الترسانة السرية.. كيف تؤثر شبكة الأنفاق في الهجوم الإسرائيلي في قطاع غزة؟

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

يشهد قطاع غزة حالياً أحد أخطر الاشتباكات العسكرية بين فصائل المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي منذ سنوات، بعد أن لوحت تل أبيب عن بدء عملية عسكرية أرضية واسعة النطاق بهدف إضعاف قدرة  الفصائل وتدمير منشآتها ومخازن صواريخها.

وفي محاولة لصد الهجوم، من المتوقع أن تلجأ  فصائل المقاومة الفلسطينية لسلاحها الأخير وهو الشبكة الهائلة من الأنفاق تحت الأرض التي بنتها على مدى سنوات. حيث تتيح هذه الأنفاق لمقاتلي  الفصائل التحرك بحرية والاختباء من الغارات الجوية الإسرائيلية، كما تستخدم لتهريب الأسلحة والذخيرة.

بدأت  فصائل المقاومة الفلسطينية بناء أنفاقها السرية تحت أرض قطاع غزة منذ أواخر التسعينيات، بهدف تهريب الأسلحة والذخائر. وقد استمر بناؤها وتطويرها خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية ضد الاحتلال منذ عام 2000 حتى عام 2004 حيث استخدمت لنقل المقاتلين وتبادل النيران.

ومع فرض إسرائيل حصاراً مكثفاً على غزة منذ عام 2007، أصبحت الأنفاق طريقاً حيوياً. وقامت  الفصائل بتوسيع نطاقها وتطويرها بمساعدة خبراء إقليميين، حيث تحول بعضها إلى مدن تحت الأرض مزودة بكهرباء واتصالات.

مميزات وتطورات شبكة الأنفاق

تضم الشبكة اليوم آلاف الكيلومترات من الأنفاق الممتدة تحت مدن ومخيمات غزة. حيث تربط بينها بوابات وممرات هوائية مخفية. كما تتضمن غرف عمليات واتصالات ومستودعات للأسلحة.

وقد زادت أبعاد وتعقيدات الأنفاق مع الوقت، حيث بات بعضها يتسع لحركة مركبات وتجهيزات طبية. كما تم تثبيت كاميرات مراقبة داخلها وخارجها.

ولمواجهة القصف الإسرائيلي، تم تعزيز جدران وأسقف الأنفاق بخرسانة مسلحة سميكة. كما زُودت مداخلها بأبواب حديدية ضخمة يصعب اقتحامها.


تحديات إسرائيل وأثر الأنفاق على المواجهة 

رغم الجهود الإسرائيلية لتحديد مواقع الأنفاق عبر الاستطلاعات الجوية والأقمار الصناعية، إلا أن الكثير منها مازال مجهولاً. وتواجه القوات البرية لجيش الاحتلال الآن تحدي كبير في مواجهة مقاتلي فصائل المقاومة الفلسطينية المختبئين في الأنفاق. حيث يستطيعون شن هجمات مباغتة ثم الانسحاب سريعاً بالانزلاق داخل الأنفاق.

كما أعاقت الأنفاق من إمكانية تحقيق الاحتلال أهداف عمليته الأرضية بسرعة. كما ساعدت  فصائل المقاومة الفلسطينية على استمرار إطلاق صواريخ وقذائف محلية الصنع باتجاه إسرائيل.

ومن التحديات التي تواجهها إسرائيل هو عدم معرفة تفاصيل دقيقة عن تصاميم وممرات هذه الشبكة الضخمة. كما تتطلب عمليات بحث مكثفة ودقيقة لتتبع مخارج الأنفاق وتحديد مواقعها قبل قصفها.

ومن المتوقع أن تطول المواجهة التي تلوح بها إسرائيل من خلال عملية الاجتياح البري بسبب تعقيدات القتال داخل الأنفاق. حيث اضطرت إسرائيل للوقوف على حدود القطاع مؤقتاً والاكتفاء بالضربات الجوية بينما تستمر بجمع المعلومات.

التأثيرات المستقبلية 

من المتوقع أن تظل الأنفاق عاملاً رئيسياً في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني لسنوات قادمة، حيث ستواصل  فصائل المقاومة تطوير قدراتها العسكرية تحت الأرض.

كما من المحتمل أن تؤدي المواجهة الحالية إلى تعزيز التعاون العسكري بين قوى إقليمية وفصائل المقاومة الفلسطينية لبناء أنفاق أوسع وأعمق.

من ناحية أخرى، قد تضطر إسرائيل للسير نحو عملية برية واسعة النطاق لتدمير المزيد من الأنفاق، ما سيزيد من حدة الاشتباكات وعدد الخسائر.

وبالتالي فإن شبكة الأنفاق ستظل عبارة عن تحدٍ رئيسي يواجهه الجانبان، ومصدر احتمالات مستقبلية غير مؤكدة في قطاع غزة.

مخاوف إنسانية وتداعيات على المدنيين
ينطوي وجود شبكة الأنفاق تحت المدن والمخيمات على مخاطر بيئية وإنسانية كبيرة بحال انهيار أجزاء منها أو تعرضها لقصف عنيف.
فقد تسببت انهيارات سابقة لأجزاء من الأنفاق في دفن العشرات تحت الأنقاض. بالإضافة لتلوث مصادر المياه الجوفية بسبب تسربات الوقود والمواد الكيماوية.

كما ترتفع مخاطر الانفجارات الثانوية داخل المناطق السكنية بسبب وجود مخازن الأسلحة والذخائر تحتها.

وفي حال استمرار القتال داخل الأنفاق وتدميرها، سيكون مصير مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين في غزة بين طرفي النقيض.