ادعاءات حرية الرأى رسبت فى اختبار غزة.. والمصالح تكشف وهم الديمقراطية

سقوط الإعلام الغربى| انحياز لجرائم الاحتلال وتجاهل لمآسى الفلسطينيين

سقوط الإعلام الغربى
سقوط الإعلام الغربى

تنادى دول العالم الغربى بالحريات منذ قديم الأزل، بل وتنادى بتطبيقها على جميع المستويات وتخاطب دائما العالم العربى بذلك.. لكنها الآن أصبحت هى أول من يقف ضد هذا المبدأ، وأول من يعارض «الحرية»، فمنذ بداية عملية «طوفان الأقصى» ضد الإحتلال الإسرائيلى والإعلام الغربى لم يكف عن نقل حقائق ووقائع غير حقيقية معتمدة على أبواق تنقل ما تريده فقط وليست الحقيقة كاملة.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل طال وسائل التواصل الاجتماعى أيضا، لنجد جميع المنشورات الخاصة بأى صور أو أحداث تخص الشعب الفلسطينى يتم حذفها بشكل مباشر وبدون تردد، فى رسالة واضحة أنهم يتحكمون فى جميع الأصوات التى تصل للخارج، ولعدم نقل الحقيقة أمام العالم بأكمله.

«الأخبار» ناقشت خبراء الاتصالات والإعلام فى كيفية التصدى للأمر.. والطرق التى يجب إستخدامها لنقل الأحداث الحقيقية.

تقول الدكتورة ليلى عبد المجيد أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن وسائل الإعلام الغربية خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أصبحت تفتقر إلى التوازن والحيادية فى نقل الأحداث ونقل الحقيقة، كما هو واقع بين الطرفين، ولكن الأمر مع الأسف تعدى «حدود الاستحياء»..

وأصبحت وسائل الإعلام الغربية تحاول أن تجبر العالم الغربى بأكمله على التعاطف مع إسرائيل، من خلال نقل صور مغايرة للحقيقة عما يحدث على أرض الواقع، حتى ما يأتى على لسان شهود عيان يكون كلاماً غير صحيح، وبه قدر كبير من المبالغة وأحيانا تكون شهادات غير حقيقية فى محاولة لتظهر إسرائيل أمام العالم وكأنها ضحية، وذلك يناقض الحقيقية تماما، فى محاولة لكسب تعاطف العالم الغربى مع إسرائيل.

وتضيف أنه حتى وسائل التواصل الاجتماعى يحاولون السيطرة عليها بشكل مباشر، لما يعلمون من تأثيرها السريع والمباشرعلى الرأى العام العالمى، فيتم حذف أى منشور يحمل صوراً من الغارات التى تشن على غزة، وصور المواطنين الفلسطينيين الأبرياء الذين فقدوا عائلاتهم وأبناءهم، وتهدمت منازلهم، كل ذلك يتم التعتيم عليه بشكل كبير، حتى لا تفضح جرائم إسرائيل أمام العالم.

وتؤكد أنه منذ سنوات سابقة كثيرة، نادينا بضرورة وجود إعلام قوى يخاطب العالم الغربى، ليكون صوت العرب هناك، ولكن لم يحدث ذلك، وأصبحنا نعتمد على وسائل أخرى، وتشير إلى أن الحل فى الوقت الحالى يكمن فى الجهود المبذولة من الدبلوماسية الرسمية والشعبية والتى تحاول قدر الإمكان القيام بدورها فى نقل الحقيقة أمام العالم.

وتضيف الدكتورة سهير عثمان أستاذ الإعلام أن الأرقام المغلوطة وتزييف الحقائق هى واحدة من الأدوات التى استخدمتها إسرائيل لتبرير الاجتياح الكبير والقصف المكثف الذى تم على قطاع غزة، وللأسف الشديد الغرب يدعمها لأنها تبرر جرائمها أنه من منظور دفاع عن نفسها، وعن مواطنيها، واستطاعت أن تستغل هذه الصورة وتغذى وتحشد الرأى العام الغربى بقصص وهمية من اختطاف وإغتصاب للأطفال والسيدات والرهائن، لتمحو جرائمها أمام العالم وتحاول أن تكون الضحية.

وتقول إن الإعلام الخارجى يعتمد على أيديولوجيات، الأمر الذى فيه صعوبة للإعلام العربى فى نقل الصورة الحقيقية، بمعنى انه من الصعب تغيير أيديولوجية الدول الغربية أو أمريكا تجاه إسرائيل، رغم أنها مزيفة وليست حقيقية، ولكن فى الوقت الحالى يمكن للإعلام أن يكثف من نشر الصور الحقيقية للقصف، سواء للضحايا أو المنازل.

مهما كانت صعوبتها، ورصد الأرقام الحقيقية للضحايا والمصابين الفلسطينيين، والتركيز على فكرة إجبار إسرائيل لسكان غزة بالتهجير وترك أرضهم، رغم ان ذلك سيقابله رفض شديد من الإعلام الغربى، خاصة فى الدول الكبرى مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا وغيرها من الدول التى تدعم إسرائيل فى حربها على غزة، فنشر المعلومات والحقائق هى سلاح الإعلام الوحيد أمام الإعلام الغربى، وأمام التحديات والصعوبات التى يواجهها الإعلام العربى من أجل نقل الحقائق.

