رحاب الزناتي: عدم تذكير الطفل بالخطأ بعد العقاب والاعتذار عنه من أهم أساليب التربية

الجامع الأزهر الشريف اليوم
الجامع الأزهر الشريف اليوم

 د. فاطمة الزهراء محرز: انعدام الثقة في النفس والاعتماد على الآخرين من أبرز الآثار السلبية للضرب كوسيلة عقاب

د. حياة العيسوي: على الآباء تقبل الأبناء بأخطائهم .. والصغير الذي لا يخطئ فهو طفل غير سوي

عقد الجامع الأزهر الشريف اليوم، آخر ندوات الموسم السابع من البرامج الموجهة للمرأة، وحاضر فيها كلٌّ من د. رحاب الزناتي، أستاذ التربية بجامعة الأزهر، ود. فاطمة الزهراء محمد محرز، مدرس الحديث بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالمنصورة، وأدارت الحوار د. حياة العيسوي، الباحثة بالجامع الأزهر الشريف.

وقالت د. رحاب الزناتي ، إن هناك العديد من الأساليب التربوية التي تستخدم في عقوبة الأبناء، ولكن قبل المعاقبة لابد من استخدام أساليب تؤدي إلى عدم العقوبة ومنها؛ تقوية أواصر المحبة بين وبين أبناءها، وتعليم الطفل الصواب بالقدوة قبل أي وسيلة أخرى، والصبر على التعليم المكثف والمتكرر لمَواطن الخطأ، وكذا مراقبة الطفل و نصحه وإرشاده لتصويب أخطاءه، ومنعه من الوقوع في الخطأ قدر الاستطاعة ومساعدته في تصويبه، والعفو مع التنبيه للخطأ، ومعرفة الأسباب التي دفعته لارتكاب الخطأ قبل العقاب، والتجاوز عن الخطأ والنسيان، والعفو عن الخطأ مرة أو مرتين أو ثلاث حتى يتعود الصواب، ولابد من ارتباط العقوبة بوقت الفعل.

وأضافت د. رحاب الزناتي: هناك العديد من الأساليب التربوية التي تستخدم في العقاب، ومنها الاعتدال في العقوبة ومناسبتها للخطأ مع مراعاة احترام الذات الإنسانية وقت العقاب، ومنها التدرج في العقاب، عدم تعيير الطفل بالخطأ بعد العقاب، ومنها التجاهل، وإقرار الطفل بالخطأ والاعتذار والاستغفار، والعتاب والتأنيب بإظهار عيوب السلوك الخاطئ وإصلاح ما تم إتلافه، وحرمانه من الأشياء المفضلة لديه.

اقرأ أيضاً|الجامع الأزهر ينظم وقفة احتجاجية تضامنا مع الشعب الفلسطيني ويؤدي صلاة الغائب

ومن جهتها ، ذكرت د. فاطمة الزهراء محمد محرز، أن مرحلة الطفولة تعتبر من أهم المراحل في حياة الإنسان وعليها سيكون الإنسان سوياً أو مريضاً، فجميع الأمراض النفسية تقريباً تنشأ نتيجة لسوء فهم طبيعة هذه المرحلة ومتطلباتها، وتساءلت د. فاطمة هل التأديب يعني الضرب؟ إن الله يحب من عباده أن يتخلقوا بالأخلاق الحميدة فلا ينزلون العقوبة بلا تأن ولا تعقل ولا تريث؛ لأن العجلة حينئذ تكون من الشيطان، فلابد من النظر أولاً والتحقق من دوافع الخطأ وقبول العذر، يقول عمر بن عبد العزيز-رضي الله عنه-"لا تقضي وأنت غضبان، ولا تقضي بين اثنين حتى تسمع منهما حتى لو جاءك أحدهما وعينه على يده فربما جاء الآخر، وعيناه على يده.

وتابعت أستاذ الحديث: الضرب كوسيلة للعقاب له آثاره السلبية والتي تؤدي إلى عدم الثقة في النفس والاعتماد على الآخرين، والميل إلى العزلة وعدم الرغبة في الاحتكاك مع البيئة المحيطة، وفقد التطوير من شخصيته وإنعدام الحسم واتخاذ القرارات ضعيفة وسهلة الانقياد، فيكون صاحب ميول عدوانية ولديه الرغبة في إيذاء الأضعف وتفضيل العزلة مع الانطواء والخوف والتوتر والجبن مع الرغبة الشديدة في البكاء، فتتنابه الكوابيس ويكون أكثر عرضة لأن يمارس الانحرافات، ومع كبره يتعرض للاضطرابات العقلية والنفسية والجنسية والعنف الأسري ومشكلات في العلاقات وانخفاض معدل الذكاء والتفاوت في التحصيل الدراسي زيادة خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، وهذا يعني وجود فارق في معدلات الذكاء .

من جانبها، بيّنت د. حياة العيسوي، أن ديننا دين وسطية فلا تشدد ولا تسيب ولا إفراط ولا تفريط في الدين بل وسطية، وجميل أن نرى أبناءنا على هذه الوسطية فنكون لهم خير مثال وقوة، ونربي أبناءنا على مراقبة الله وخشيته فهذا هو الضمان الحقيقي الذي تضمن به حسن سلوكهم وهو الحصن والأمان. وتابعت: جميع التكليفات الشرعية رفعت عن الطفل ، وما يترتب عليها من الإثم والعقاب ، فقد قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ، عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ المَعْتُوهِ حَتَّى يَبْرَأَ» ، فالخطأ هو طبيعة بشرية ولابد أن الأباء يعلمون أنهم لن ينجبون ملائكة، والخطأ وارد، وعلينا تقبلهم باخطائهم" والطفل الذي لا يخطئ هو طفل غير سوي، خائف، وليس لديه ثقة بنفسه وقدراته.

وأوضحت أن الإسلام هو دين الرحمة، وقد وصف الله تعالى حبيبه المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم- بأنه رحمة للعالمين فقال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، مضيفة أنّ الشرع أكد على حق الضعيف في الرحمة به؛ فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: " اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: الْيَتِيمِ، وَالْمَرْأَةِ ".

واسترسلت قائلة: «أَوْلَى الناس بالرحمة هم الأطفال في مراحل عمرهم المختلفة، لضعفهم واحتياجهم الدائم إلى من يقوم بشؤونهم، حتى جعل النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- عدم رحمة الصغير من الكبائر، فقال: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرنَا، وَيَعْرِفْ شَرَفَ كَبيرِنَا» والإسلام دين العلم، فهو يدعو دائمًا إلى اتباع الوسائل العلمية الصحيحة التي ينصح بها المتخصصون في المجالات المختلفة، ولا يخفى أن الضرب ليس هو الوسيلة الأنفع في التربية كما يقرره كثير من علماء التربية والنفس.