"سيارات ذوي الاحتياجات الخاصة" مصدر رزق للوسطاء ومافيا تجارة آلام المرضى

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

أصبحت "سيارات ذوي الاحتياجات الخاصة" مصدر رزق للوسطاء ومافيا تجارة آلام الناس، محققين منها أرباحا ضخمة، من خلال تلاعبهم بالقانون واستغلال التسهيلات التي منحتها الدولة لذوي الاحتياجات الخاصة لرعايتهم وتحقيق التكافل، مثل إعفاء سياراتهم من الجمارك والقيمة المضافة.

 وقد تطور الأمر حتى يستفيد "الأسوياء" من هذه الامتيازات، بينما يستفيد عدد قليل جدا من ذوي الهمم منها، ما يتسبب في إهدار مليارات الجنيهات من قبل الدولة، ولا يقتصر التورط على السماسرة وحدهم، بل يتورط ذوي الهمم أيضا في تسهيل عمليات البيع للاستفادة المالية.

وانتشرت في الفترة الأخيرة على موقع التواصل الاجتماعي"فيسبوك" صفحات تعرض سيارات ذوي الهمم للبيع بأسعار منخفضة مقارنة بالسوق، ويتم التأكيد فيها على سلامة الأوراق المطلوبة والإجراءات الضرورية، بالإضافة إلى توعية الجمهور حول كيفية الحصول على والاستفادة من "سيارة المعاق". 

شروط الحصول على السيارة.. والتصرف فيها

ينص القانون المصري في المادة رقم 295 من اللائحة التنفيذية لقانون المرور رقم 66 لسنة 73 على حق المواطنين ذوي الاحتياجات الخاصة في امتلاك سيارة معفاة من الرسوم الجمركية، شريطة أن تكون سيارتهم مسبقة التجهيز، وأن يتم إلغاء الحظر لأولئك الذين تم منحهم سابقًا سيارة.

عندما يتم استيفاء الأوراق المطلوبة وتحديد نوع السيارة التي يجب أن تكون سعة محركها لا تتجاوز 1600CC وفقًا للقانون، يجب على الأشخاص تقديم طلباتهم إلى المجالس الطبية المتخصصة في القاهرة أو المجلس الطبي العام في الإسكندرية لفحص الطلبات والتأكد من صحة المستندات المقدمة. بعد ذلك، يتم تحديد جلسات لاجتياز المقبلين على الحصول على السيارات المعفاة، وتتم هذه الجلسات تحت إشراف لجنة تشكل بموجب القرار الوزاري رقم 431 لسنة 78.

يمنع القانون بيع السيارة التي يحصل عليها صاحب الإعاقة الجسدية لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن خمس سنوات، وبعد انتهاء إحدى هاتين المدتين يمكن بيعها وإزالة التجهيزات الطبية منها، ويحق لأصحاب الإعاقة شراء سيارة جديدة.

يتيح القانون المصري لصاحب السيارة المجهزة طبيًا اختيارًا من بين خيارين إذا كان يرغب في اقتناء سيارة جديدة بدلاً من السيارة التي يملكها، وكذلك يتيح بيع السيارة القديمة. الخيار الأول هو بعد مرور ثلاث سنوات على منح تصريح الشراء الأول، وفي هذه الحالة يدفع صاحب السيارة مبلغًا قدره 10 آلاف جنيه لخزينة الدولة، وبموجب هذا الدفع يتم السماح ببيع السيارة مبكرًا.

يجب أن يكون مرور خمس سنوات كاملة على عملية شراء السيارة ، وفي هذه الحالة سيتم تلقائيًا إلغاء قرار حظر البيع ، وسوف يتم إرسال قرار الإلغاء في خطاب موجه من قِبَلَ إدارة الجمارك إلى إدارة المرور التي تخضع لها السيارة ، ويجب أن يتم ذلك في غضون فترة زمنية تصل إلى شهرين.

إذا أراد المالك تقليص مدة الشهرين، بإمكانه زيارة مكتب الجمارك وتقديم شهادة الإفراج الجمركي (جواب الجمرك) التي تثبت مرور خمس سنوات من آخر إعفاء جمركي للسيارة. وسيتم منحه شهادة بيانات تفيد برفع الحظر عن السيارة، ويمكن للمالك الاستفادة من هذه الشهادة لبيع السيارة للآخرين وكذلك التقدم بطلب للحصول على سيارة أخرى ولكن بإجراءات جديدة.

إعاقات تحصل على سيارة

أتاح القانون لأصحاب إعاقة الأطراف العلوية الحصول على أطراف صناعية نتيجة عملية بتر أدنى من المرفق، أو التمتع بيد صناعية وظيفية نتيجة بتر أعلى من المرفق. وبالنسبة للإعاقات السفلية، يسمح القانون للأشخاص ذوي الشلل النصفي الذي يتسبب في شلل كلي للأقدام الحصول على تعويض نهائي، بالإضافة إلى الأشخاص الذين يعانون من ضمور عضلي في الأطفال والذين يعانون من بتر واحد لأحد مفصلي الركبة، والكسور التي تسبب في إعاقة دائمة لحاملها.

كشفت"بوابة أخبار اليوم" المستور في هذا الملف الشائك وطرق التلاعب التي يستخدمها الوسطاء في شراء سيارات ذوي الهمم ، والعقوبات القانونية المفروضة ، والمتطلبات للحصول على سيارة لذوي الهمم ، وأنواع الإعاقات المقبولة ، والامتيازات التي يتم توفيرها من قبل القانون لذوي الاحتياجات الخاصة في هذا السياق ، وكيفية التصدي لهذه الظاهرة.

