بقلم واعظة

كل احتلالٍ إلى زوال

إلهام فاروق شبانة منطقة وعظ دمياط
إلهام فاروق شبانة منطقة وعظ دمياط

فلسطين الحبيبة القريبة من القلب والعين، أرضنا وقدسنا وقضيتنا، فلا يدافع عن فلسطين من ولد بفلسطين فقط؛ بل يدافع عنها كل مسلم فهى مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وملتقى الأنبياء، وهى بلد الأقصى، أولى القبلتين، وثالث الحرمين، فقلوبنا بحب فلسطين قد أغرمت، وأرواحنا للقدس قد اشتاقت.

ولكن قلوبنا تعتصر ألما بقدر كل شبر من أراضيها، وبقدر كل صرخة طفل من أطفالها. إنها فلسطين الأبية، من أجلها ذرفت العيون فانتفض أبناؤها ليواجهوا بها فى صمود قذائف وصواريخ المعتدين الغاصبين، أطفال ونساء وشيوخ عُزّل يدفعون ثمن حبهم لوطنهم، ينامون ويصبحون على أصوات الصواريخ، وصراخ الأطفال وعويل النساء، عائلات بأكملها يرتقون إلى بارئهم دفعة واحدة، عاشوا سويا، وماتوا سويا، والبيوت الذى كانت تتعالى فيها أصوات ضحكاتهم وعلى جدرانها رسمت ذكرياتهم انهدمت فوق رءوسهم.

فهذا طبيبٌ يداوى الجرحى فإذا بابنه بينهم شهيد، وهذا صحفيٌّ يذيع الخبر فإذا الخبر وفاة أسرته، وهذا جنين تَمزَّق فى أحشاء أمه قبل أن يخرج إلى الدنيا، وهذه أم تبكى وتصرخ (أولادى ماتوا من دون ما يأكلوا)، صاروا يكتبون أسماءهم على أيديهم، حتى يتعرف عليهم المسعفون إذا أصبحوا أشلاء واختفت ملامحهم.. يا وجع القلبِ إنه مصاب جَلل تُفقَد به العقول وتنخلع به القلوب.

والله إن الكلمات لتختنق فى حلقى وتؤازرها الغصة المعهودة كلما شاهدت دماء الشهداء الأبرار بين الدهس والنار.. وتتجمد الدموع فى عينى وتقاوم الانهيار متمسكة بالأمل فى نصر الله والصبر واليقين التام بوعد الله «للهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ» «الروم ٤-٥».

فلا أدرى على أيدى أى جيل يكشف الله الغمة، ولكن ما أعرفه أن سنة الله فى الكون النصر والغلبة لمن صبر وقاوم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الله يغرس فى هذا الدين غرسًا يستعملهم فيه بطاعته إلى يوم القيامة»، فلن نعدم الخير فى شعب يقاوم ويرفض التفريط فى أرضه وعِرضه إلى آخر رمق فى حياته، وستبقى فلسطين الأبية تاريخ مجدٍ ليوم الخلود، فالأمل باقٍ وموجود، وكل احتلالٍ إلى زوال قصر الأمد أو طال.