بعد دعوة «أبو مازن» .. أربع محطات في الطريق إلى القمة الطارئة

الرئيس الفلسطينى محمود عباس
الرئيس الفلسطينى محمود عباس

اتصالات عربية مكثفة شهدها اليومان الماضيان بين عدد من العواصم العربية، حول دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى عقد قمة عربية طارئة لمناقشة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومحور هذه الاتصالات الرياض باعتبار السعودية رئيسة القمة الحالية، والقاهرة وعمّان خاصة لدور البلدين المحورى تاريخيا تجاه القضية الفلسطينية، بحكم التاريخ والجوار الجغرافى.

وحقيقة الأمر أن الرئيس أبو مازن كرر الدعوة إلى القمة خلال اليومين الماضيين مرتين، الأولى أثناء انعقاد اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية التى تضم قيادات كل الفصائل الفلسطينية ماعدا حركة حماس والجهاد الإسلامى، مشيرا إلى «ان الهدف من القمة وقف العدوان الوحشى على الشعب والقضية الفلسطينية ومواجهة التحديات الإقليمية والدولية فى غزة وتمكينه من البقاء على أرضه وإنهاء الاحتلال عن أرض فلسطين وعاصمتها القدس»، واستغل الزيارة الاستثنائية التى قام بها وزير الخارجية فى مملكة البحرين الدكتور عبداللطيف الزيانى إلى رام الله والتى وصفت بأنها زيارة تضامن من ملك وشعب البحرين مع الشعب الفلسطيني ليشيد بمواقف الدول العربية ومساندتها ودعمها لحقوق الفلسطينى والمطالبة بوقف العدوان. 

ودعونا نشير إلى  أن العواصم الثلاثة القاهرة والرياض وعمان لم تفاجأ بدعوة أبو مازن فقد جرى العرف السياسى على أن مثل هذه المواقف يتم التنسيق المبدئى حولها مع دول فاعلة  قبل الإعلان عنها لبدء المشاورات والاتصالات الموسعة مع مجموعة الدول الأعضاء فى الجامعة العربية وقد كشف الأمين العام المساعد للجامعة العربية السفير حسام زكى عن أنه على الرغم من عدم تقديم فلسطين بشكل رسمى طلبا لعقد القمة لبدء التحضيرات الرسمية إلا أنه من الصعب فى ظل الظروف الحالية عدم موافقة ثلثى عدد الدول الأعضاء على عقد القمة الطارئة التى يمكن أن تكون فى مصر دولة المقر أو فى السعودية رئيسة القمة.

ولعل التطور الاخير قيام مندوبيه فلسطين فى الجامعه العربيه بتقديم طلب رسمى امس الاثنين للدعوة الى عقد اجتماع على مستوى القمه حيث بدأت الجامعه ترتيبتها بهذا الشأن .
ولعل السؤال الأهم والمطروح بعيدا عن قضية الإجراءات والاستعدادات للقمة الطارئة التى سيتم حسم أمرها خلال الـ ٤٨ ساعة القادمة هو: ماهو المأمول منها فلابد أن يكون هناك مواقف  او اجراءات جديدة من اجتماع على مستوى قادة الدول العربية وللاجابة على هذا السؤال دعونا نشير إلى حقيقتين الأولى ان هناك عددا من المحطات التى يمكن من خلالها فهم المواقف العربية خلال الأسابيع الثلاثة الماضية منذ بداية عملية طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر الحالى والحقيقة الثانية أن هناك تطورا مهما وإيجابيا وتصاعديا فى تلك المواقف وهو مايمكن ملاحظته وبسهولة من رصد تلك المحطات وهى كالتالى :

المحطة الأولى : الاجتماع الوزارى الذى استضافته الأمانة العامة للجامعة العربية فى ١١ أكتوبر الحالى أى بعد خمسة أيام كاملة بطلب من المغرب رئيسة الدورة الحالية للمجلس الوزارى العربى من بدء العمليات وتضمن القرار الصادر من الوزراء ١١ بندا وهى ضرورة الوقف الفورى للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وإدانة قتل المدنيين من الجانبين واستهدافهم مع ضرورة رفع الحصار عن قطاع غزة والسماح بشكل فورى بإدخال المساعدات الإنسانية والغذاء والوقود ودعم ثبات الشعب الفلسطينى على أرضه والتحذير من أى محاولات تهجيره خارجها مع ضرورة تنفيذ إسرائيل التزاماتها بصفتها القوة القائمة بالاحتلال مع ضرورة إطلاق إحياء عملية السلام بالإسراع  بمفاوضات مباشرة بين السلطة الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطينى على أساس قرارات الشرعية الدولية مع توفير كل الدعم السياسى والمإلى والاقتصادى للسلطة وكان من اللافت وجود تحفظات من كل من الجزائر وليبيا والعراق وسوريا وتونس على بعض بنود ومضمون القرار خاصة البند الثانى الذى اعتبره وزير الخارجية الجزائرى أحمد عطاف أنه يساوى بين حق المقاومة الفلسطينية والممارسات الإسرائيلية ضدهم ويمكن فهم تلك التحفظات فى إطار أسباب داخلية فى كل من هذه الدول تدفعها إلى رفع سقف مواقفها ومع ذلك فقد كشف الاجتماع عن وجود تباين فى المواقف بين الدول العربية تجاه النظرة.  