أساليب السماسرة

في البداية، يقول أحمد هشام - اللواء السابق والخبير المروري - أنه يجب أن يكون سائق السيارة هو الشخص ذوي الاحتياجات الخاصة نفسه، ويتمكن الشخص من الحصول على رخصة قيادة ورخصة للتسيير، ويلزمه أن يحصل على تقرير مفصل حول حالته الصحية من قِبَل لجنة طبية مختصة. ويتم تجهيز السيارة بطريقة تعوض الأجزاء المصابة أو غير الموجودة لديه، بحيث يتم تصميم السيارة وفقًا لحالته الصحية. على سبيل المثال، إذا كانت لديه قدم مصابة، يتم تركيب نظام الفرامل على اليد. وإذا لم يكن لديه يد، يتم تركيب نظام الفرامل على القدم. يتم ذلك بناءً على تقرير اللجنة الطبية وتحقق من أن السيارة تتوافق مع حالته الصحية واحتياجاته.

وأضاف "هشام": "سيارة ذوي الاحتياجات الخاصة غير مطالبة بسداد الجمارك، وهناك بعض الأفراد يحاولون التلاعب بالقانون ويشترون السيارة من شخص من ذوي الهمم وتكون مجهزة بالأجهزة اللازمة للتعويض، ثم يُقدم عليها بعد ذلك ويقوم بإزالة تلك الأجهزة، وبالتالي هو يتلاعب بالقانون لأن هذه السيارة غير مطالبة بدفع الجمارك ومخصصة لفئة من الأشخاص الذين يحملون حماية قانونية، وهذا يُعد تلاعبًا بقانون الجمارك لأنها غير مشمولة بالجمارك وهؤلاء هم الأشخاص الاستثماريون الذين يسعون للاستفادة والتلاعب".

وأتم الخبير المروري حديثه، قائلا: "عند ضبطه أثناء قيادته لسيارة شخص معاق، يتم حجز المركبة وتقديمها للنيابة، ويُطلق سراحه بكفالة لحين نظر القضية، أو يتفاوض مع الجمارك ويعيد مصلحة الجمارك الإعفاء الجمركي، وهذا ما يسمى بالتصالح مع الجمارك، وتحضر في جلسة المحكمة أدلة حول تصالحك مع الجمارك، بالإضافة إلى فرض غرامة تعويضية جمركية."
وحالة أخرى يعتمد عليها تجار سيارات ذوي الاحتياجات الخاصة وهي اثبات عدم قدرة صاحب الهمة على القيادة وتوفير سائق له برخصة قيادة مهنية، واثبات اسمه على رخصة السيارة وبهذا يحق له قيادة السيارة حتى انتهاء فترة الحظر. 

اقرأ أيضًا: «تجار الأوجاع».. مغامرة لـ«بوابة أخبار اليوم» لشراء سيارة معفاه من الجمارك
وأوضح أن طريقة واحدة لتجارة سيارات المعاقين هي الانتظار حتى تنتهي فترة الحظر على السيارة، وتستغرق هذه الفترة على من 3 سنوات وتصل إلى 5 سنوات ومن ثم الحصول على شهادة تفيد بأن السيارة غير محظورة من الجمارك وشراء السيارة من الشخص المعاق بعد انتهاء هذه المدة. وبعد انتهاء فترة الحظر، لا يمكن للمرور أو الجمارك أن تعترض على السيارة.

ويشير إلى أن الوسطاء يركزون على أماكن تواجد الأشخاص المعاقين مثل أمام مساجد الحسين والسيدة زينب. يتفقون مع شخص معاق ويستغلون ظروفه، ويعطونه مبلغاً زهيداً ، ثم يقومون بإصدار أوراقٍ باسمه للتصرف بسيارة معاق تحمل اسمه. وعند استلام السيارة، يأخذونها منه لأنفسهم، وتظل باسم الشخص المعاق حتى انتهاء فترة الحظر. يوضح أن هذه الظاهرة انتشرت، وأصبحت لها وكلاء ووسطاء متخصصون في تجارة سيارات المعاقين واستغلالهم. ويؤكد أنه إذا تم ضبطه فإن النيابة ستتخذ موقفاً وتصادر السيارة وتحدد جلسة للشخص المضبوط ويجب عليه دفع الجمارك المستحقة على السيارة للجمارك، وإذا لم يصلح الأمر في المحكمة، فإن المركبة ستصادر وسيتم الحكم عليه بالحبس لتلاعبه في القانون.

خلال رحلتنا عبر صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، وجدنا إعلانات لوكلاء سيارات يعرضون أسعاراً أقل بكثير للسيارات حسب العلامات التجارية وسنة الإنتاج مقارنة بالأسواق العادية. أيضًا، تمت دعوة ذوي الهمم لاستخراج سيارات مسجلة بأسمائهم مقابل مبالغ نقدية تصل إلى 20 ألف أو 15 ألف أو 30 ألف. تم التأكيد عليهم أن الأوراق اللازمة الخاصة باللجنة الطبية ستكتمل بواسطة أطباء يتعاونون معهم، وبالتالي فإن الشخص  لن يتحمل أيًا من المصاريف وعليه فقط تجهيز أوراقه الشخصية.

يجب أن تظل السيارة باسم ذوي الهمم حتى ينتهي الوقت المحدد، ثم يتم التنازل الرسمي عنها. خلال هذه الفترة، توجد وثائق رسمية بين الطرفين مثل إيصالات الأمانة وغيرها. هناك بعض الأشخاص الذين يبيعون السيارة بعقود غير رسمية دون نقل الملكية، أو يبيعون السيارة لأحد المعارض بسعر منخفض وبواسطة وثائق غير رسمية. بعد ذلك، يقوم صاحب المعرض ببيعها لمن يرغب بمقابل ربح يتراوح بين 5 و25 ألف جنيه.