ضاعت الموضوعية في تغطية الأحداث الإنسانية

«شات جي بي تي» يرفض إعطاء أسرار الخوارزميات الإسرائيلية المؤثرة على يوتيوب

صورة موضوعية
صورة موضوعية

■ كتبت: منى سراج

انحياز وسائل الإعلام الغربية تجاه الأحداث الأخيرة فى غزة، موضوع يثير الكثير من الجدل والانتقادات، حيث يشير الخبراء إلى أن الإعلام الغربي يميل إلى عرض الصراعات فى الشرق الأوسط، بما فى ذلك الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بطريقة تتجاهل أو تقدم وجهة نظر مُحددة، وتتركز الانتقادات في كثير من الأحيان على تحيز الإعلام تجاه إسرائيل أو عدم تقديم سياق كامل للأحداث بالمنطقة، وبعض الناس يرى أن تقارير الإعلام تميل للتركيز على العمليات الإرهابية أو التصعيد الفلسطيني دون النظر بشكل كافٍ إلى الأسباب الجذرية لهذه الأحداث ووجهات نظر الفلسطينيين.

كيف أفسد التحيز الإعلامي الصورة وأثر على التوجهات العالمية تجاه غزة، وكيف باتت أحداث غزة بين الحقيقة والتحيز، كيف أثرت التغطية الإعلامية الغربية على فهم العالم للصراع الفلسطيني؟ الدكتور سامى عبد العزيز، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، يشير إلى الانحياز الواضح فى تغطية الإعلام الغربى لأحداث غزة الأخيرة. يعتبر أن القيم المهنية للإعلام، مثل الحياد والموضوعية، قد تم تجاهلها بشكل كبير فى هذه التغطية ويُشدد على أن الإعلام الغربى قد فشل فى تقديم صورة كاملة وعادلة للأحداث وأنه غالبًا ما يميل إلى الانحياز لإسرائيل .

ويؤكد عبدالعزيز أن الأقنعة قد سقطت من على وجوه الرؤساء والساسة الأمريكان والغربيين، بنفس القدر وإن لم يكن يزيد هذا الإعلام الغربي، ولو تم تدريسها للطلاب فى محاضرات علمية، لن تكفينا مناهج تعليمية ومحاضرات متعددة فى فن الغش والتزييف والخداع، وفى عصرٍ يمتزج فيه الخبر بالتكنولوجيا والتطورات السريعة، تكمن الإنسانية كجوهر أساسى يجب أن نحترمه ونبرزه. فى هذا السياق، نجد أحيانًا أنفسنا نواجه قصصًا تزور وتغفل الجوانب الإنسانية فى القضية، فمن الصعب تحديد أكثر التقارير الغربية تزويرا، لكن يكفينا الخطأ الكبير الذى وقعت فيه الـ«سي إن إن» .

أضاف: أصدرت مذيعة معروفة على شبكة «سى إن إن» بيانًا غير متوقع، وبرغم أنها كانت قد تعاملت مع العديد من القضايا السياسية والإنسانية على مر السنوات، وكانت لها شعبية كبيرة بين مشاهدى القناة، إلا أنها فى هذا البيان، قدمت اعتذارًا صريحًا للمشاهدين عن تغطيتها الإعلامية للأحداث في غزة، لكن للأسف هذا الاعتذار لم ولن يحمِى صرخة الضحية من الأثر السلبى للتحيز الإعلامى فى تصوير أحداث غزة، بل ويعد مثالا واضحا لركود الاعتذارات وعدم جدواها بعد نشر التزييف والتضليل.

ويؤكد أنه يجب أن نتجه نحو استعادة الإنسانية فى مجال الإعلام. فى عالم يهيمن عليه السرعة والتنافس، ويجب علينا أن نتذكر أن وراء كل خبر هناك قلب ينبض وحكاية تستحق أن تروى بكل شفافية وإنسانية.

من جانبه يقدم الدكتور شريف نافع أستاذ الصحافة الإلكترونية بكلية الإعلام جامعة القاهرة، تقييماً مماثلاً، مُشيرًا إلى أن الإعلام الغربى قد تجاهل العديد من القيم المهنية، واستندت بعض القنوات الغربية الكبرى إلى تغطية متحيزة واختيار استضافة مصادر مؤيدة لإسرائيل، متجاهلة الجرائم الوحشية التى ارتكبتها.

◄ اقرأ أيضًا | الحكومة العراقية تخصص ثلاثة مليارات دينار لدعم سكان قطاع غزة بالأدوية والأغذية

تساءل عن عدم تناول القضايا من جميع الزوايا، وأنه غالبًا ما يركز على تصريحات وجهة نظر واحدة، وعلى سبيل المثال فقد عرضت قناة «بى بى سي» تصريح رئيس الوزراء الكندى دون عرض الجانب الفلسطيني.

