محمود صالح
في الكثير من الأحياء والمناطق الشعبية، يعرف الأهالي ذلك الشخص الذي يقود «تروسيكل»، ولديه مكبر صوتي، ويمر بين الشوارع مناديًا على زيت الطعام، وأنه يشترى الزيت المستعمل، بأسعار إلى حد ما كبيرة.
قد تظن أن الأمر طبيعي، وأن هذا الزيت يعاد استخدامه في شيء مفيد ونافع، لكن للأسف، أصبح هذا الزيت، والذي يعد من الهوالك، سبوبة بكل ما تحمله الكلمة من معان، خاصة أنه ينظف فقط من بعض الشوائب، ثم يعاد بيعه للمواطنين على أنه زيت طعام صالح للاستخدام.. تفاصيل أكثر في السطور التالية.
في أحيان كثيرة، بل وبشكل شبه يومي، اعتاد الناس على سماع هؤلاء الذين يمرون بين الشوارع وفي المناطق الشعبية وهم ينادون على الزيت الهالك، ويشترونه مقابل مبلغ مالي.
ربما لم يظن البعض من الأهالي أن هذا الأمر يشوبه شائبة، طبيعي أن يمر الناس للبيع والشراء، ومتعارف عليه التجارة في الزيت دون أي مشكلة، المشكلة الحقيقية أن بعضًا ممن يشترون هذا الزيت يستخدمونه في أمر غير مشروع بل ويضر بالصحة العامة.
سبوبة
في البداية يشترون هذا الزيت ثم يضعونه في قِدر كبير، بعدها يقومون بغليه أكثر من مرة، ثم ينظفون ما علق به من شوائب، ثم يحتالون على الناس ويملأون ما خرج من هذا الزيت في زجاجات فارغة، وعليها اسم شركة من الشركات الوهمية، ثم يبيعون هذه الزجاجات للناس على أنها شركة زيت متعارف عليه وذات صيت.
هذه العملية، تعد في غالب الأمر مربحة إلى أقصى درجة، خاصة أن آخر سعر متعارف عليه لشراء الزيت من المواطنين وصل إلى 28 جنيهًا للكيلو.
في حين أنه بعد أن يعاد هذا الزيت للأسواق على أنه صالح للاستهلاك يتراوح سعره ما بين 40 جنيهًا إلى 50 جنيهًا على أقل تقدير والوزن لا يزيد عن 700 ملي للزجاجة أي اقل من لتر، لذلك تخيل هذا الفارق في السعر فقط في سعر الكيلو، فما بالك بالأطنان التي يتم ضبطها من قبل مباحث التموين من ناحية ووزارة التموين من ناحية أخرى، الأمر الذي ينذر بأن هذه التجارة تُعد تجارة رابحة بكل المقاييس، وأنها بالنسبة لمن يعمل فيها «سبوبة»، وآخر ما يتم التفكير فيه هو صحة المواطنين.
حتى يتم توضيح الأمر عن قرب، وكشف حكم تلك التجارة الكبيرة، والتي لا يلتفت إليها الكثير من الناس، يكفيك أن تعرف أن المضبوطات التي يتم ضبطها من الزيت الهالك، يتراوح في أقل تقدير ما بين 5 أطنان فيما فوق.
مضبوطات
ولأن الموضوع خطير انتبهت مباحث التموين والعاملين في وزارة التموين لهذا الأمر، فتم ضبط 10 أطنان كاملة من الزيت الهالك، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد لا واصلت حملاتها في كل انحاء الجمهورية؛ ففي محافظة الغربية وفي الساعات الأخيرة، فقط شنت مديرية التموين بالغربية، برئاسة المهندس محمد أبو هاشم، وكيل وزارة التموين بالاشتراك مع مباحث التموين، حملة تموينية لتشديد الرقابة على الأسواق والمحلات العامة، وضبط المخالفات التموينية ببندر طنطا.
في الحملة التي ضمت الحملة أحمد البسطويسى، مدير الإدارة العامة التجارة الداخلية، والدكتورة ولاء رشاد شاهين مديرة الرقابة التجارية، ومحمد فوزى، وأحمد فاروق وتامر الأشعل المفتشين بإدارة الرقابة التجارية.
أسفرت عن ضبط 10 أطنان زيت طعام هالك، مرتجع من الأهالى، موجود داخل مخزن زيوت قبل إعادة تدويره وبيعه مرة أخرى للمواطنين على أنه صالح للاستهلاك المحلي، وحرزت تلك المضبوطات على ذمة المحضر المحرر من شرطة التموين، وأخطرت النيابة العامة لمباشرة التحقيقات.
وداخل محافظة الغربية أيضًا، وخلال الساعات الأخيرة، لكن هذه المرة في مركز السنطة؛ شنت حملة قادتها مديرية التموين أسفرت جهودها عن ضبط مخزن زيوت طعام هالك، دون ترخيص، وبداخله كمية من زيت الطعام الهالك، تقدر بـ 52 طنًا دفعة واحدة.
السؤال هنا، هل المضبوطات زيت فقط؟، الإجابة القاطعة هي لا، وهذا أكده المضبوطات في هذه الحملة التي شنتها مديرية التموين بالسنطة مع مباحث التموين، لأنه بجانب ضبط 52 طنًا من الزيت الهالك، فقط ضبط عدد شعلتين نار، بكل شعلة أربعة عيون موصولين بأنابيب غاز كبيرة الحجم.
بالإضافة إلى 10 أسطوانات غاز كبيرة الحجم، معبأة ومملوءة بالغاز، إلى جانب 3 ماكينات كهرباء شفط ورفع الزيت، وكذا 2 منخل تصفية، والذي يستخدم لتصفية الزيت من الشوائب العالقة فيه حتى يتمكنوا من إعادة بيعه على أنه صالح للاستهلاك المحلي.
العبرة بالمواطن
في سياق متصل، أوضح أحمد كمال، المتحدث باسم وزارة التموين؛ أن حملات مديريات التموين في كل المحافظات تعمل على مدار 24 ساعة في ضبط وكشف مصانع تعبئة زيت التموين وإعادة طرحه للاستهلاك الآدمي.
وأضاف؛ أن هذه المصانع تعمل بشكل غير قانوني، وأنهم في الغالب يتواجدون في الأماكن النائية وبعيدًا عن التجمعات السكنية، وفي الأماكن الشعبية يتواجدون في أكثر الأماكن ازدحامًا حتى لا يثيرون الشك حولهم، لكن مديريات التموين مع مباحث التموين تعمل على قدم وساق في كشف هذه المصانع وضبطها.
واختتم قائلا: «هذه الكميات التي ضبطت هناك كميات أخرى أكبر بكثير يتم إعاده طرحها مرة أخرى، لذلك الفيصل في هذا الأمر هو المواطن، والذي يبيع ما تبقى من الزيت بعد استهلاكه لأي شخص دون النظر هل هذا الشخص يعيد تدوير هذا الزيت ويستخدمه بشكل غير آدمي ويعيد طرحه للاستهلاك المحلي».
اقرأ أيضا :