مخاوف من اندلاع صراع واسع النطاق فى الشرق الأوسط

حصار وقصف غزة.. تكرار لنهج فاشل

اندلاع صراع واسع النطاق فى الشرق الأوسط
اندلاع صراع واسع النطاق فى الشرق الأوسط

مروى حسن حسين - سميحة شتا

من الدعم العسكرى الجديد الذى يقدمه البيت الأبيض لإسرائيل إلى الاجتماعات الطارئة فى جميع أنحاء العواصم الأوروبية، إلى استجابة الاتحاد الأوروبى المتخبطة للأزمة، يتصارع حلفاء الناتو مع شعور متجدد بالإلحاح بشأن الصراع الإسرائيلى الفلسطيني.

وتساؤلات حول ما إذا كان بإمكان واشنطن زيادة المساعدات الدفاعية لإسرائيل دون تعريض المساعدات لأوكرانيا للخطر.

 يصر مسئولو إدارة بايدن على أن واشنطن يمكنها القيام بالأمرين معا ، لكنهم يعترفون بأنه ستكون هناك تحديات.  ووسط رفض عربى قاطع لدعوات التهجير القسرى للشعب الفلسطينى التى تطلقها  قوات الاحتلال الإسرائيلى  وتدعمها واشنطن وحلفاؤها  تتعرض غزة للمزيد من القصف والدمار يصحبه سقوط آلاف الشهداء والمصابين  ويقول خبراء إن تصاعد التوتر فى الشرق الأوسط قد يعرض المصالح الأمريكية للخطر على المدى الطويل.

ورغم أنه ليست هناك مؤشرات بعد على نية دخول الولايات المتحدة فى هذه الحرب بشكل مباشر، أثارت تصريحات مسئوليها ورسائلهم تساؤلات عن الدور الذى قد تلعبه الحليفة الوثيقة لإسرائيل فى حال نشوب سيناريو حرب الجبهات المتعددة.

 فى الوقت الذى يواصل جيش الاحتلال القصف المجنون وغير الإنسانى لقطاع غزة بغطاء أمريكى وغربى منذ عملية «طوفان الأقصى» التى أطلقتها المقاومة الفلسطينية يوم السابع من أكتوبر الماضى، يتوقع المراقبون حدوث نكبة جديدة للفلسطينيين ستكون أسوأ من نكبة 1948.

  صحيفة فورين بولسى الامريكية ترى أن القصف غير المسبوق فى عنفه وسعاره، هو الأحدث فى سلسلة طويلة من مثل هذه الجرائم على مدى العقدين الماضيين. حيث وقعت هجمات إسرائيلية كبرى على القطاع  فى أعوام 2006 و2008 و2010 و2012 و2014 و2018 و2021، أى كل عامين تقريباً. حيث تتبع إسرائيل استراتيجية «قص العشب»، وهى عبارة تستخدمها لوصف القصف الدورى للفلسطينيين فى المنطقة لإبعاد المقاومة المسلحة. ولكن فى كل مرة تقول إسرائيل إنها ستقوم بإضعاف وتدمير قدرات المقاومين فى غزة، سرعان ما يثبت هؤلاء أنهم قادرون على توسيع وزيادة قدراتهم. 
وكان استعراض هذه القدرات هذا الأسبوع واسع النطاق، لدرجة أنه تسبَّب فى ذهولٍ لخبراء الاستخبارات. 

وتشير أحداث الأيام الأخيرة بوضوح إلى فشل الجهود العسكرية الإسرائيلية. ولا يرجع ذلك إلى الافتقار إلى المحاولة؛ فقد جلبت الحملات العسكرية الإسرائيلية فى غزة الموت والدمار على سكانها المحاصرين لسنوات. وفى كل مرة تقتل  إسرائيل مقاتلين فلسطينيين، تقتل آلافا آخرين من المدنيين الفلسطينيين.

ورغم أن النهج العسكرى الذى اتبعته إسرائيل فى التعامل مع غزة كان بمثابة فشل ذريع، إلا أنها  تكرر النهج الفاشل نفسه، حيث هدد رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بالفعل من أنه «سيحول جميع مخابئ حماس إلى ركام».

 تحظى الحملة الانتقامية المسعورة للاحتلال بتأييد غير مسبوق من قبل حلفائها الغربيين، وبخاصة الولايات المتحدة. وبالنسبة للفلسطينيين، فإن هذا لا يعنى إلا أن يكونوا ضحايا لمجازر اعتادوها لكنها غير مسبوقة هذه المرة، حسبما تقول الأمم المتحدة.

ورغم أن إسرائيل احتلت الأراضى الفلسطينية لأكثر من نصف قرن، فقد  بلغ العنف الإسرائيلى ضد الفلسطينيين مستويات غير مسبوقة فى السنوات الأخيرة. وتوصلت جماعات حقوق الإنسان الدولية والإسرائيلية والفلسطينية إلى أن إسرائيل ترتكب جريمة الفصل العنصرى ضد الفلسطينيين، وقالت الأمم المتحدة إن عام 2022 كان العام الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة للفلسطينيين الذين قُتلوا فى الضفة الغربية على يد القوات الإسرائيلية. 

فمنذ أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو «حالة الحرب» استشهد، حتى مساء الجمعة ، أكثر من 1900 فلسطينى وأصيب  آلاف آخرين، ومن المرجح أن ترتفع هذه الأرقام بشكل كبير، خاصة على الجانب الفلسطيني، مع استمرار الصراع.

وينتشر المستوطنون الإسرائيليون أيضاً فى الضفة الغربية المحتلة، وينفذون هجمات جماعية اعتبرها حتى المسئولون الإسرائيليون «مذابح». والآن يتصاعد الحديث عن «نكبة أخرى» فى فلسطين. كانت النكبة عبارة عن تطهير عرقى جماعى لفلسطين التاريخية عام 1948، عندما تأسست إسرائيل وأُجبر مئات الآلاف من الفلسطينيين على ترك منازلهم والتحول إلى وضع اللاجئين.

معظم سكان غزة اليوم موجودون فى المنطقة بسبب النكبة، ولا يزالون محرومين من العودة إلى منازل أجدادهم فى المناطق التى احتلتها اسرائيل والضفة الغربية.

ويدعو السياسيون الإسرائيليون إلى تطهير الفلسطينيين عرقياً مرة أخرى. لكن من الخطأ الاعتقاد بأن هذا الشعور هو نتاج الهجوم الأخير الذى شنته المقاومة، بحسب تحليل فورين بوليسي. 

أظهر استطلاع للرأى أجراه مركز بيو للأبحاث عام 2016 أن ما يقرب من نصف اليهود الإسرائيليين يريدون طرد العرب أو نقلهم من إسرائيل.  إن العقاب الجماعى لسكان غزة بالكامل واللغة اللاإنسانية التى يستخدمها مسئول الدفاع الإسرائيلى البارز تنذر بالأسوأ على الإطلاق.