شاهد عيان يحكي تفاصيل «16 أكتوبر» وانتفاضة أبناء الإسماعيلية ضد الاحتلال| فيديو

صورة موضوعية
صورة موضوعية

كتب فتحي البيومي
في كل محافظة عادة ما يرتبط عيدها القومي بحادث جلل، أو واقعة تاريخية أثرت في تاريخ هذه المحافظة، ولكنها "محافظة الإسماعيلية" إن أردنا تطبيق هذه القاعدة لوجد في كل شهر من شهور السنة عيدا لها، فتاريخها تحتوي صفحاتها على العديد من البطولات والبطولات ضد المحتل أي كانت هويته أو أهدافه، تلك المحافظة الصامدة الأبية التى عانى أهلها من ويلات الاحتلال وضربوا أعظم الأمثلة في المقاومة والنضال 
وإن كان يوم الخامس والعشرين من يناير هو أشهر أيام هذه المحافظة الباسلة إلا أنه يعد ذكرى لعيد الشرطة المصرية، ويتربع يوم السادس عشر من أكتوبر على عرش ايام البطولات والأحداث الهامة في محافظة الإسماعيلية.
"بوابة أخبار اليوم" ألتقت بشاهد عيان على أحداث السادس عشر من أكتوبر ١٩٥١ يوم انتفاضة شباب الإسماعيلية للثورة على المحتل وحريق مبنى "النافي" البريطاني.
جلال عبده هاشم .


هو ليس بكاتب أو مؤلف، بل هو أحد أبناء هذه المدينة الباسلة " الإسماعيلية" ولد عام ١٩٤١، عاش بها وكان شاهد عيان على أهم ما مر بها من أحداث، سكنت في ذاكرته اجمل حكايات البطولة والفداء، شاهدت عيناه كيف قاوم كل أبناء الإسماعيلية المحتل أي كانت هويته وأطماعه، عاش مشاكلها وهمومها، عاش معاناتها وانتصاراتها، شهد أفراحها وأحزانها، رأى رؤيا العين معاناه شعبها في كل أوقات الاحتلال مرورا بنكسة ١٩٦٧ وصولا لانتصار أكتوبر ١٩٧٣.
يحكى جلال عبده هاشم لـ" بوابة أخبار اليوم" أحداث وبطولات رجال الإسماعيلية ورجال القوات المسلحة المصرية في الحفاظ على أرض الوطن والزود عنه ضد كل محتل وغادر، وخاصة ذكريات السادس عشر من أكتوبر ١٩٥١ ذكرى انتفاضة أهل الإسماعيلية ضد المحتل البريطانى واختيار هذا اليوم " عيد الإسماعيلية القومي" ممارسات الاحتلال مع أهالي الإسماعيلية.

اقرأ أيضا| الإسماعيلية | تجمعات أمام المساجد للتبرع بالدم لإنقاذ الفلسطينيين

وعن ممارسات الاحتلال، وثورة أهالي الإسماعيلية ضد المحتل البريطانى يقول "جلال عبده هاشم" كنا نعانى في ظل وجود المحتل البريطانى كل أشكال الذل فلم يكن باستطاعتنا ونحن أصحاب الوطن أن نتحرك بحريتنا وأن نتمتع بالتنقل في بلادنا دون تصاريح وموافقات من الحاكم العسكري البريطانى، فأنا اذكر واقعة حدثت حين كنت صغيرا حيث أراد والدنا اصطحابنا لرحلة خارج الإسماعيلية، وحقا لم تكن فرحتى توصف هذه الليلة التى لم أنم فيها حتى الصباح ليأخذنا والدنا أولا للذهاب إلى مكتب الحاكم العسكري البريطانى للحصول على موافقته للخروج من مدينة الإسماعيلية وكم من الوقت الذي قضيناه في انتظار هذه الموافقة مما اشعرنا بالذل والهوان فكيف نعامل نحن أصحاب الوطن كالغرباء ويتحكم فينا من لا يملك ولا يستحق، ولم يكن هذا شعوري وحدي بل كانت غصة في قلوب كل أبناء الإسماعيلية وكانت من الشرارات التى أوقدت نار الغضب والثورة على المحتل البريطانى .
١٦ أكتوبر وانتفاضة أبناء الإسماعيلية ضد الاحتلال.


