إنها مصر

الطريق الآمن !

كرم جبر
كرم جبر

الطريق الآمن ليس مغادرة غزة وشمال القطاع، والاتجاه إلى المنطقة الواقعة جنوب وادى غزة.. كما يقول نداء الجيش الإسرائيلي، زاعماً أن ذلك حرصاً على سلامة المدنيين.
الطريق الآمن ليس الانتقال من شمال القطاع جنوباً إلى خان يونس، وأن الجيش الإسرائيلى سيمتنع عن استهداف هذا المحور المحدد.
الطريق الآمن عند إسرائيل هو إخلاء غزة، واتجاه سكانها جنوباً إلى الحدود المصرية، أملاً فى تحقيق السيناريو التآمرى القديم، بدفع السكان إلى اقتحام الحدود، وعدم السماح بعودتهم مرة ثانية.


يلى ذلك هدم أنفاق غزة، وتحويلها إلى صحراء قاحلة ليس فيها حياة، لتنعم إسرائيل بالأمن الذى تريده، بالبطش والعربدة واغتيال الشعب الفلسطيني.. الأمن المخصب بالدماء والقتلى والأشلاء.


الطريق الآمن جربته إسرائيل منذ أكثر من سبعين عاماً، وارتكبت فى حق الفلسطينيين مجازر متكررة لم تنقطع عاما واحدا، واستخدمت كل وسائل العنف المشروعة وغير المشروعة، فحصدت فى النهاية «طوفان الأقصى»، وتعرضت لهجوم شرس لم يحدث منذ حرب أكتوبر.
وإذا ظلت إسرائيل سبعين سنة أخرى تبحث عن طريقها الآمن، فلن تجده إلا فى مزيد من الأحداث الدامية، فالشعب الفلسطينى الذى وصل إلى حافة اليأس، لن يكون أمامه إلا الانفجار.
وانفجار الشعب الفلسطينى لن يكون فى سيناء، وإنما فى قلب إسرائيل، فهى التى تحتل الأرض وتغتصب الحقوق المشروعة، وترفض أى مبادرة للسلام، ويتباهى بعض وزرائها بأفكار عنصرية يستنكر بعضها وجود الشعب الفلسطينى أصلاً.
الطريق الآمن هو الاعتراف بالقوانين والقرارات الدولية والاستجابة لمبادرة السلام العربية، والتسليم بأن الأرض مقابل السلام، وليس السلام مقابل اغتصاب الحقوق واستخدام القوة المفرطة ضد المدنيين.
أما أن تكون سيناء وطناً للفلسطينيين، فهذا من أحلام الشيطان وأول من يرفضه هو الشعب الفلسطينى، وتعلم إسرائيل جيداً أن مصر لم تفرط فى شبر واحد من أراضيها مقابل السلام، ولديها القدرة على حماية أمنها القومى.


رفضت مصر عبور الرعايا الأجانب إلا بعد السماح بعبور المساعدات الإنسانية، ولم ترضخ لضغوط أمريكية وغربية لإنقاذ رعاياهم وترك الفلسطينيين يعانون الجوع والمرض والتشريد.


يحدث ذلك فى ظل أوضاع إقليمية ودولية بالغة الصعوبة وعادت النغمة القديمة بمحاولات زج مصر فى الصراع وكأنها طرف فيه، رغم جهودها المضنية فى التواصل مع كل أطراف الأزمة.
الطريق الآمن هو التهدئة ووقف إطلاق النار، والعودة إلى التفاوض، والتوصل إلى رؤى حقيقية تضمن السلام لإسرائيل والحياة للشعب الفلسطينى.