فى الصميم

أمريكا بدون «فيتو».. وإسرائيل تحتمى بالظلام!!

جلال عارف
جلال عارف

مساء الجمعة كانت دول العالم تحتشد فى الجمعية العامة للأمم المتحدة فى محاولة لوضح حد لحرب الإبادة التى تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطينى بعد أن فشلت كل المحاولات لكى يقوم مجلس الأمن بواجبه ويوقف هذه الحرب الجنونية بسبب الانحياز الأمريكى والغربى لإسرائيل.

وفى نفس الوقت.. كانت إسرائيل تقوم بتصعيد خطير للغاية، وتشن أعنف هجوم على قطاع غزة منذ بدء العدوان الأخير، وتبدأ فى التغول البرى داخل القطاع.. وتستبق ذلك بقطع كل وسائل الاتصال بين غزة والخارج بما فيها الهواتف والإنترنت، وتخطر الصحفيين الأجانب بأنها لا تضمن سلامتهم بعد أن قتلت ٢٤ صحفيا فلسطينيا منذ بدء الحرب المجنونة، واستهدفت منازل آخرين وقتلت أطفالهم وعائلاتهم وكان آخرهم وائل الدحدوح من قناة الجزيرة. كان الحرص كاملا أن تقوم إسرائيل بجريمتها فى ظلام كامل وبعيدا عن الإعلام.. لعلها تفلت بجرائمها التى تفوقت فيها على أحط جرائم النازية!!

ومع ذلك..

لا التعتيم الإسرائيلى الذى فرضته على غزة، ولا الضغوط الأمريكية على الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة، ولا الدفع -فى آخر لحظة- بتعديلات على مشروع القرار الذى قدمته الدول العربية والإسلامية..

كل ذلك لم يمنع أغلبية الدول من أن ترى الصورة الحقيقية وتدرك الخطر من استمرار الجريمة الإسرائيلية.. لم يكن ممكنا تجاهل أرواح أكثر من سبعة آلاف فلسطينى أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء استشهدوا حتى صدور القرار، ولم يكن ممكنا استمرار السير وراء أكاذيب إسرائيل التى تروج لها أمريكا، ولم يكن ممكنا السكوت على جرائم حرب تتراكم.. بدءا من استمرار الاحتلال، وحتى حصار الفلسطينيين وتجويعهم ومحاولة تهجيرهم من وطنهم.

لم تفلح أكاذيب إسرائيل، ولا دعم أمريكا، فى منع صدور القرار الذى أيدته ١٢٠ دولة بينما لم تعارضه مع أمريكا وإسرائيل إلا ١٢ من بينها فيجي، وجزر مارشال، وبابوا غينيا الجديدة، وناورو، وتونج.. وبالطبع ميكرونيزيا العظمي(!!) بينما كان اللافت تأييد فرنسا للقرار العربي، وامتناع بريطانيا وألمانيا وإيطاليا عن التصويت.. وإصرار أمريكا على معارضة قرار لا يستهدف إلا الدعوة لهدنة فورية ودائمة تفضى إلى وقف الأعمال العدوانية، وإمداد المدنيين بالسلع والخدمات الأساسية فورا وبلا عوائق، ورفض أى محاولات للتهجير القسرى للفلسطينيين!

لو استمعت الولايات المتحدة لصوت العقل لأدركت أن قرار الأمم المتحدة يفتح لها الباب للخروج من «الورطة»، التى دخلت فيها بانحيازها الفج لإسرائيل فى حرب إبادة كادت تصبح شريكة فى المسئولية عنها. تورط أمريكا يزداد والخطر على مصالحها يتضاعف، والحقيقة تفرض نفسها لتجعل ١٢٠ دولة تطلب الهدنة الدائمة والفورية تمهيدا لوقف حرب الإبادة الإسرائيلية، بينما تقف أمريكا فى الناحية الأخري.. ومعها إسرائيل وميكرونيزيا العظمي!!