يوميات الأخبار

عشر صور

السيد النجار
السيد النجار

هذه عشر صور.. من إطار لآلاف الصور.. تجسد كفاح شعب وعدوان محتل.. وفى الأصل منها صورة تصريح بلفور الوزير البريطانى بإنشاء الكيان الصهيونى فى فلسطين.. وهو النكبة الأكبر التى تحل ذكراها هذه الأيام.

الصورة الأولى: آلاف الإسرائيليين يكتظون فى مطار بن جوريون أملا فى العثور على مقعد بطائرة ليهجوا ممن يقولون إنه بلدهم.

الصورة أقوى تعبير يوثق اللحظة ويؤكد أن البلد ليس بلدهم.. جاءوا إليه فرادى وجماعات من شتى بقاع الأرض.. وعدا من قادة الصهيونية بالسمن والعسل.. والمن والسلوى.. وعندما استشعروا الخطر على حياتهم فروا بجلدهم إلى بلادهم.

الصورة الثانية: فلسطينيون.. أطفال ونساء وشيوخ يجلسون فى العراء على أنقاض منازلهم فى غزة.

طبعا.. لن يتركوا وطنهم.. لن يهاجروا إلى أى جنة ويتحملون الجوع والعطش والمرض والظلام والبرد والقصف الإسرائيلى فوق رؤوسهم.. منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.. لكن الوطن غال.

الصورة الثالثة: نتنياهو مع مجموعة من الجنود يتفقد الاستعداد للمعركة على الجبهة الشمالية مع لبنان.. يتحاور معهم.. أنتم مستعدون.. لابد أن نكون فى منتهى القوة واليقظة.. نحن نحارب حزب الله.

برافو.. نتنياهو.. فعلا أنت تحارب حزب الله.. سواء على الحدود مع لبنان أو فى غزة.. أو الجولان.. أو الضفة الغربية.. أو أى جبهة عربية أخرى.. هم حزب الله.. وحزب الله هم المفلحون.. الفائزون.. المنتصرون إن شاء الله.. أما أنتم.. أكيد حزب الشيطان.. الذى جمعكم شتات العالم وإن الشيطان تعب منكم فى البقاع المختلفة تعيثون فسادا وفتنا.. أراد الشيطان جمعكم فى مكان واحد.. ليكون قدرا للعرب واختبارا من الله لهم.. هل يقدرون على مواجهة الشيطان.
الصورة الرابعة: بوست يتناقله الناس على الواتس آب.. رحلة تاريخية إلى الوراء.. فى تسلسل تاريخى قصير.. مجرد عناوين عن علاقة شعوب دول العالم باليهود على مدى ألف عام.. طردوا من كل مكان منذ الطرد من فرنسا عام ١٠٨٠ وحتى الإبادة الجماعية لهم فى ألمانيا وطرد من بقى منهم أثناء الحرب العالمية الثانية.

طبيعى.. أكثر من ٤٠ دولة ضجت منكم.. لم تجد سبيلا لإصلاحكم.. ولم تجد مفرا سوى طردكم.. وبعض هذه الدول طردتكم مرتين.. وثلاثا.. كلما عثروا على بقايا متنكرة منكم..

الصورة الخامسة: فلاش بال: قائد عسكرى إسرائيلى فى اجتماع الحكومة لتقييم نتائج العدوان على غزة عام ٢٠١٤.. يقول.. لن نهزمهم هم يقاتلون حبا فى الموت ونحن نقاتل حبا فى الحياة.. وهذا فرق الروح المعنوية والقتالية.. مجاهدوهم يقبلون.. وجنودنا يفرون.

معك حق.. أول مرة حد فيكم يقول كلام صح.. لكن إذا كنتم تدركون ذلك ما ترحلوا.. ترتاحوا وتريحوا.