ويقترح الاعتماد على وسائل إعلام موازية والاستفادة من الشباب كصانعى محتوى وخلق مزيد من النوافذ الإعلامية سواء فى الإعلام التقليدى أو الإلكترونى ووسائل التواصل الاجتماعى بالتوازى مع جهود القادة والحكومات والدبلوماسيين والخارجية على أرض الواقع، وفضح الممارسات بالفيديوهات، لأن التأثير الواحد للفيديو على  الرأى العام العالمى أقوى آلاف المرات من تأثير المؤتمرات.

ولتحقيق تأثير أكبر، يرى نافع أنه يمكن استخدام وسائط مختلفة مثل الفيديوهات والصور لكشف الحقائق. يجب استغلال الأفلام الوثائقية لإبراز الانتهاكات الإسرائيلية وجذب الانتباه العالمي، كما يشجع على اتخاذ إجراءات مؤثرة مثل المقاطعة الاقتصادية لفرض الضغط على الكيانات التى تدعم القمع، والدليل ما هو موجود فى ميثاق الأمم المتحدة بأشكال متنوعة مثل «عدم التمييز واحترام حقوق الآخر، والعدالة فى التغطية الإعلامية» بل وتناقش بكثرة فى مؤتمراتهم الدولية والإعلامية بينما هم يضربون بها عرض الحائط، ولن يلتزم بها هذا الكيان الغاشم وإلا كان التزم بها.

أخيرًا، يشير نافع إلى أهمية المقاطعة كإحدى أدوات ممارسة الضغط الدولي، ويشدد على أن الإعلام والتكنولوجيا يمكن أن يلعبا دورًا مهمًا فى توجيه الانتباه إلى القضايا الإنسانية وتقديم صورة دقيقة للأحداث. ويشجع على صناعة الأفلام الوطنية التى تعكس التاريخ المحلى والانتماء للوطن.

اللواء طيار دكتور هشام الحلبي، المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، يشير إلى أن الانحياز الإعلامى الغربى يشكل تحدياً كبيرًا لنا كعرب، خاصة فى ظل القدرة الفائقة التى يمتلكها الإعلام الإسرائيلى فى التأثير على الرأى العام الغربي. يظهر الإعلام الإسرائيلي وكأنه الضحية، فى حين يتجاهل ضحايا غزة تمامًا. إنهم يستغلون الوسائل الإعلامية الكبرى ويشترون ويديرون القنوات الفضائية البارزة. نحن بحاجة إلى تكاتف الجهود والعمل المشترك للوصول إلى الجمهور الغربى بلغة يفهمها، وذلك من خلال إنشاء محتوى إعلامى جذاب ومتنوع بلغات مختلفة.

◄ اقرأ أيضًا | حملات للتبرع بالدم بجميع المُحافظات| مصر وفلسطين.. شريان واحد

ويرى أن أحد التحديات الرئيسية التى نواجهها هى تشويه صورة المواطن الفلسطينى وتحويله من صاحب الأرض إلى إرهابى، يجب أن نعمل على توعية العالم الغربى ونفتح قنوات تواصل تسليط الضوء على الحقائق بشكل عادل وموضوعي، لافتا إلى أن تعاطف الجماهير مع الأحداث الأخيرة يشير إلى زيادة الوعى الذى بدأ ينتشر فى الشارع العربي، ولكن الجمهور الغربى لا يزال بحاجة إلى معرفة الحقائق المتعلقة بالقضية. لذا، يتطلب الأمر منا تكثيف الجهود فى توجيه الدعوة إلى الشعوب الغربية بطرق توضح القضية بشكل واضح ومؤثر.

وفى سؤال أخير لشات «جى بى تي» عن حقيقة دفع إسرائيل أموالا طائلة لموقع يوتيوب فى مقابل تحسين صورة إسرائيل على وسائل التواصل الاجتماعي، وتشويه صورة المواطن الفلسطيني، من خلال استخدام خوارزميات مدخلة على محركات البحث أجاب: «لا يمكننى توفير معلومات محددة حول الخوارزميات التى تستخدمها محركات البحث أو المواقع والتطبيقات بشكل فردي. الخوارزميات التى تستخدمها محركات البحث تخضع لسرية تجارية وأمان، ولا يمكننى الوصول إلى تفاصيل دقيقة حول كيفية عملها أو التأثيرات الجماهيرية المحددة»، مع ذلك، يجب أن نفهم أن محركات البحث تستخدم خوارزميات معقدة لتحسين نتائج البحث للمستخدمين بناءً على الكلمات الرئيسية والعبارات المدخلة.

يتم تحديد ترتيب النتائج بناءً على عدة عوامل مثل الصلة، والمصداقية، والموثوقية، كما يجب أن نفهم أن محركات البحث تستخدم خوارزميات معقدة لتحسين نتائج البحث للمستخدمين بناءً على الكلمات الرئيسية والعبارات المدخلة. يتم تحديد ترتيب النتائج بناءً على عدة عوامل مثل الصلة، والمصداقية، والموثوقية، لضمان الحصول على معلومات دقيقة وموثوقة حول هذا الموضوع، يُفضل الرجوع إلى تصريحات الشركات المالكة لتلك المحركات أو المواقع الإلكترونية.