«وشم من البؤس» قصيدة للشاعر محمد حجاج

الشاعر محمد حجاج
الشاعر محمد حجاج

ما بينَ لُقْمَةِ خُبْزٍ رُحْتَ تَقْطُمُها

وَشَرْبَةِ الماءِ مِنْ سَاقِيكَ تَهْضِمُها

..

بَلْوَى افْتِقادِ الَّتي قَدْ كُنْتَ تَجْهَلُها

نُعْمَى تَلاشَتْ، وَصِرْتَ اليَوْمَ تَعْلَمُها

..

جَدْبُ الوفاءِ، جَفافٌ في جَداوِلِهِ

جَلْبُ الوَباءِ، وَما لَمْ يَخْفَ أَعْظَمُها

..

تَقُولُ: يا وَيْلَتِي مِمَّا هَوَيْتُ بِهِ

نَفْسِي تُعانِي، فَمَنْ بِالصَّفْوِ يُكْرِمُها؟

..

وَشْمٌ مِنَ البُؤْسِ قَدْ بانَتْ مَفاوِزُهُ

في كُلِّ وَجْهٍ، وَصِرْنا لا نُقَوِّمُها

..

وَبِئْرِ ماءٍ بَدَتْ مَهْجُورَةً، وَبِها

أَسْمارُ ماضٍ.. لِماذا القَحْطُ يَرْدِمُها؟

..

وخِصْبُ أَرْضٍ غَدَتْ بُورًا مُجَرَّفَةً

أَشْجارُها نَزَفَتْ، والهَجْرُ يَحْطِمُها

..

نَقاءُ قَلْبِ الفَتى الفَلَّاحِ عَكَّرَهُ

فَسَادُ مُسْتَحْدَثاتٍ كادَ يَصْرِمُها

..

طُفُولَةٌ لَيْتَها ظَلَّتْ، مَحاسِنُها

سِحْرُ البَراءةِ، والأَحْلامُ تَقْدُمُها

..

لَيْتَ المَحَبَّةَ دامَتْ في جَوانِحِنا

بِاللهِ لا بِالهَوى، وَلَيْسَ نَكْتُمُها

..

أَكلُّ شيءٍ جَميلٍ يَغْتدي أَثَرًا

مِنْ زاكِياتِ الثَّرَى، وَالآنَ نُحْرَمُها

..

عُيُونَ قِرْدٍ أَراها لا عُيُونَ مَها

تِلْكَ الحَياةُ، فَيا لَيْتِي أُغَمِّمُها

..

لَكِنْ سَرابُ المُنَى يَحْدُو رَكائِبَها

في رِحْلَةِ المُشْتَهى، والمِسْكُ يَخْتِمُها