يحدث فى مصر الآن

سد النهضة: مفاوضات ولا جديد

يوسف القعيد
يوسف القعيد

انطلقت فى القاهرة يوم الإثنين الماضى جولة مباحثات شارك فيها وزراء الرى المصرى والسودانى والإثيوبى. سبقتها جولة مفاوضات ثلاثية فى أديس أبابا. توقفت طويلاً أمام هذا الخبر الذى يُذَكِّرنا بهمٍّ من أكثر همومنا خطورة. لكن ما يجرى من حولنا وخصوصًا من العدو الإسرائيلى تجاه أشقائنا الفلسطينيين فى غزة يأخذ الألباب. ونتوقف أمامه طويلاً. وها هو العدو الإسرائيلى يلتهم غزة. بينما نجلس بمقاعد المتفرجين.

اجتماعات سد النهضة فى القاهرة وقبلها فى أديس أبابا لم تتقدم للأمام خطوة واحدة. فقد رافقها إعلان رئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد أن نجاح بلاده فى إتمام العملية الرابعة من ملء خزان سد النهضة -ولا أدرى من أين أتوا بكلمة النهضة فى وصف هذا السد؟- وهى الخطوة التى قوبلت برفض كامل من مصر والسودان معًا.

تقول الوقائع المؤلمة إن هذه الجلسة هى الثالثة التى تُعقد بعد جولتين لم تُسفرا عن أى اتفاقٍ. مما جعل الإعلام يتوقف طويلاً أمام دوران جلسات التفاوض حول نفسها دون أى جديد. فى حين أن البيانين الصادرين عن الجلستين الأخيرتين يطالبان بالإسراع بالانتهاء من الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة. وهو ما لم يحدث حتى الآن.. والغريب والعجيب فى سلوك الإخوة فى إثيوبيا أنهم يحضرون هذه الجلسات ويتحدثون فيها. لكنهم فى نفس الوقت ماضون فى استكمال سد النهضة - وأنا آسف أن أصفه بكلمة النهضة - فهو سد يضر كثيراً جداً الوضع المائى لكلٍ من مصر والسودان. فحقوق دولتى المصب وأمنهم المائى حسب قواعد القانون الدولى لابد أن يوضع فى الاعتبار. وأن تكون له أولوية قصوى. ويُخيَّل إلىَّ أن إثيوبيا تشترى الوقت لكى تنتهى بالفعل من مراحل إنشاء سد النهضة. لذلك فهى تتفاوض على المستقبل. فى حين أنها مستمرة فى عمليات إنشاء سد النهضة. أى إن إثيوبيا تُناور وتلعب وليست جادة أبداً فى التوصل إلى حل يضمن حقوق كل الأطراف.

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسى أثناء استقباله وفد رفيع المستوى من الحزبين الجمهورى والديمقراطى بالكونجرس الأمريكى نهاية أغسطس الماضى قد قال:
- موقف مصر ثابت بشأن الالتزام بالتوصل إلى اتفاق قانونى مُلزم حول ملء وتشغيل سد النهضة، يراعى مصالح ومشاغل الدول الثلاث: مصر والسودان وإثيوبيا.. عن نفسى أكتُب هذا الكلام وأنا ليس لدىَّ أمل فى تراجع الموقف الإثيوبى عما بدأه ويمضى فيه بعد أن صمَّ أذنيه عن كل ما تقوله مصر، وكل ما تُعلنه السودان. ومُعظم ما يكتبونه هُناك لا يخرُج عن حكاية المصالح المشروعة لهم فى مياه النيل. مع أن هذه المياه يجب أن تُقسَّم بالعدل المُطلق بين دول المصب الثلاثة لنهر النيل. وما تقوم به إثيوبيا عدوانٌ صريح على حقنا المشروع والتاريخى فى مياه النيل.

فهل يتحرك المجتمع المدنى وعلماء المياه والأنهار لتنبيه الدنيا كلها إلى الخطر الذى يُحدِّق بنا مما تفعله إثيوبيا بمياه النيل؟ الماء أساس الحياة وسرها. والحضارة التى قامت حول النهر من منبعه إلى مصبه كانت مياه كلمة السر الأولى والأخيرة فيها. فماذا نحن فاعلون؟!.