المحطة الثانية : المشاركة العربية فى قمة السلام التى دعا اليها الرئيس عبدالفتاح السيسى السبت قبل الماضى وشهدت مشاركة دولية وعربية متميزة  ونتوقف عند الأخيرة فكثير من الدول حرصت على المشاركة بقادتها مثل قطر والإمارات والأردن وفلسطين وليبيا وموريتانيا وولى عهد الكويت ورئيس وزراء العراق وممثل عن سلطان عمان ووزراء خارجية السعودية والمغرب وجزر القمر.

وشهد البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية فى مصر باعتبارها صاحبة الدعوة ومستضيفة القمة  تقدما فى المواقف رغم مشاركة العديد من قادة وكبار المسئولين فى دول العالم. 

المحطة الثالثة : البيان التساعى الذى اصدرته كل من  مصر ودول الخليج الست  والأردن والمغرب الخميس الماضى  حول رؤيتها مؤخرا حول تطورات أحداث العدوان الإسرائيلى على غزة والذى مثل موقفا متقدما جدا عن بيان وزراء الخارجية فى الأسبوع الثانى من هذا الشهر ولعل ذلك يعود إلى التطورات التى شهدتها غزة التى تتعرض إلى مجازر وجرائم ضد الإنسانية  وشدد البيان على رفض للعنف وقتل المدنيين كما أدانت أيضا محاولات إسرائيل تهجير سكان غزة قسريا وكذلك تصفية القضية الفلسطينية مع تأكيدها ضرورة الالتزام بالعمل على الاحترام الكامل لاتفاقيات جنيف الخاصة بمسئولية دولة الاحتلال وكذلك حق الدفاع عن النفس الذى كفله ميثاق الأمم المتحدة وانتهاكات إسرائيل للقانون الدولى مع الدعوة إلى وقف إطلاق النار. كما أشار البيان إلى أن التقاعس عن توصيف الجرائم المرتكبة فى حق المدنيين فى غزة بمثابة ضوء أخضر لاستمرار تلك الجرائم وأصرت الدول التسع على تسهيل واستدامة إيصال المساعدات الإنسانية وأشارت إلى أن استمرار الوضع قد يؤدى إلى توسيع المواجهة للضفة وتوسعها إلى دول أخرى فى الإقليم.       
المحطة الرابعة : نجاح المجموعة العربية فى تمرير القرار الاممى الوحيد عبر الجمعية العامة والذى تقدمت به الأردن نيابة عن المجموعة  بعد فشل مجلس الأمن فى كافة الاجتماعات التى عقدها فى التوصل إلى اتفاق وحصل على أغلبية ١٢٠ دولة وعارضه ١٤ دولة فقط وامتنعت ٤٥ عن التصويت  ويرفض التهجير القسرى ويدعو إلى هدنة إنسانية فورية ومستدامة تفضى إلى وقف الإعمال العدائية وتوفير السلع والخدمات الاساسية للمدنيين فى غزة فورا وبدون عوائق ويدعو إلى الإفراج الفورى وغير المشروط عن جميع المحتجزين مع الحاجة إلى انشاء آلية لضمان حماية الفلسطينين وإدانة كافة أعمال العنف التى تستهدف المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين مع الإعراب عن القلق البالغ من الوضع الكارثى لسكان القطاع، وقد انضم العراق إلى القرار مع تحفظه على بعض العبارات.    

ولعل الملاحظة الجديرة بالتوقف التطور الملحوظ فى المواقف العربية منذ بداية الأزمة ويأتى فى هذا الإطار الدعوة الفلسطينية لقمة طارئة. وقد علمت «الأخبار» المشاورات التى تتم حول توقيت القمة ومكانها، وهناك توجهان الأول يدعو إلى ضرورة عقدها( فى أسرع وقت ) ممكن كرسالة تضامن من الدول العربية مع الشعب الفلسطينى ضد العدوان الإسرائيلى على غزة وتوجه ثانٍ يشير إلى استمرار الجهد العربى من الدول العربية الفاعلة مثل مصر والسعودية وقطر والأردن والتى أصبحت محاور لاتصالات دولية مكثفة تضمن التوصل إلى اتفاق يضمن دخول المساعدات إلى القطاع بشكل مستمر ودائم مع العمل على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يسمح بإنهاء العدوان وفى هذه الحالة يتم عقد دورة للقمة العربية على هامش القمة العربية الأفريقية التى تستضيفها السعودية فى الرياض فى الحادى عشر من هذا الشهر ولعل تطورات العدوان الإسرائيلى والمشاورات هى من ستحسم قرار الذهاب إلى القمة الطارئة والتى قد يتم عقدها فى دولة المقر مصر أو السعودية.