وعن ذكريات السادس عشر من أكتوبر وانتفاضة أبناء الإسماعيلية ضد المحتل البريطانى يقول "هاشم"  هو يوم لا ينسى أتذكر كل شئ حدث فيه وكأنه حدث بالأمس، حيث ضاقت صدور أبناء الإسماعيلية بممارسات الاحتلال البريطانى وانتفضت المدينة عن بكرة أبيها معلنة – نحن أصحاب الأرض وسنكون أصحاب الكلمة في أرضنا - ، وبالفعل في يوم الثلاثاء الموافق ١٦ اكتوبر ١٩٥١ خرجت المظاهرات في الإسماعيلية بمختلف طوائفها، فكانت البداية من مدرسة الإسماعيلية الثانوية بعرايشية مصر لينضم إليها عمال السكة الحديد وعمال مصنع الكوكاكولا تردد الهتافات التى تطالب بخروج القوات البريطانية من مصر، وكان من اشهر هذه الهتافات " قرآن وإنجيل يطردان الدخيل من وادى النيل" و"تحيا مصر مستقلة" وغير ذلك من الهتافات والعبارات التى أوقدت الثورة داخل صدور كل أهالي الإسماعيلية .
حريق مبنى النافي البريطانى .


وعن أهم الأحداث التى أسفرت عنها مظاهرات السادس عشر من أكتوبر بالإسماعيلية يقول "هاشم"  لقد توجهت المظاهرات إلى مبنى النافي البريطانى، وهو أكبر مجمع للقوات البريطانية  وهو أشبه بالجمعية الاستهلاكية التى كانت تقوم بخدمة العائلات البريطانية الموجودة بالإسماعيلية، وقام المتظاهرون بإحراق المبنى عن طريق رمي كرات من القطن مببلة بالبنزين، وكان كمال شاهين وأحمد رشدي السجاعي أول من قاموا بإلقاء الكرات على مبنى النافي البريطانى حسب شهود عيان من طلبة مدرسة الإسماعيلية الثانوية، وتم إحراق المبنى بسهولة نظرا إلى أنه كان محاطا ب"بوص" وهو سريع الاشتعال، بالإضافة إلى عدم وجود قوة بريطانية مسلحة داخل أو خارج النافي، باستثناء بعض الجنود الذين لا يزيدون عن أصابع اليد الواحدة ، وتم أيضا احراق سيارة بريطانية بجوار مبنى النافي و تحديدا أمام محل " البابا استراتي" الموجود خلف مبنى النافي البريطاني.
رد المحتل البريطانى على حريق مبنى النافي.


وعن ردة فعل المحتل البريطانى على حريق مبنى النافي البريطانى يقول "هاشم"   كان لحريق مبنى النافي البريطانى ردة فعل المحتل إذ رأى في ذلك إهانة وتهديدا في فقد سيطرته الكاملة على مدينة الإسماعيلية ، فما كان منه تحريك عدد من السيارات التى تحمل عددا كبيرا من الجنود المسلحين ليطلقوا النيران على المتظاهرين ووقع تصادم بين الجانبين أدى إلى إصابة عدد من المواطنين.
وفي المساء تجمع المتظاهرون مرة أخرى في شارع الثلاثيني واجتازوا السياج الأمنى وصولا  لمبنى النافي وتجدد المظاهرات مرة أخرى.
ويضيف "هاشم" لقد ظلت واقعة حريق النافى من الوقائع المهمة في تاريخ الإسماعيلية النضالي حتى اتخذت المحافظة هذا اليوم، عيدا قوميا لها وظل عدة سنوات قبل أن يقوم مجلس محلى المحافظة في التسعينات بتغيير العيد القومى إلى 25 يناير وسط تضارب الآراء والقرارات حتى عام 2017 حين احتفلت المحافظة رسميا بعد اكثر من 9 سنوات من الانقطاع بالسادس عشر من اكتوبر عيدا قوميا للمحافظة بعد مطالبة جموع الأهالى وأبناء المحافظة بعودة يوم 16 أكتوبر عيدا قوميا رسميا لمحافظة الإسماعيلية.