صالون مجانى

ومن جانبه أوضح المهندس حسام صالح خبير تكنولوجيا الإتصالات والمعلومات، أن أدوات السوشيال ميديا بأكملها تعتبر صالونات مجانية، وليست مدفوعة، وبالتالى فإن كافة المحتويات التى يتم تداولها خاضعة لقواعد ثابتة تمت الموافقة عليها من قبل المستخدمين قبل تحميل البرامج على هواتفهم او اجهزتهم بشكل عام.

وأشار إلى أن ما يحدث من شكاوى متكررة من جانب المستخدمين ماهو إلا تنفيذ للقواعد التى تم الاتفاق عليها مسبقا من قبلهم حيث إن سياسة الأدوات المفتوحة تشترط على المستخدمين عدم تداول أو كتابة محتويات تحث على الصراعات العرقية أوالسياسية، وفى حالة عدم الإلتزام بذلك يتم حذف هذه المحتويات وإتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للحفاظ على القواعد على كافة الاصعدة والمستويات.

واوضح ان الشركة التى تدير هذه المنصات هدفها الاول والاخير هو الربح، فإذا اراد المستخدم ان ينشر ما يحلو له بلا أى قيود او قواعد، فعليه ان يقوم بدفع المال، ولكن ليس من حقه ان يعترض او يشكو من عدم نشر منشورات تتعلق بالقواعد العامة التى وافق عليها مسبقا.

وأكد ان الغالبية العظمى من المواطنين فى مختلف الشعوب، اصبحوا يعتمدون بشكل كبير على استقاء المعلومات والاخبار من المنصات الاجتماعية، وليس من المواقع الاخبارية الموثوقة او المتعارف عليها بالمصداقية والنزاهة، فالجميع يجرى وراء مواقع التواصل الاجتماعى، ولا يأخذ فى الاعتبار انها مجانية، وغير مدفوعة الاجر. وبالتالى لها كامل الحق فى انتقاء ما ينشر على صفحاتها دون الالتفات الى اى شيء معاكس لمصلحتها او ارباحها المادية.
شروط وأحكام

وفى نفس السياق اوضح المهندس احمد طارق خبير اتصالات وتكنولوجيا المعلومات ان اى موقع له شروط واحكام لابد من الموافقة عليها، سواء من المواقع المرئية او الكتابية. وهناك معايير تسمى بمعايير المجتمع متضمنة فى تلك المعايير، وهى عدم ذكر ألفاظ خارجة، وايضا تجنب الحديث عن الدول المتحاربة، فاذا تمت كتابة اسم البلد الذى يعتبر احد اطراف النزاع فى الحرب فإن الذكاء الاصطناعى ولوغاريتمات الفيس بوك او المواقع بشكل عام، تقوم بترجمتها وتخزينها، وتقوم بحجبها من النشر، وبالتالى عدم تداول المنشورات بشكل واسع، بالاضافة الى غلق الحسابات.

واضاف الى ان قضية فلسطين من اكثر القضايا التى يتم حجب مقاطعها، او المواقع التى تتم تداول قضيتها، حيث ان اكثر هذه الفيديوهات او المقاطع المصورة تتناول احداث عنف ودماء، والتى تعتبر من القواعد التى يتعامل معها الذكاء الاصطناعى الخاص بالفيس بوك ومواقع التواصل، ويعمل على حجبها، بل وغلق الحسابات التى تقوم بنشرها على نطاق واسع.

وأوضح أن قلة عدد التفاعلات على المنشورات، يعتبر من الاسباب الرئيسية لعدم انتشارها، وهو ما يتطلب ان تتم كتابة المنشورات بالـ»الترند»، كى لا يتم حجبها او تقليل عدد المتفاعلين عليها، بالاضافة الى قيام المستخدمين بكتابة الكلمات التى لها علاقة بالحرب، لابد من الفصل بين حروف الكلمات، وكذلك كتابة كلمة «فلسطين»، فلابد من عمل فواصل بين حروف الكلمة الواحدة من اجل التحايل على لوغاريتمات الفيس بوك او المواقع الاجتماعية، والتى تضمن عدم حجب هذه المنشورات.

واشار الى ان اختلاف المنصات، وأعدادها الكبيرة، جعل من السهل وضع منشورات كثيرة تعبر عن القضايا المختلفة، ولكن لابد من مراعاة لوغاريتمات هذه المواقع او المنصات، كذلك فى الفيديوهات او المضامين المصورة، وفى النهاية لابد ان تكون هناك منصات عربية تقوم من خلالها الدول العربية جميعا بنشر كافة المضامين التى ترغب فى نشرها دون عائق او وسيط، ولكن للاسف الشديد فإن الغالبية العظمى من الدول العربية تلعب دور المنساق وراء المنصات الاجنبية، وهو ما نتمنى ان يتغير، وان يكون لدى الدول العربية منصات عربية تعبر بها عن قضاياها دون رقيب او حسيب.