الصورة السادسة: هى مجموعة من الصور المتلاحقة على مدى عام.. قتل.. وتخريب.. وتدمير وتجريف واعتقال وجرائم متتالية يومية بكل قرى الضفة الغربية وفى القلب منها الصورة الرئيسية المتعاقبة لاقتحام وتدنيس المسجد الأقصى وقيام المستوطنين المتطرفين يرافقهم وزراء فى الحكومة من أعضاء تنظيم كاهانا الإرهابى، بالاعتداء على المصلين وضرب النساء تحت حراسة جنود نتنياهو.. وأخيرا إعلانهم سوف نهدمه وعلى الأكثر أربعة شهور.
ماذا ننتظر إذن.. وهذه الصور تتلاحق يوميا وكل العالم لم يرمش له جفن.. وكأنها صور ألبوم من سالف الزمان.. وليست صورا حية لقتل واغتيال ودماء.. وهدم منازل وتشريد بنى آدمين.. أصحاب الحق والأرض.. وتهديد بضياع قبلة المسلمين ومسرى رسولهم.. وكأن العرب والمسلمين ينتظرون بيانات الشجب والإدانة عندما ينهدم المسجد على رؤوس المصلين.

الصورة السابعة: الصورة الرئيسية.. صورة البطولة.. رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه يقتحمون يوم ٧ أكتوبر معسكرات العدو الصهيونى والمستوطنات.. دمروا دباباته وآلياته العسكرية وأسروا جنوده وضباطه وعادوا سالمين غانمين إلى قطاع غزة..

هذه صورة تدعونا دائما للافتخار بأنفسنا.. فى إطارها العديد من التفاصيل والمعانى.. وعنوانها.. نحن نستطيع.. الحق أقوى.. ووعد الله حق وآت بالنصر الكامل.. وهم صورة مزيفة وهمية.. جوفاء.. جبانة مهما امتلكوا من عتاد عسكرى.. ومهما صنعوا لأنفسهم أساطير مزيفة.. الصورة كانت أروع احتفال بذكرى نصر ٦ أكتوبر ١٩٧٣.. أمضوا ٥٠ عاما فى جراح هزيمة الخزى والعار لهم. ظنوا أنهم نجحوا فى مداواتها جيلا بعد جيل.. ليستيقظوا على كابوس ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ ويصفوه بالسبت الأسود.. انقض عليهم أبطال حماس من البر والبحر والجو.. بإمكانياتهم البسيطة. ولكن بعزيمة وإرادة قوية كبيرة.. كأنهم طيور أبابيل  لا مفر من قدرها. صورة.. أحيت الأمل فى النفوس.. بعد أن توهم العدو أن هيمنته على المنطقة قد دانت له مثلما أحيت العداء الكامل لعدونا الأبدى.

الصورة الثامنة: هى الوجه الآخر للبطولة.. غزة أطلال وخراب وظلام وموت.. ولا أريد الإسهاب فى وصفها.. العيون تذرف الدموع والقلب موجوع.. ويكفى شاشة التليفزيون أمامك على مدار الساعة.

لا تتخيلوا أن هذه الصورة تكسر الإرادة.. أو تزرع الشك.. هى صورة البطولة الحقيقية لشعب صامد.. مثابر.. يدرك أن تحرير وطنه غال.. وهكذا قدر الله عليه.. ولا خيار أمام أبطال اليوم غير ذلك.. سبيلا.. أقصد أبطال اليوم.. كل فرد مجاهد مقاوم.. وكل امرأة.. وطفل.. وكل رجل وشاب فى موقعه.. يعالج جريحا.. يطفئ حريقا.. يرفع انقاضا.. كل حامل كاميرا وإعلامى يسجل لحظة بلحظة جرائم بربرية لعدو همجى نازى.. ستحين يوما لحظة حقيقة ومحاكمة العالم لكل واحد منهم.

الصورة التاسعة: هى صورة اليوم.. وصورة تكررت على مدى ٧٥ عاما.. فلسطينى فى التسعين من عمره.. وامرأة.. وشاب.. وطفل.. كل على حدة.. يحمل مفتاحا.. فى يده.. فى جيبه.. معلقا فى رقبته.. على جدار مسكنه.. تلاحظ الصورة مصادفة.. فى برنامج تلفزيونى.. أو فيلم وثائقى.. منشورة بإحدى الصحف.. قديمها وحديثها.. هذا هو مفتاح الدار.. البيت.. الذى هجره اليهود منه.. قسرا وإجبارا.. وهدموه.. أو سكنوا هم فيه.. مثلما انتزعوه من أرضه.. وجرفوها.. ليقيموا مدنا لهم ومستوطنات.. أو زرعوها ليطفحوا خيرها.. المفتاح لايزال فى جيبى.. لسان حال كل فلسطينى.. فى الشتات.. فى بلاد المهجر.. من يافا.. وعكا.. القدس.. غزة.. بيسان.. جنين.. وغيرها العشرات من المدن والقرى.. ما قبل ٤٨ وطوال فترة الانتداب البريطانى.. وفى حرب ١٩٤٨.. وفى حرب ١٩٦٧.. ودون توقف حتى اليوم.. وخاصة مع سكان القدس والضفة.. ولاعودة للاجئين الفلسطينيين إلا بتحرير بلدهم من الصهيونيين.

