سائق التوك توك هشم رأسه بآلة حادة .. المشوار الأخير في حياة «عم محمد»

الضحية
الضحية

الإسكندرية‭: ‬محمد‭ ‬مجلى‭ ‬

  حلم بسيط ظل يرافقه خلال مشوار حياته منذ أن رزقه الله 4 من الأبناء في مراحل عمرية وتعليمية مختلفة؛ وهو أن يراهم فى مكانة متميزة بالحصول على درجات علمية مرموقة ما جعله يصل الليل بالنهار في العمل، إلا أن هذا الحلم تحول إلى كابوس كبير على يد سائق توك توك بعد أن تعدى عليه بالضرب حتى الموت؛ لينهى حياته ويقتل الحلم بداخله ويفقد أبناءه مصدر الرزق الوحيد نحو مصير مجهول، وتبدلت آمالهم في القصاص العادل من المتهم حين يقضي بقية حياته خلف الأسوار.

المشوار الأخير.. كان هذا هو عنوان آخر فصل فى مسيرة حياة عم محمد عبد الرحمن، صاحب الـ 48 عامًا من عمره، والذي ارتدى أبهى ملابسه ليظهر بشكل يليق بمهنته، ودع أبناءه وزوجته متجهًا إلى عمله القريب من مسكنه وعند استيقافه لسائق توك توك بشارع المهداوي لتوصيله إلى عمله وبعد الاتفاق على مكان وصوله تراجع السائق عن اتفاقه وطلب نزوله مع تحصيل الأجرة كاملة إلا أن عم محمد الضحية رفض الامر واعتبر الأمر بلطجة؛ فما كان من السائق إلا أن تعدى عليه بالضرب حتى أنهى حياته أمام سكان شارع المهداوي الكائن بمنطقة المندرة بشرق محافظة الإسكندرية.

داخل البيت

في غرفة عم محمد المليئة بالصور والذكريات مع أفراد أسرته، التقينا زوجته و3 من أبنائه ليروون لنا تفاصيل الواقعة، فقالت السيدة ايمان زوجة المجنى عليه: إن زوجها كان رجلا بمعنى الكلمة وأنه كرس كل حياته لإسعاد أبنائه والعمل على توصيلهم إلى أفضل مكانة اجتماعية نظرًا لحرصه الشديد على مواصلة أولاده تعليمهم الجامعي، موضحة أن ابنتهم الكبرى طالبة في كلية العلوم، وثاني الأبناء طالب فى الثانوية العامة، وشقيقته فى الصف الأول الثانوي وآخر العنقود طفل آخر من زوجة أخرى.

وأضافت الزوجة والدموع تنهمر من عينيها لـ «أخبار الحوادث»: أن زوجها كان يعمل فى إحدى الكافيتريات المعروفة على طريق الكورنيش بمنطقة المندرة شرقي المحافظة منذ 13 سنة وبات من المعروفين لدى الجميع سواء العاملين فى المجال السياحي أو الكافيتريا أو زبائنه الذين حزنوا بشدة بعد خبر وفاته بهذه الصورة الصعبة.

وأضافت الزوجة المكلومة: «محمد كان يعمل من السابعة مساءً حتى الساعة السابعة صباحًا، وأننى اعتدت على إيقاظه في تمام الساعة الخامسة مساءً ليتناول وجبته ثم يجهز نفسه للتوجه إلى عمله»، مضيفة؛ أن يوم الواقعة لم تكن في المنزل وأبلغت نجلها بمتابعة والده حتى لا يفوته موعد العمل وفور قيام محمد من النوم أجرى بها اتصالا هاتفيا وتبادلا الحديث عن طلبات الاولاد والمنزل.                                                                                                                                                                          زوجة الضحية

وتابعت الزوجة قائلة: إن زوجها قام متأخرًا وتوجه إلى عمله، استقل مركبة توك توك لتوصيله إلى شريط السكة الحديد، إلا أن المتهم جاء فى منتصف الطريق وطلب نزوله وتحصيل أجرته كاملة وان زوجها طلب منه استكمال مشواره فرفض السائق وبشدة ونزل من عربته ودون سابق إنذار تعدى عليه بالضرب، مشيرة إلى أن زوجها أمسك به وأكد أنه لن يتركه إلا في قسم الشرطة، فاصطحبه المتهم إلى أحد الشوارع المظلمة ثم أحضر آلة حادة وظل يتعدى عليه حتى فارق الحياة فتجمع عليه سكان الحي وأوسعوه ضربًا، موضحة أن هذه رواية شهود عيان الواقعة.

وقالت زوجته: وهي فى حالة حزن شديدة، انتظر القصاص العادل الذي لا شك عندي في أنه آتِ، موضحة أن زوجها كان معروفًا ومحبوبًا بصورة كبيرة وأنه كان ملتزمًا يصلي ولا يترك فرضًا وقريب من ابنائه يعتبرهم أصدقاءه وكان يدعمهم فى اتخاذ قراراتهم ويحصل على آرائهم في أي أمر يحتاج قرار رغم صغر سنهم.

