأس بقتله، ويا حبذا لو تم تجويعه ومنع الماء والدواء عنه قبلها حتى يكون عبرة لمن تُسول له نفسه (الحلم) بالتحرر من احتلال يجثم على صدره منذ سبعة عقود.

شىء مؤسف أن يقف العالم متفرجا على الأطفال والنساء فى غزة يُقصفون بلا رحمة ويُمنع عنهم الماء والطعام والدواء وأبسط أساسيات الحياة فى ظل نفاد الوقود وتوقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات وعجز الطواقم الطبية عن تقديم الخدمات الصحية وإنقاذ حياة المصابين والجرحى، حتى ثلاجات حفظ الموتى توقفت عن العمل.

لم يعد فى غزة مكان آمن، كلما تجمعوا فى مكان قصفته إسرائيل وكأنها تريد إخلاء غزة من أهلها قبل الاجتياح البرى حتى لا تجد مقاومة، أو لعلها تريد فرض الأمر الواقع بالنزوح جنوبا باتجاه الحدود المصرية لتنفيذ صفعة القرن المشئومة.. كلما لجأ المدنيون إلى مدرسة أو مستشفى قُصفت على رءوسهم بحجة أن حماس تتحصن بها أو تنفذ عملياتها من تحتها! فإذا كانت إسرائيل تظن أن حماس بهذه السذاجة فتلك مصيبة وإذا كانت تتعمد قصف هذه المنشآت على رءوس المدنيين فالمصيبة أعظم.. خاصة أن أمريكا أعطتها الضوء الأخضر بالتمادى فى إجرامها بحجة حقها فى الدفاع عن نفسها.. ولا أدرى ممن تدافع عن نفسها إذا كان أغلب القتلى (الذين تجاوزوا التسعة آلاف) من الأطفال والنساء!

ما تقوم به اسرائيل اليوم تحت سمع وبصر العالم الأعمى والأصم هو عقاب جماعى لأكثر من مليونين من الأبرياء يدفعون ثمن رعونة (النتن ياهو) للتغطية على هزيمته الاستخباراتية المدوية وفشل حكومته فى التصدى لضربات حماس المباغتة والموجِعة و(الاحتلال الفلسطينى لإسرائيل) الذى رغم أنه لم يدم أكثر من عدة ساعات إلا أنه حدث فريد فى تاريخ الدولة اللقيطة.. وهذه فى حد ذاتها صدمة قوية وهزيمة مُذلة.

الشعوب العربية والاسلامية أثبتت أنها تكره الصهاينة بالفطرة، لكنها لا تملك إلا الدعاء والمقاطعة وبعض المساعدات.. لكن يبقى الدور الأكبر على حكومات الدول العربية والاسلامية بالوقوف بجانب الحق الفلسطينى وقضية المسلمين الأولى والضغط على إسرائيل وداعميها بكل السبل لإجبارها على وقف العدوان وإدخال المساعدات الغذائية والطبية وإيصال الوقود والكهرباء والمياه حتى تعود عن غيها وتعلم أن للأقصى (أمةً تحميه).