مندوب فلسطين بالجامعة العربية: نحن نشهد مخططًا إسرائيليًا لافتعال أزمة لاجئين جديدة

مهند العكلوك
مهند العكلوك

أكد السفير مهند العكلوك، مندوب فلسطين الدائم لدى جامعة الدول العربية، خلال الاجتماع التشاوري الإقليمي تحضيرًا للمنتدى العالمي الثاني للاجئين، أن فلسطين تعيش على وقع أزمة لاجئين جديدة نتيجة مخطط إسرائيلي محكم، بدفع 2.3 مليون فلسطيني للهجرة واللجوء.

وقال العكلوك في كلمته، "اليوم يدخل العالم من جديد في عصور الجاهلية والظلام، وهو يرى ويصمت على جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. وهذا ليس كلامًا اعتباطيًا مرسلًا، بل يستند إلى تعريف القانون الدولي لجريمة الإبادة الجماعية بأنها استهداف جماعة من الناس بقصد القضاء عليهم كليًا أو جزئيًا على أساس عرقي أو إثني أو ديني أو قومي. وما نشهده اليوم هو إبادة جماعية لعائلات فلسطينية كاملة من الأحفاد إلى الأجداد، وتدمير منهجي لأحياء سكنية مدنية بالكامل، وإخضاع 2.3 مليون إنسان فلسطيني إلى ظروف مُهلكة وقاتلة لهم من خلال قطع الماء والكهرباء والوقود والدواء والغذاء كليًا عنهم".

وأضاف العكلوك: "اليوم يشهد العالم الظالم المُصاب بالشلل قتل الأطفال وإحراق أجسادهم الطرية بالمئات، وقتل النساء والشيوخ، بألف طن من المتفجرات تلقيها إسرائيل على الأحياء السكنية الفلسطينية يوميًا.
واليوم يرى المجتمع الدولي الأعور الأحمق المُخدر بالرواية الإسرائيلية الكاذبة، تهجير قسري لمليون وثلاثمئة ألف إنسان فلسطيني من شمال غزة إلى جنوبها، يُجبرون على النزوح إلى أماكن غير آمنة ولا تخضع لأي نوع من الحماية، لا بل تقصفهم إسرائيل في رحلة النزوح وفي الأماكن التي هُجروا إليها دون أدنى رحمة أو إنسانية".

وتابع قائلًا: "واليوم يوم أسود مظلم قاتم مأساوي لا يوصف بالكلمات، ولكنه بالتأكيد يضع وصمة عار أبدية في جبين هذا العالم الذي يدعي المدنية والحضارة وحقوق الإنسان والقانون الدولي، ويصمت على إنذار المستشفايات بالإخلاء وهي مليئة بجثث الشهداء والمصابين، وتهدد بل تقصف سيارات الإسعاف والطواقم الطبية. هل تتصورون أن مشافي قطاع غزة المحاصر منذ 16 عام تستطيع أن تتعامل مع 2400 شهيد وقرابة 10 آلاف مصاب، خلال 8 آيام فقط، وذلك تحت وطأة قطع الماء والكهرباء والوقود، هل تعلمون بأن الشهداء أصبحوا يوضعوا في ثلاجات الآيس كريم، هل تعلمون بأن الطواقم الطبية أصبحت تفاضل بين الجرحى من يمكن إنقاذه ومن لا يمكن ذلك!". 

ومضى يقول: "اليوم نحن أتعس حظًا ممن شهد الكوارث الطبيعية والحرب العالمية، ونحن نرى على الهواء مباشرة أطفال فلسطين يحرقون يحرقون يحرقون بلا هوادة، على أساس أنهم ليسوا بشرًا بل وحوش بشرية كما وصفهم ظلمًا وعدوانًا وعنصرية، قادة الفصل العنصري والإجرام الإسرائيلي. والأظلم والأشد مرارة هو أن يُوصف هذا الإجرام بحق إسرائيل القائمة بالعدوان والاحتلال والإجرام، بأنه دفاع عن النفس، بينما يُنكر هذا الحق على الشعب الفلسطيني، بل يُسمى بالعنف والإرهاب. ما هذه الغفلة العنصرية التمييزية الظلامية التي يعيش فيها العالم!".

وقال العكلوك أيضًا: "اليوم بات العالم بين عاجز لا يستطيع الدفاع عن الإنسانية التي تُذبح في غزة، وبين خاضع للرؤية العنصرية الإسرائيلية لحقوق الإنسان، والتي ترى بأنه لا بأس أن يقتل أطفال فلسطين ويُحرقوا وتقطع أوصالهم وتدمر منازلهم، ولكن إذا قتل مدنيون إسرائيليون تقوم الدنيا ولا تقعد، وتُحرك الأساطيل، ويتم شيطنة الفلسطيني. هذه الرؤية أسوء من مجرد معايير مزدوجة ولكنها رؤية عنصرية تمامًا".