الصورة العاشرة: فلاش باك.. مناحيم بيجين فى سؤال صحفى بعد اجتماعه مع الحكومة الإسرائيلية عقب توقيع اتفاق السلام.. السؤال.. إذن ما هى حدود إسرائيل اليوم.. رد بيجين بصلافته المعهودة.. هى آخر أرض تطؤها قدم يهودى!

طبعا.. لا مبرر للاستغراب منك.. فهذه هى العقلية اليهودية والمفاهيم الدينية.. ولذلك كما تعلم حدودهم الرسمية فى أذهانهم وليست على أوراق أو خريطة.. وهذا ماكشف عنه الرئيس عبدالفتاح السيسى ولأول مرة رسميا لهدفهم من العدوان على غزة.. تصفية القضية الفلسطينية.. سواء كانت حرب غزة أو لم تكن.. طرد سكان غزة إلى مصر.. وسكان الضفة إلى الأردن.. هذا كمرحلة أولى.. وتتلاحق الأحداث حسب الوقت والظروف ليصلوا إلى ما يتوهمون إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات؟!

قد تكون هذه عشر صور من إطار لآلاف الصور. تجسد كفاح شعب فلسطين ضد احتلال أرضه.. وسجل العدوان الصهيونى الدائم على الشعب الفلسطينى وغيره من الدول العربية.. والصورة الأصل ذكرى النكبة الأكبر التى تحل هذه الأيام.. سمتها بريطانيا باسم تصريح بلفور وزير خارجيتها فى ٢ نوفمبر ١٩١٧، بإنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين.

مقالب أحمد رجب

الكاتب الساخر الأشهر أحمد رجب «فبرك» مسرحية عبثية من فصل واحد.. باسم «الهواء الأسود».. نسبها إلى الكاتب المسرحى العالمى فريدرش دورنيمات تم عرضها على عدد كبير من النقاد والمخرجين لإبداء الرأى.. تحمسوا لها وأشادوا بها وأخذ كل يدلو بدلوه فى الكتابة والتعليق وإبراز جوانب الإبداع فيها، وما تحتويه من عمق.. وفلسفة.. وأبعاد درامية مثيرة.. وبدأ أحد المخرجين فى الاستعداد لتقديمها على المسرح.. وفوجئ الجميع بأحمد رجب ينشر القصة باعتبارها مقلبا وأنه مؤلف هذه المسرحية المزعومة. ونشر كل الآراء التى قيلت فى المسرحية.. وكانت فضيحة أدبية.. كان ذلك منذ ٥٥ عاما.. أما الفضيحة الأكبر اليوم.. غياب الإبداع والنقد معا.. أو قل حركة نقد أدبى وفنى غائبة بمعناها الحقيقى.. كل يكتب حسب الهوى.. يشيد مجاملة أو ينتقد انتقاما.. النقد حسب اسم المؤلف وليس قيمة العمل. رحم الله الجميع؟!

قال الحكيم

من زاد عقله نقص حظه

من صدق الناس كرهوه

من صفا قلبه صفا لسانه

دعوة للتأمل

كن وقحا غبيا وتولى منصبا.. تصبح أكثر خلق الله أدبا.. وأذكى من أينشتاين..!

من يطعنك من الخلف يعنى أنك فى المقدمة..

همس النفس

قالوا.. كلما مر الزمان ستنسى.. قلت.. الذكريات خلقها الله لتعيش فينا إلى الأبد.. قالوا.. كلما بعدت المسافات ستنسى.. قلت: ولم خلق الله تلاقى الأرواح.. قالوا: لابد لكل شىء نهاية.. قلت: ولم عرفت لغتنا الجميلة.. أجمل الكلمات.. إلى الأبد.. إلى ما لا نهاية.