عصير القلم

لست بطلا .. ولست رجلا

أحمد الإمام
أحمد الإمام

‭..‬فرد‭ ‬الأمن‭ ‬الذي‭ ‬فتح‭ ‬نيران‭ ‬سلاحه‭ ‬الميري‭ ‬على‭ ‬السياح‭ ‬العزل‭ ‬وقتل‭ ‬برصاصاته‭ ‬الطائشة‭ ‬اثنين‭ ‬منهم‭ ‬وقتل‭ ‬ايضا‭ ‬مواطنًا‭ ‬مصريًا‭ ‬كان‭ ‬يؤدي‭ ‬عمله‭ ‬كمرشد‭ ‬سياحي‭ ‬ليس‭ ‬بطلا‭ ‬كما‭ ‬يراه‭ ‬البعض‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬أبعد‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬عن‭ ‬البطولة‭ ‬والرجولة‭ ‬أيضا‭.‬

هذا‭ ‬الرجل‭ ‬الموتور‭ ‬خان‭ ‬بلده‭ ‬وخان‭ ‬شرف‭ ‬وظيفته‭ ‬وخان‭ ‬ايضا‭ ‬إنسانيته‭.‬

خان‭ ‬بلده‭ ‬عندما‭ ‬أراق‭ ‬دماء‭ ‬سياح‭ ‬أجانب‭ ‬عزل‭ ‬منحناهم‭ ‬عهدًا‭ ‬بالأمان‭ ‬بمجرد‭ ‬حصولهم‭ ‬على‭ ‬تأشيرة‭ ‬دخول‭ ‬مصر‭.‬

وخان‭ ‬شرف‭ ‬وظيفته‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تخلى‭ ‬عن‭ ‬مهمته‭ ‬السامية‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬أرواح‭ ‬الناس‭ ‬وممتلكاتهم‭ ‬واستخدم‭ ‬سلاحه‭ ‬الميري‭ ‬في‭ ‬ترويع‭ ‬الآمنين‭ ‬وإراقة‭ ‬دماء‭ ‬الابرياء‭.‬

وخان‭ ‬إنسانيته‭ ‬عندما‭ ‬غدر‭ ‬بأشخاص‭ ‬مسالمين‭ ‬جاءوا‭ ‬إلى‭ ‬بلدنا‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬أوقات‭ ‬سعيدة‭ ‬في‭ ‬واحة‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭ ‬مصرنا‭ ‬العزيزة‭.‬

ماهي‭ ‬المكاسب‭ ‬التي‭ ‬سعى‭ ‬هذا‭ ‬القاتل‭ ‬لتحقيقها‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬الجريمة‭ ‬النكراء‭ ‬التي‭ ‬ارتكبها‭ .. ‬ماذا‭ ‬كان‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬ذهنه‭ ‬وهو‭ ‬يضغط‭ ‬زناد‭ ‬مسدسه‭ ‬مطلقًا‭ ‬رصاصات‭ ‬الغدر‭ ‬والخسة؟

هل‭ ‬كان‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬بطلا‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬قتال‭ .. ‬هل‭ ‬كان‭ ‬يعتبر‭ ‬نفسه‭ ‬محررًا‭ ‬للقدس‭ ‬ونصيرًا‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ .. ‬هل‭ ‬كان‭ ‬يأمل‭ ‬أن‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬نوط‭ ‬الشجاعة‭ ‬بقتل‭ ‬العزل؟‭ ‬

لا‭ ‬والله‭ .. ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬لا‭ ‬يمت‭ ‬للشجاعة‭ ‬بصلة‭ ‬،‭ ‬فما‭ ‬هي‭ ‬البطولة‭ ‬في‭ ‬قتل‭ ‬أشخاص‭ ‬آمنين‭ ‬جاءوا‭ ‬إلينا‭ ‬وهم‭ ‬يأتموننا‭ ‬على‭ ‬أرواحهم‭ ‬وأموالهم‭.‬

هل‭ ‬استفادت‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬شيئًا‭ ‬من‭ ‬قتل‭ ‬سائحين‭ ‬مسالمين‭ .. ‬هل‭ ‬انسحبت‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬من‭ ‬القدس‭ ‬خوفًا‭ ‬ورعبًا‭ ‬مما‭ ‬فعله‭ ‬هذا‭ ‬المقاتل‭ ‬الصنديد؟‭!‬

هل‭ ‬استفادت‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ .. ‬العكس‭ ‬هو‭ ‬الصحيح‭ ‬،‭ ‬فهذا‭ ‬الأحمق‭ ‬ألحق‭ ‬بوطنه‭ ‬ضررًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التفاؤل‭ ‬تسود‭ ‬الاجواء‭ ‬بانتعاش‭ ‬حركة‭ ‬السياحة‭ ‬وعودتها‭ ‬إلى‭ ‬معدلاتها‭ ‬الطبيعية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬عليها‭ ‬قبل‭ ‬ثورة‭ ‬25‭ ‬يناير‭ ‬2011‭ ‬،‭ ‬ونأمل‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الحادث‭ ‬في‭ ‬حجمه‭ ‬الطبيعي‭ ‬كحادث‭ ‬فردي‭ ‬لا‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬الصورة‭ ‬الذهنية‭ ‬عن‭ ‬مصر‭ ‬بلد‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭ ‬ولا‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬الجهود‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬يبذلها‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬الأوفياء‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬رسالتهم‭ ‬السامية‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬الأرواح‭ ‬والممتلكات‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أبدًا‭ ‬لحادث‭ ‬فردي‭ ‬عارض‭ ‬أن‭ ‬يهدر‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬الهائلة‭ ‬والتضحيات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬قدمها‭ ‬ومازال‭ ‬يقدمها‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭.‬

وهنا‭ ‬يأتي‭ ‬الدور‭ ‬الوطني‭ ‬للاعلام‭ ‬المصري‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬حملة‭ ‬التشكيك‭ ‬التي‭ ‬سيطلقها‭ ‬أعداء‭ ‬مصر‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬جماعة‭ ‬الاخوان‭ ‬الارهابية‭ ‬التي‭ ‬ستطلق‭ ‬العنان‭ ‬لكتائبها‭ ‬الإلكترونية‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬التهويل‭ ‬من‭ ‬الحادث‭ ‬العارض‭ ‬وإظهار‭ ‬هذا‭ ‬القاتل‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬بطل‭ ‬ارتكب‭ ‬عملا‭ ‬بطوليًا‭ .. ‬ومهمة‭ ‬الاعلام‭ ‬هنا‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬مجرد‭ ‬قاتل‭ ‬ارتكب‭ ‬جريمة‭ ‬ارهابية‭ ‬خسيسة‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬وطنه‭ ‬قبل‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬ارتكبها‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬السائحين‭ ‬الأجانب‭ ‬ويستحق‭ ‬عليها‭ ‬عقابًا‭ ‬رادعًا‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬تسول‭ ‬له‭ ‬نفسه‭ ‬التصرف‭ ‬باعتباره‭ ‬حامي‭ ‬الحما‭ ‬ونصير‭ ‬الضعفاء‭ ‬والمظلومين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بقاع‭ ‬الارض‭.  ‬


 

;