وأردف قائلًا: "من رأى منكم مجازراً ترتكب بحق المدنيين الإسرائيليين؟ من رأى منكم أطفالاً إسرائيليين تُقطع رؤسهم؟ من رأى منكم نساءً إسرائيليات يُغتصبن؟ هكذا كذب نتنياهو وجنوده دون دليل، وهكذا صدق الجاهلون المنحازون، وثم تراجع البيت الأبيض عن بعض الإفك والافتراء. ولكنكم إذا أردتم أن تروا أطفالاً يُحرقون، فافتحوا شاشات التلفزيون الآن وسترون ذلك على الهواء مباشرة. اليوم تخوض إسرائيل وحلفاءها حرباً انتقامية لا دليل لها إلا كذب وافتراء تعودنا عليه من نتنياهو وجنوده".

وواصل حديثه: "نحن اليوم في اجتماع يخص اللاجئين، نشهد مخططاً إسرائيلياً محكماً لافتعال أزمة لاجئين جديدة ومركبة من خلال دفع 2.3 مليون فلسطيني للهجرة واللجوء، وإننا من هنا نحذر بأن هذا تكرار لسيناريو النكبة، نكبة فلسطين التي هُجر حينها مليون عربي فلسطيني تحت وطأة المجازر وإرهاب العصابات الصهيونية عامي 1947 و1948، وإننا نحذر أن ذلك إن حدث لا قدر الله، فإن آثاره وتبعاته ستعاني منها المنطقة لعقود طويلة قادمة".

وأوضح أن "70% من الشعب الفلسطيني في غزة هم من اللاجئين الذين هُجروا في النكبة، والشعب الفلسطيني لا يريد الهجرة مرة جديدة، بل يريد أن يعيش بكرامة وحرية فوق أرضه الفلسطينية. وإننا هنا نشيد بموقف جمهورية مصر العربية التي اعتبرت أن تهجير الشعب الفلسطيني إلى سيناء خط أحمر لا يمكن القبول بتجاوزه، وإننا ندعم الأشقاء في مصر بالتصدي لمثل هذا المخطط الشيطاني الذي يُقصد منه تهجير الشعب الفلسطيني والقضاء نهائياً على القضية الفلسطينية".

وأكمل قائلًا: "إننا من هنا، نحمل إسرائيل، نظام الفصل العنصري وقوة الاحتلال الغاشمة، المسؤولية الكاملة عن جرائمها من قتل المدنيين والأطفال والنساء إلى العقاب الجماعي وتدمير الأحياء السكنية، إلى التهجير القسري لمئات آلاف الفلسطينيين، إلى جريمة الإبادة الجماعية. وإننا نحمل من يدعم ويحمي ويبرر الجرائم الإسرائيلية المسؤولية الإنسانية والقانونية عن جريمة حماية المجرم. وإننا نحمل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية المسؤولية عن تقاعسه في تنفيذ التحقيق الجنائي الذي فتحته المحكمة في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها وترتكبها إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين. ونحمل الدول الأطراف السامية في اتفاقية جنيف الرابعة المعنية بحماية المدنيين أثناء الحرب والاحتلال المسؤولية التضامنية عن إنفاذ قواعد هذه الاتفاقية في فلسطين. وإننا نحمل الأمين العام للأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها المسؤولية عن تنفيذ قرارات حماية المدنيين الفلسطينيين، وإدراج إسرائيل وجيش العدوان العنصري الإسرائيلي على اللائحة السوداء (لائحة العار) لمنتهكي حقوق الأطفال. فمزيد من الإفلات من العقاب والحصانة لإسرائيل، تعني مزيد من الجرائم والقتل والحرق والتدمير. وإننا من هنا نحمّل أشقاءنا العرب وأصدقاء الشعب الفلسطيني مسؤولية حماية الشعب الفلسطيني من الإبادة التي يتعرض لها، في الوقت الذي تُطلق فيه يد الإجرام العنصرية الإسرائيلية دون أي ضوابط، فهذه مسؤولية قومية إنسانية دينية يجب أن يتحملها الجميع اليوم وللتاريخ".

وختم العكلوك كلمته: "نقول هذا ونحن نؤمن بعدالة قضيتنا وبقوة شعبنا وبالقضاء والقدر خيره وشره، ونؤكد لعدونا الإسرائيلي العنصري الذي لا يملك أي قدر من الرحمة والإنسانية، بأن هذا العالم الظالم الأعمى الأخرس الأطرش المشلول، سيتغير يوماً ما، لعله يكون قريباً، وسيخرج هذا العالم من عصور الظلام والجهل، وسيرى هذا العالم النور مرة أخرى، لعله يكون قريباً، وسيتخلص هذا العالم من التفرقة العنصرية بين إنسان وإنسان، بين طفل وطفل، بين عرق وعرق، بين دين ودين، لعله يكون قريباً، وسيُقاد المُجرمون إلى المحاكم والسجون الدولية، وسيُنصف الضحايا الفلسطينيون ووالضحايا الأبرياء في كل مكان، وسيمارس الشعب الفلسطيني حقوقه في الحرية وتقرير المصير والاستقلال والعودة، لعله يكون قريباً. حينها وفقط حينها سيكون العالم مكاناً أفضل مما هو عليه اليوم، وسيشهد المحظوظون منا هذا التغيير، لعله يكون قريبًا".