«عزيزة».. قصة قصيرة للكاتب الهادي نصيرة | تونس

 قصة قصيرة للكاتب الهادي نصيرة
قصة قصيرة للكاتب الهادي نصيرة

الرياح عاتية، والحرارة منخفضة.. تنظر عزيزة إلى السماء وقد ارتدت كل ما وصلت إليه يدها من ملابس.. إنها الرابعة فجرا واحتمال هطول الأمطار كبير، لكن لابد من الخروج.. تحاول مقاومة الرياح وهي في طريقها للحاق بالشاحنة التي تقلها ورفيقاتها في الشقاء إلى إحدى الضيعات للعمل مقابل بضعة ملاليم تقيهن الجوع، لكن خطر الطريق يترصدهن في كل حين.. 

تحاول عزيزة التقاط جانبي الصندوق الخلفي للشاحنة لكنها لا تنجح.. تمسك بها صديقتها بكل ثقلها.. تتأوه؛ تؤلمها جروح يدها عند التشبث بالجنبات الحديدية.. تواصل العربة اندفاعها السريع، تستحثها عقارب الساعة للوصول، والنسوة المتراصات على متنها يقاومن برودة الجو بدفء الحديث، بينما يأخذ الشرود عزيزة إلى حوار الأمس حيث طلب ابنها محمود على استحياء الذهاب لرحلة مع مدرسته: "حاضر إبني الغالي، لك ذلك! "..

كيف ترفض وهي تدرك أنه وأخته محرومان من كل متعة؟

" آه يا عمر!  زوجي العزيز الذى يحس بتعبي، لا يقصر أبدا ولا يبخل بالمساعدة، لكنها الحياة الصعبة على أمثالنا !"..

 تفيق من شرودها على مطر غزير، لا يلبث أن يزداد غزارة ولا يمكن الفكاك منه.. تصرخ بشدة، فقد وقعت عليها زميلتها إثر تمايل السيارة.. ارتجاج عنيف.. صرخات استنجاد تطلقها النسوة من هنا وهناك، وصورة عمر ومحمود وريم هي آخر ما رأت عينا عزيزة قبل أن تروي الطريق بدمها ...