وأشارت إلى أنه قبل الحادث فاجئنى بأنه يطلب مني مسامحته على أي شيء ارتكبه في حقي واعتبرتها مداعبة وحنان وحب واخلاص شديد لي ولأبنائه الذين هم كل اهتمامه، مؤكدة أن علاقته الطيبة كانت بالجميع، فبعد الحادث تلقت إيمان اتصالات هاتفية من أصحاب جنسيات مختلفة لشدة تعلقهم وحبهم له وأكدوا أنهم غير قادرين على الجلوس أو الذهاب للكافيتريا لعدم وجوده بسبب أخلاقه وحسن معاملته الطيبة.

«بابا صاحبي»

وقال نجل المجنى عليه عبد الرحمن طالب في الثانوية العامة: «والدي رحمة الله عليه كان بمثابة صديقي وأخي الأكبر وكنت أناديه باسمه وأن آخر مرة قبل الحادث حصلت بينهما مداعبة وأنهما غادرا المنزل سويًا؛ اذ توجه والدي إلى عمله»، مضيفًا لم اكن أعلم انه المشوار الأخير لي مع والدي وأنني لن أتمكن من رؤيته ولن يشجعنى مجددًا على ممارسة لعب كرة القدم كحارس مرمى، موضحًا أن والده قد قُتل غدرًا من سائق توك توك بدرجة بلطجي.

وأشار أن شهود العيان شاهدوا الواقعة بالكامل واعتقدوا فى بداية الأمر أنه حديث بين سائق وراكب وخلاف على توصيله واجرة، وأن المتهم تعدى عليه بغل وحقد وانتقام شديد، مؤكدًأ عدم وجود سابق معرفة بين والده المجنى عليه وبين المتهم وأن التحريات الأولية أكدت أنه استخدم آلة حادة لقتله مع سبق الإصرار والترصد.

وأوضح نجل المجني عليه: والدي كان متزوجا من أخرى إلى جانب أمي ولديه طفل يدعى حمزة وأنه كان مسؤولا عن بيتين واسرتين ولم يكن له أي دخل أو تأمينات ويعتمد                  الضحية مع أولاده

على عمله اليومي فإذا غاب يومًا عن عمله يؤثر هذا على طلباتنا ومتطلباتنا، مؤكدا انهم الآن يعانون أشد المعاناة، فقد حرمنا القاتل من الظهر والسند والحماية الى الابد. 

وقالت الطالبة أشرقت الابنة الكبرى، طالبة بكلية العلوم، جامعة الإسكندرية: « راضية بقضاء الله وقدره لكني أشعر بظلم شديد فوالدي كان مثالاللطيبة ومحبوب من الجميع، موضحة أنه بحسب شهود العيان؛ فإن المتهم وجه لوالدي كلمة تثبت أنه قتله مع سبق الإصرار والترصد اذا أنه هدد والدى بعد أن طالبه ابي بالتوجه إلى القسم، وقال له انت لازم تموت وهي عبارة تؤكد اعتزامه التخلص من والدي وأتمنى ان يكون الإعدام مصيره».

وأضافت أشرقت: أن عمي يسكن قريب من الواقعة وأنه تلقى اتصالاً من والدي وقت وقوع الحادث وطالبه بالحضور وخلال فترة وجيزة حضر عمي إلى والدي ووجده غارقًا في دمائه، حاول نقله إلى إحدى المستشفيات لكنه كان قد فارق الحياة. 

وقالت الابنة الصغرى جنى، طالبة في الصف الأول الثانو : «بابا كل حياتي، قبل وفاته ضغطت عليه فى طلباتي والتجهيز للمدرسة واشترى لي كل مستلزمات الدراسة ووعدنى بأنه سيقوم بتوصيلي إلى المدرسة فى أول أيام التحاقي بالصف الأول الثانوي».

وأضافت وهي تبكي بشدة: «بابا وحشنى جداً وأتذكر انه ذات يوم بعد عودته من عمله ووجدنى نائمة طلب من شقيقتى أشرقت أن توقظني من النوم لرغبته فى الحديث معي ودار بيننا حوار طويل، موضحة أنه كان حريص على تلقينا تعاليم الدين وحفظ الآيات القرآنية والعمل بها».

البلاغ

وكان اللواء خالد البروي مساعد وزير الداخلية، تلقى اخطاراً من قسم ثانِ شرطة المنتزه، يفيد بورود بلاغ من الأهالي بقيام سائق توك توك بالتعدي على رجل في العقد الخامس من العمر حتى الموت وذلك بشارع المهداوي، بمنطقة المندرة شرق المحافظة.

على الفور انتقلت الأجهزة الأمنية إلى موقع الحادث وتم العثور على جثة محمد عبدالرحمن، 48 سنة، يعمل فى احدى الكافيتريات، وأن المتهم يدعى رجب .س، وجرى ضبطه والتحقيق معه بمعرفة نيابه المنتزه ثان والتي قررت حبسه على ذمة التحقيق. 

اقرأ أيضًا : «ضربته بالنار ودفنته».. اعترافات المتهم بقتل شاب في نجع حمادي


 

;